مع كل منجز حضاري يحدث على ضفاف الخليج، يداخلني تفاؤل كبير لربما نتيجة إحساسي بأن أي حدث لا بد أن يكون له تأثير وارتدادات في نطاقه الحيوي، لاسيما أننا والخليج نمثل تقريباً نسيجاً حضارياً وثقافياً متشابها، ونخضع لنفس الظروف التاريخية والبيئية.
عموماً الأحداث تبدو دوماً كأحجار الديمنو عندما تسقط الحجرة الأولى فإنها لا بد أن تسحب الأخيرة في طريقها - وإن أخذت بعض الوقت - ومن هنا كان تفاؤلي على المستوى الخليجي بأمرين معا: الأول وصول الكويتية الرائدة إلى مجلس الأمة، عبر انتخابات شعبية تحيلنا إلى الوعي العميق الذي وصل إليه شعب الكويت، وتجاوزه مرحلة البداوة والتصحر والجهل إلى مرحلة يعي بها أهلية المرأة الكويتية وقوتها وقدرتها على المشاركة في صناعة القرار بنفس الحرفية والقدرة التي تكون لشقيقها الرجل.
الأمر المبهج الآخر هو إلغاء نظام الكفالة في دولة البحرين، واستبداله بقوانين لا تتقاطع مع المواثيق والعهود الدولية.
محليا أعتقد أنه آن الأوان أن يناقش نظام الكفالة لدينا على أكثر من مستوى؛ ليتم إلغاء أو على الأقل استبدال نظام الكفالة بعدد من القوانين التنظيمية التي تلغي الشكل الحالي الذي تفسره بعض منظمات حقوق الإنسان بالعبودية المغلفة.
فالمشهد البعيد الذي تعكسه الصحافة العالمية للمملكة هو مشهد المملكة الصحراوية الغاطسة في غموضها، والنائية بأنظمتها عن المجتمع الدولي، ولعل نظام الكفالة لدينا هو ما يكرس ذلك؛ فامتلاك جواز سفر أي شخص والاحتفاظ به يعتبر في بعض الأنظمة العالمية جريمة!
هذا هو بعض من ملامح نظام الكفالة على المستوى الدولي الخارجي، فلو التفتنا له محليا لوجدنا أن هذا النظام أنتج على هوامشه الكثير من المشاكل والصعوبات التي تستهدف المواطن، وطبقة من أصحاب مكاتب الاستقدام التي أنشأت سوقا على هامش سوق العمالة قائمة على التجارة السوداء واختراق الثغرات المتعددة الموجودة في نظام الكفالة الحالي.
هذا الخلل يعكس ملامح المجتمع الكسول الذي تحولت فيه العمالة المنزلية إلى جزء من المشهد في المنزل السعودي، بل أصبحوا هم أيدينا وأرجلنا التي نتحرك بها.
لكن لو كانت هناك عمالة مدربة تعمل بأجر مقطوع لعدد معين من الساعات في اليوم وتقوم بالعمل المطلوب ومن ثم تغادر، لا بد عندها أن تتقلص الكثير من المشكلات التي تبرز على هامش العمالة المنزلية، وسيكون أبرز الإيجابيات احترام إرادة وكرامة العاملة في العمل في المنزل الذي تريده وفق الساعات التي تناسبها، ومن ناحية أخرى تحرر صاحب العمل من مشاكل لا متناهية تنشأ من الاستقدام والهروب وما هنالك من المشاكل المتداولة في الصحافة وأحاديث المجتمع ويعرفها الجميع.
نرجو بل نأمل أن يجد نظام العمل في البحرين أصديته على المستوى المحلي؛ فجميع المؤشرات المحلية باتت تعكس الحاجة الملحة للنظر في هذا الموضوع ومقاربته بصورة سريعة وحاسمة.