Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/05/2009 G Issue 13391
الخميس 04 جمادىالآخرة 1430   العدد  13391
المنشود
التلبينة .. الوجبة الحنونة!!
رقية سليمان الهويريني

 

ما فتئ الإنسان منذ الأزل يبحث عن الغذاء الذي يستمد منه الطاقة ليستطيع العيش، وما انفك ينقب عن الدواء ليعالج العلل التي قد تعترض صحته. والقليل من الأطعمة يمكن أن تكون غذاءً ودواءً للجسد في آن واحد، والنادر من الأغذية يمكنها مداواة النفوس.

ولو تأملنا هدي النبي عليه الصلاة والسلام وإرشاده أمته لعلاج أمراضها وحتى أحزانها نجده في أمور يسيرة وبمتناول يد الغني والفقير على حد سواء. ومن ذلك توجيهه عليه الصلاة والسلام بتناول حساء الشعير أو ما يسمى بالتلبينة لعلاج الاكتئاب والأحزان حيث ورد عنه: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تُذهب ببعض الحزن) وهي حساء يُعد من ملعقتي دقيق الشعير بنخالته، وكوب من الماء أو الحليب، يطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق، ويضاف له العسل. وسميت تلبينة تشبيهاً باللبن في بياضها وسيولتها.

ويعد الشعير منظومة متكاملة من الأدوية الفاعلة. وقد عرفه الإنسان غذاء منذ القدم، بيد أنه لا يرغب بتناوله باعتباره طعام الحيوانات. واستخدم كأحد المشروبات الممزوجة بتركيبات عصرية أخرجته من خصائصه الطبيعية المميزة.

واستعمالات الشعير الطبية أصبحت تنكشف يوماً بعد يوم، ويمكن الاعتماد على خلاصته في علاج الكثير من الأمراض النفسية كالاكتئاب، فقد أثبت الطب الحديث احتواءه على مواد تخفف من حدة الاكتئاب كالبوتاسيوم والماغنسيوم ومضادات الأكسدة وغيرها، ومعظم هذه المواد تجتمع في حبة الشعير التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها تُذهب ببعض الحزن، وكانت عائشة رضي الله عنها توصي بإعطاء التلبينة للمريض والمحزون على الميت، وتقول (والذي نفس محمد بيده أنها لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه بالماء).

ولعل ذلك يؤكد تأثير الشعير على الجهاز العصبي المرتبط بالجهاز الهضمي، ومعلوم الارتباط المزدوج بين القولون والحالة النفسية، حيث إن آلام القولون تسبب التوتر والاكتئاب، كما أن الاكتئاب يتسبب بانتفاخ القولون، ومتى تخلص المرء من آلام القولون ظهر عليه التحسن النفسي. ونخالة الشعير غنية جداً بالألياف غير المنحلة التي تساعد على امتصاص الماء بكميات كبيرة، فتنشِّط الأمعاء وتجعل فضلات القناة الهضمية لينة، فتسهِّل حركتها ومرورها عبر القولون والتخلص منها. وهو ما يقودنا إلى تصديق نتائج الدراسات التي أجريت في هذا المجال وأكدت على دور الشعير في تقليل احتمالات الإصابة بسرطان القولون، فكلما قلَّ بقاء المواد الموجودة مع الفضلات في الأمعاء والمساعدة على نمو السرطان قلَّت احتمالات حدوث أورام سرطانية مستقبلاً، وهذا فعلاً ما يقوم به الشعير؛ لاحتوائه على الألياف التي تسهل انسياب الفضلات وبالتالي تقليل الخطر منها.

وتوصلت الدراسات الحديثة إلى أن المعادن الموجودة في الشعير لها تأثير على الموصِّلات العصبية التي تساعد على التخفيف من حالات الاكتئاب، ومعروف أن الاكتئاب يزيد بشكل ملحوظ عند المرضى الذين تنقصهم هذه المعادن، وكذلك تفعل الفيتامينات والأحماض الأمينية، ومضادات الأكسدة التي يختزنها الشعير بالإضافة إلى الألياف.

وهي دعوة لتناول التلبينة، الوجبة الصباحية الحنونة، فهي أس العافية وأساس الصحة.

rogaia143 @hotmail.Com
ص.ب 260564 الرياض11342



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد