Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/05/2009 G Issue 13384
الخميس 26 جمادى الأول 1430   العدد  13384
(الجزء الثاني)
اختراقات قوية لرجال المكافحة تفكك العديد من الشبكات الخطيرة

 

الجزيرة - سعود الشيباني:

تظل الحياة الكريمة مطلباً ضرورياً لكل فرد، بوصفها السبيل للعيش بهناء وسعادة غامرة، ولذا فإن من الطبيعي أن يكون الأفراد في مجتمعنا السعودي حريصين على الوصول لذلك لإسعاد أنفسهم وأهليهم وأبنائهم. ومن هنا فإن ثمة شيئاً تزهو به النفوس وتسعد به القلوب وتنشرح له الصدور، لأنه يتعلق بتحقيق مكونات تلك الحياة السعيدة وما تتطلبه من اهتمام الفرد بصحة نفسه وأبنائه وأقاربه ونمو الوشائج الأسرية بين الأفراد في المجتمع.. في جو سليم وصحيح دون أن يكدر صفو ذلك خطأ من أي فرد أو سلوك سيئ .. وتأتي آفة المخدرات من أكثر الآفات التي تهدد الكيان الأسري، ولذا فإن الجهود التي تقوم بها المديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية للحفاظ على المجتمع من هذه الآفة وما يترتب على الوقوع فيها واضحة وجلية سواء من خلال العمليات الوقائية.. واحتواء جرائم التهريب والترويج قبل وقوعها أو التعامل معها بعد الكشف عنها.. كل هذه جهود تنطلق برؤى ثاقبة وخطط مدروسة تمتزج بتأهيل جيد للكوادر وخبرة طويلة للعاملين أهلتهم للوصول إلى نجاحات كبيرة بفضل الله تعالى.

وفي مقابل ذلك فإن من الطبيعي أن يكون لهذه الجهود والإنجازات تبعات ومخاطر وتضحيات يتعرض لها أفراد وضباط مكافحة المخدرات ربما لا يعرف عنها الكثيرون سوى بعض ما يتسنى نشره من أخبار..

هذه المخاطر كثيراً ما تقود إلى تقديم الأرواح في سبيل الواجب ولأجل حماية المجتمع من مخاطر هذه السموم المدمرة.. عبر جهود رجال المديرية العامة لمكافحة المخدرات في الإطاحة بعصابات التهريب والترويج والمدمنين وتجار السموم القاتلة وعبر المواجهات التي تقع في كثير من الأحيان لحظة القبض على عصابة أو أحد زعماء العصابات والذين عادة ما يكونون على درجة كبيرة من التسلح من أجل المحاولة لإرباك عمل أجهزة المكافحة والدفاع عن أنفسهم في لحظات يائسة من حياتهم سيئة السيرة.

في هذه الحلقات نعرض لجانب من جهود أولئك الرجال الأشاوس وكيف استطاعوا التعامل مع تلك القضايا برغم خطورة المواقف وصعوبتها.

نصب وتسلح:

مفكرة رجال مكافحة المخدرات زاخرة بكل ما هو مثير في هذا الجانب ومليئة أيضاً بما يؤسف له وما هو مخجل من بعض أبناء هذا البلد الطيب الذين يصبون جام حقدهم على المجتمع ولا يتورعون من إشهار السلاح في وجه أفراد مكافحة المخدرات الذين هم صمام الأمان للمجتمع من مخاطر هذه الآفات المدمرة.

من هذه الوقائع أن رجلاً جاء إلى إدارة مكافحة المخدرات على أنه متعاون أو مواطن مخلص يريد الإبلاغ عن أحد المروجين بل أحد كبار تجار المخدرات وتم التعامل معه بالحكمة المطلوبة وحدد مكاناً وزماناً معيناً للقاء مع المروج وأكد لهم أن الرجل قد يكون مسلحاً فلابد من أخذ الحيطة والحذر وذلك بغرض إيهام مكافحة المخدرات وتوجيه أنظارها تجاه المروج المزعوم وعدم الالتفات إلى أي حدث آخر.

