«الجزيرة» - خالد الحارثي:
اختتمت مساء أمس الأربعاء جلسات المؤتمر الوطني للأمن الفكري (المفاهيم والتحديات) وقد خرج المؤتمر بتوصيات أُعلنت عقب انتهاء الجلسة الثالثة التي ترأسها الدكتور عبدالرحمن عبدالعزيزالهدلق مدير الإدارة العامة للأمن الفكري بوزارة الداخلية، وقد قرأ التوصيات الدكتور عبدالرحمن الشهري أمين المؤتمر، وقد اشتملت التوصيات على الآتي: بفضل من الله عز وجل انعقد (المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري: المفاهيم والتحديات) الذي نظمه كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود في الفترة من 22-5-1430هـ حتى 25-5-1430هـ الموافق 17-5-2009 حتى 20-5- 2009م.
وقد حظي برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، وافتتح أعماله نيابة عن خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني ووزير الداخلية. وقد تدارس المشاركون الأبحاث المقدمة للمؤتمر في إحدى عشرة جلسة : تناولت الجلسة الأولى الأمن الفكري: المفاهيم والمحددات والثانية الأمن الفكري: المعالجات الفكرية والثقافية، والثالثة: تأصيل المعالجات الشرعية، والرابعة: الجهود والمبادرات الشرعية، والخامسة: التحديات في المنهج والممارسات، والسادسة: التحديات الإعلامية، والسابعة: الاستراتيجيات والبرامج، والثامنة: الأدوار والمسؤوليات، والتاسعة: المعالجات التربوية والاجتماعية، والعاشرة: تفعيل دور المدرسة، والحادية عشرة: واقع ورؤى. وقد سعى هذا المؤتمر لتحقيق الأهداف التالية:
تعزيز معاني الوسطية والاعتدال وتنمية قيم التسامح الإسلامي. ونشر ثقافة الحوار ونبذ العنف وضع ملامح الإستراتيجية الوطنية للأمن الفكري وتحفيز الباحثين والمهتمين على المشاركة والتفاعل الإيجابي. وقد شارك في أعمال المؤتمر سبعون باحثاً من مختلف دول العالم من كندا والأردن وماليزيا ومصر والسعودية، قدموا ستة وستين بحثاً وورقة عمل تنوعت موضوعاتها لتغطي كل محاور المؤتمر الخمسة. والمشاركون اختتموا أعمال مؤتمرهم أمس الأربعاء 25-5- 1430هـ الموافق 20-5- 2009م وقدموا للوطن والعالم الإسلامي رؤيتهم وتوصيات مؤتمرهم. وقد اتفق المشاركون على الآتي:
أولا: توجيه البرقيات التالية:
- برقية شكر وتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على موافقته ورعايته للمؤتمر وتشجيعه الدائم للحوار وثقافة التسامح على جميع المستويات.
- برقية شكر وتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران على دعمه وتشجيعه للدراسات العلمية والكراسي البحثية في مجالات الوسطية والاعتدال.
- برقية شكر وتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لافتتاحه أعمال المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين وعلى تمويله للكرسي وأنشطته فاستحق معه لقب (أمير الحكمة) لرؤيته وثاقب نظره.
ثانياً: كما اتفق المشاركون على إعلان المبادئ التالية: ان الله عز وجل خلق الإنسان ومكنه من الإدراك، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأعانه على التفكير، وأرسل له الرسل ليقوم الناس بالعدل والقسط. وإن الإسلام دين السلامة والاستقامة، تمثل قيمه ومبادئه النبع الآمن لسلامة الفكر، والسياج الحصين من مزالق الانحراف، والوسطية سمة الدين الكبرى، وهي تضع أساس الاعتدال الحامي من الانحرافات. وإن الانحراف الفكري ظاهرة إنسانية صاحبت المجتمعات في مراحلها المختلفة، حيث شهد العالم انتشار أفكار وهيمنة عقائد عاشت البشرية بسببها الويلات، ومرّت بنكبات اجتماعية واقتصادية وخاضت غمار حروب أهلكت الحرث والنسل. وإن انحرافات التطرف والغلو، أو التفريط والضلال تمثل مصادر تهديد للضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، المال، العرض) التي جاءت الأديان كلها بحفظها ورعايتها وإن المجتمعات المعاصرة تعاني دون استثناء من ظواهر الغلو والتطرف والإرهاب بمختلف أنواعها وأشكالها وليس المجتمع السعودي استثناء من ذلك. مما يوجب تضافر الجهود لتحقيق الأمن الفكري على مختلف المستويات المحلية والعربية والإسلامية والدولية. كما اتفق المشاركون على أن الأمن والاطمئنان على سلامة الفكر وصحة الاعتقاد، وصواب العمل مطلب شرعي، وحاجة نفسية واجتماعية مما يقتضي توافر الجهود الشرعية والتربوية والأمنية والإعلامية والاجتماعية لتحقيق ذلك وإن السعي لنشر مفهوم الأمن الفكري وترسيخه لا يتنافى مع حق الإنسان في التفكير وحريته في التعبير وفق ضوابط الشريعة، والأعراف المعتبرة والمطالبة بالأمن الفكري لا يعني الحجر والتضييق على الحقوق المشروعة في التفكير والتعبير وان الأمن الفكري جزء لا يتجزأ من منظومة كاملة هي التنمية الفكرية وان الاعتقاد السليم والتفكير السوي والاستقرار النفسي أساس كل عمل خيِّر ويستهدف تنمية إنسانية راشدة، فالعمل على تعزيز الفكر الآمن مطلب شرعي وإنساني، ومعالجة الأفكار المنحرفة ضرورة ملحة لضمان أمن الشعوب واستقرارها.
توصيات المؤتمر
وتوصل المشاركون إلى عددٍ من التوصيات منها التوسع في دراسة نظرية الأمن الفكري في الإسلام والعمل على إيجاد وصف منهجي دقيق لمفهوم شامل للأمن الفكري يحد من سوء الفهم مع الأخذ بعين الاعتبار بما يلي التأسيس على مفهوم التنمية الفكرية وتجاوز ردود الأفعال ليكون العمل بناءً تأصيلياً شاملاً، لا يعالج المشكلات الآنية فحسب، بل يحدد مقومات ومتطلبات الفكر الآمن. وعوامل ترسيخه ونشره بين شرائح المجتمع. وتفعيل دور مؤسسات المجتمع الحكومية والمدنية وبيان مسؤولياتها في هذا المجال والعناية بالجوانب التطبيقية وبرامج العمل. وأن يتبنى (كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري) مشروعاً لبناء المفاهيم في ضوء الإسلام بحكم أن ضبط المفاهيم والمصطلحات وتحديدها طريق لتحقيق الأمن الفكري وذلك عبر آليات حصر المفاهيم الرئيسة والألفاظ الشرعية والمصطلحات العلمية ذات الصلة بالفكر من مثل (الوسطية والحرية) أو الألفاظ الشرعية ممن مثل (الجهاد، الولاء والبراء) أو المصطلحات العلمية من مثل: (دار الكفر، ودار الإسلام ). وتشجيع ودعم البحوث والدراسات في مجال الأمن الفكري وترسيخ مقومات الفكر الآمن على أن يتم ذلك في ضوء معايير وضوابط تأخذ في الاعتبار تأكيد البحث عن العوامل الجوهرية المعززة والمهددة للأمن الفكري بمراعاة العوامل الثقافية والاجتماعية والإعلامية والاقتصادية والسياسية. وتحديد مقومات ومتطلبات الفكر الآمن وعوامل ترسيخه ونشره بين شرائح المجتمع. والتعرف على مصادر ومناهج الفكر المنحرف: أسباب الانتشار والانجذاب والعزوف والانحسار - المحاذير والمخاطر - سبل الحد من جاذبيته - التحصين والحصانة للإيجابي والسلبي من الأفكار والبحث في توفير مداخل نظرية لفهم ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف لمفهومه الشامل والإرهاب كانحرافات فكرية يتم مراعاتها كركائز أساسية لصياغة أي إستراتيجية والسعي لنشر فقه الائتلاف وفقه الاختلاف والتبصير به كسنة اجتماعية في حياة الأمم والشعوب عبر تطبيق آليات عقد حلقات نقاش وورش عمل تدريبية خاصة بالطلاب والطالبات في مستويات التعليم المختلفة. وإعداد وتنفيذ محاضرات وندوات وتفعيل دور المذياع والتلفاز والوسائط الإلكترونية ومن التوصيات كذلك التوظيف الأمثل لوسائل الإعلام واستثمار وسائل الإعلام الجديدة لنشر الفكر الآمن.