بعد ساعة من تحديد الموقع وتحديد ساعة الصفر وصل لإدارة مكافحة المخدرات بلاغ بأن شخصاً سيقوم بتسليم كمية من المخدرات في مكان ما، فتحركت قوة إلى مكان البلاغ الأخير وتابعت قوة أخرى موضوع البلاغ الأول وتم التعامل مع الحدثين بدرجة عالية من الجدية والجاهزية وعند حلول ساعة الصفر عند موقع البلاغ الثاني تمت مداهمة الموقع فإذا بالشخص المروج هو ذات الشخص الذي قدم بلاغاً ضد مروج كبير وأخذ يماطل في تحديد الموعد بحجة أن المروج ربما يكون مسلحاً فقد كان يريد أن يربك خطط إدارة مكافحة المخدرات ويحاول ايهامهم بوجود مروج خطير حتى تتجه إليه الأنظار ويجد هو الفرصة لترويج ما عنده بعيداً عن أعين المكافحة لكن الله فضحه وانكشف أمره وعند مداهمة المكان حاول المقاومة مستخدماً السلاح الذي كان بحوزته لكن تمت السيطرة عليه بعد مقاومة دون خسائر بفضل الله تعالى.

يوجه مسدسه لرأس الضابط:

وفي حادثة أخرى ومكان آخر يظل الإجرام هو الإجرام والمخدرات هي الآفة المدمرة فقد عاش ضابط مكافحة المخدرات لحظات مواجهة فيها من الخطورة ما يعكس مدى الجهد الذي يقدمه هؤلاء الرجال ومدى المخاطر التي يتعرضون لها.

إذ وردت معلومات إلى جهات المكافحة بوجود أشخاص يقومون بترويج المخدرات فأعدت المكافحة خطة للمداهمة وحددت ساعة الصفر، وحين كان سيتم إلقاء القبض على العصابة قام أحدهم بتوجيه سلاح مسدسه في مواجهة رأس الضابط بشكل مفاجئ لرجال مكافحة المخدرات وهو يقول: ارجع وان لم تفعل فسيصبح أبناؤك أيتاماً.. هنا استخدم الضابط ومن معه أسلوب الحكمة والمرونة والذكاء فعملوا على تهدئة الموقف ثم نشب عراك عند مدخل المنزل وبعد السيطرة على الموقف اتضح أن بقية أفراد العصابة كانوا يحاولون استغلال الوقت ليقوموا بمحاولة سكب كمية من حبوب الكبتاجون التي بحوزتهم عبر منور دورة المياه لكن رجال المكافحة كانوا على درجة من اليقظة والمتابعة الدقيقة فلاحظوا الأمر وعثروا على (13400) حبة كبتاجون كانت جاهزة للترويج.

قناص أمني:

من نعم الله العديدة على هذه البلاد وأهلها درجة التأهيل والتدريب العالية التي يحظى بها المنتسبون لأجهزة مكافحة المخدرات والأجهزة الأخرى بالاضافة إلى المهارات الفردية سواء على الصعيد التقني أو من ناحية اكتساب لغات أجنبية أو القدرة على التصويب على الهدف من نقطة بعيدة وغير لك من المهارات التي يتمتع بها أفراد مكافحة المخدرات.

لذا فحينما وردت معلومات بأن هناك عصابة ستقوم بتسليم أحد المخبرين كمية من المخدرات على أنه مدمن يريد الحصول على كمية من المخدرات، وضعت كل الترتيبات اللازمة لتطويق المكان لا سيما بعد معرفة الزمان المحدد لذلك، غير أن عصابة الترويج كانت تغير الموعد والمكان كل فترة خوفاً من الوقوع في كمين المكافحة وهذا ديدن الكثير من عصابات الترويج بعد الاختراقات العديدة التي أحدثتها قوات مكافحة المخدرات في صفوف هذه العصابات.

وبعد ست ساعات من الانتظار وتغيير المكان والموعد جاؤوا لتسليم الكمية وتقدم الشخص المستلم للمخدرات لتسليم المبالغ المتفق عليها وكان ضابطاً بإدارة مكافحة المخدرات فعرف الشخص المروج ذلك الضابط وناداه باسمه أنت الضابط فلان؟ هنا قفز أحد المرافقين على الشخص المرافق الذي تعرف على الضابط وأمسك به والثالث هرب ولحق به أحد الضباط في حين كان الضابط في عراك مع زعيم العصابة الذي كان مسلحاً حيث تواجها كل من الضابط (قائد العملية) وزعيم المروجين بالأسلحة.. كل يشهر سلاحه في وجه الآخر مهدداً وكان المروج يريد تهدئة الموقف حتى ينجو هرباً قبل أن يطلق الضابط عليه النار في هذه اللحظات كانت احدى الدوريات الأمنية تعبر أحد الجسور على مسافة من المشهد وبتنسيق أمني رأى رجل الأمن من داخل سيارته ما يدور بين الضابط والمروج وكان قناصاً ماهراً فأطلق رصاصة من سلاحه على المسدس وأسقطه من يد المروج وتمت السيطرة عليه بكل سهولة وانتهى المشهد بهذه المهارة العالية والقدرة على التصويب من مكان بعيد وألقي القبض على كل أفراد العصابة.

مروج ليلة زفافه

من الشقاء أن تحول بيدك أسعد يوم في حياتك إلى تعاسة وشقاء ونهاية حزينة في يوم فرحك وتقتل الفرحة في نفس أقرب الناس إليك.. هذا ما كان من أمر أحد الشباب الذي توهم أنه عبقري وأنه أتى في مضمار الترويج بما لم تستطعه الأوائل.. فلم يعمل حسابا لزوجته ولا لأهله بل حتى لنفسه وأراد أن يتحدى خطط ومتابعة وكياسة رجال مكافحة المخدرات.. فعمد إلى الترويج ليلة عرسه.. وحيث إنه كان من المدمنين والمروجين فقد كان متوقعا أن يستفيد حتى من هذه اللحظات التي قد يتوقع البعض فيها أن عين الأمن قد تغض الطرف أو تغفل، ولذا كان موضوعا تحت المراقبة بما في ذلك ليلة عرسه إذ لم يخرج من دائرة المراقبة والمتابعة، لا سيما وأن دوائر المكافحة تركز كثيرا على مدى وجود خطر يهدد أمن أفراد المجتمع عبر ترويج المخدرات في أي وقت وأي مكان وفي أي مناسبة وعبر أي شخص..

كان العريس المروج على اتصال مع أحد الأشخاص لترويج كمية من المخدرات ليلة زواجه بسيارة الزفاف التي لا يتوقع أحد أن يتم تفتيشها خصوصا وأن معه عروسه داخل السيارة ووضع خطته أن تكون الكمية المراد ترويجها في شنطة السيارة ويأخذ العريس زوجته من قصر الأفراح إلى الفندق ويكون أصحابه قد حجزا له في الفندق وبعد دخول الفندق تأخذ العصابة السيارة إلى إحدى الشقق السكنية التابعة لها وهناك يتم توزيع المخدرات وكان العريس قد اتفق مع عصابته أن يمضي ساعة واحدة مع العروسة ثم يعود إليهم ليباشر توزيع السموم بنفسه.

القريبون من العريس وأهل العروس لم يكونوا على دراية بأمر إدمانه وترويجه المخدرات فكانوا في قمة الفرح لكنه لم يراع مشاعرهم ولا مشاعر العروس في ليلة العمر فاستغل الزفة والموكب للتمويه لكنه كان تحت الرقابة التامة من أفراد مكافحة المخدرات.

وعندما وصل إلى الفندق وترك السيارة (المشبوهة) في المواقف وصعد مع عروسه إلى الغرفة تولى رفاقه من العصابة أخذ السيارة إلى الشقة وتمت مراقبتهم ومداهمتهم في الوقت المناسب أما العريس فقد أمضى ساعة واحدة مع عروسته كما وعد تماما وجاء ليتولى توزيع المخدرات في ليلة العمر وتم القبض عليهم جميعا وفي مقدمتهم العريس المروج أما العروسة الضحية فقد تم إبلاغ أهلها بأن العريس مدمن ومروج وأن عليهم الحضور لاستلام ابنتهم وهكذا كانت نهاية هذا المغامر الذي تجرأ على ترويج المخدرات ليلة زفافه.

أورد ابنه موارد الفساد

حينما تأتي المأساة من رب الأسرة وهو الذي كان يفترض فيه أن يكون حاميا لها، فإن الذهول والإحباط لابد وأن يكونا سيدا الموقف.. ولأن ذلك قليل في مجتمعاتنا بفضل الله تعالى يظل الشعور بالغضب والاستغراب لدى كل من يستمع لقصة واحدة من قصص أولئك الذي كانوا يتاجرون بعرضهم وأبنائهم وزوجاتهم..

ودون شك فإن ذلك لن يحدث إلا عندما يسلم أولئك أنفسهم الضعيفة للهوى والشيطان هكذا كان حال أحد المواطنين الذين ابتلوا بالإدمان وكان لديه ولد على قدر من الوسامة الملفتة للنظر فأوقعه في حبائل الإدمان منذ سن الثالثة عشرة وعندما بلغ السادسة عشرة صار يستخدمه لجلب المخدرات من المروجين بعد أن فقد الأب وظيفته بسبب الإدمان طبعا ونفدت أمواله فلم يجد أمامه إلا أن يعرض ابنه للمروجين ليهتكوا عرضه ويمارسوا معه الرذيلة مقابل الحصول على السموم القاتلة..

ظل هذا الأمر في طي الكتمان وكذلك ظلت العلاقة المشبوهة السيئة بين الولد المراهق وبين المجرمين المروجين الفاسقين، حتى أراد الله أن يكشف أمره، إذ تم ضبط هذا الابن متلبسا بحيازة المخدرات داخل المدرسة.

والقصة أن هذا الابن المدمن كان يؤدي ذات مرة في حصة الرياضة في المدرسة بعض التمارين الرياضية فسقطت من جيبه سيجارة غريبة لا تشبه أنواع السجائر المألوفة لدى الناس فتم ضبط الطالب وما عثر عليه بحوزته واستدعيت فرقة مكافحة المخدرات فأكدوا أنها نوع من أنواع الحشيش وتم التحقيق مع الشاب فأوضح أن أباه هو السبب فهو الذي علمه الإدمان وأخذ يقدمه للمروجين المفسدين حتى أوصله إلى ما هو عليه من حال وتم القبض على والد الطالب (المدمن) وعن طريقه تمكن رجال المكافحة من الوصول إلى إحدى عصابات ترويج المخدرات أما الطالب الضحية فقد أدخل عيادة العلاج من الإدمان بعد أن جنى عليه والده وأدخله هذا المسلك السيئ الذي فقد بسببه مستقبله الدراسي إنها المخدرات من يسلك طريقها لا يهمه سمعته أو عرضه ولن يفكر أبدا بأن هذا حلال أو حرام.

مروج قاتل

إذا كانت الخمر أم الكبائر فإن المخدرات هي مفتاح الشرور كلها.. ولذا فإن من يدمنها لا يتورع من أن يعمل أي شيء.. بل إن القتل يصبح عنده من أيسر الأشياء فالمروجون يقتلون زميلهم إذا كان في قتله نجاة لهم وعدم انكشاف لأمرهم ومن يوقع السوء بأهله من زوجة وابنة وابن فليس غريبا عليه أن يقتل نفسا لكي ينجو من قبضة مكافحة المخدرات.

فهذه قصة أحد المروجين من جنسية إفريقية كان ضخم الجثة ولديه كمية من الهيروين يريد بيعها ووضع تحت المراقبة الدقيقة وحينما جاءت لحظة التسليم تمت مداهمة الموقع وعند القبض عليه حدث عراك بينه وبين رجال المكافحة فقام بطعن أحد رجال مكافحة المخدرات بسكين كان يحملها فتوفى رجل مكافحة المخدرات في الحال وما كان من الإفريقي المروج إلا أن انفجر في البكاء ولا ندري هل هو بكاء على رجل الأمن الذي استشهد أم هو بكاء من مصيره المحتوم أم هو بكاء التماسيح؟ المهم أنه انهار وانفجر باكيا!!

كبتاجون في المجاري

التخلص من المخدرات هو أول تصرف يلجأ إليه المروجون والمدمنون أملا في عدم القبض عليهم متلبسين بالجريمة مثلما يتخلصون من أقرب الناس إليهم حينما يكون بقاء الروح في المحك.. ذات يوم وردت إلى إدارة مكافحة المخدرات معلومات مؤكدة بوجود كمية من المخدرات لدى أحد المروجين فتمت مراقبة الموقع وبعد التأكد من صحة المعلومات تمت مداهمته وكان بحوزة المروج حوالي (20) ألف حبة كبتاجون وعند دخول فرق مكافحة المخدرات فتحت زوجته الباب فأمسكت بها مفتشة تابعة لإدارة مكافحة المخدرات أما المروج صاحب المنزل فقد قبض عليه وبحوزته كميات هائلة من الكبتاجون ومعه رشاشات ومسدس وذخيرة (50) طلقة في هذه الأثناء استطاعت زوجته أن تفلت للحظات من المفتشة وتدخل دورة المياه لتضع حبوب الكبتاجون في دورة المياه.

برغم ذلك لم ييأس رجال مكافحة المخدرات من العثور على هذه الحبوب المخدرة بل تعقبوها داخل شبكة المجاري وتم استخراج كامل الكمية من داخل شبكة الصرف الصحي.

وتمت السيطرة على الموقف والقبض على المروج وزوجته والتحفظ على كمية المخدرات التي عثر عليها بحوزة المروج.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد