معالي الشيخ محمد بن عبدالله النويصر نجم أفل كان ضوؤه باهراً، ونفعه عميماً، رضع لبان العمل منذ أن كان صغيراً، في وقت عزّ فيه الموظف المتميز، تدرج في العمل، ولنباهته وإخلاصه، وإدراكه لواجبه الوطني أخذ يترقى تدريجياً مع الوقت في أول الأمر في ديوان نائب الملك في مكة، حتى وصل في وقت من الأوقات إلى رابع شخص في هذا الديوان، ثم أصبح ثاني رجل في الديوان، ثم أول رجل عندما أصبح رئيساً للديوان.
***
** واكب -رحمه الله- العمل، وتدرج في درجاته، ومر بحلقاته، فكان بفطنته ونباهته يبني تجاربه حتى أصبح متقناً لعمله بصورة مكنته من الخدمة الحقة، والتصرف المتميز. ورئاسة الديوان الملكي تحتاج إلى أن يكون من يَشرف بها - يتميز بميزات نادرة حتى يستطيع أن يخدم الخدمة التي ترضي ربه ثم رؤساءه.
***
** بقي في عمله مدة غير قصيرة حتى تقدمت به السن، وأصبح العبء ثقيلاً، فلما رأى أنه آن الأوان أن يستريح طلب أن يُعفى، وقد ترك أثراً حميداً في أنفس الذين عرفوه، ولمسوا فيه حب المساعدة، وحسن متابعة عمله بصورة جعلت منه قدوة في الدوائر الأخرى. لا تمر به معاملة صاحبها صاحب حق إلا اطمأن إلى أنها سوف تنتهي بما يرضيه. لقد كان أميناً في عمله -رحمه الله- وفياً له بما يجعله مؤدياً لأغراضه، استفاد من توجيه الملوك الذين خدمهم عن قرب، وأخذ توجيههم، فانصبغ بصبغتهم في خدمة العمل خدمةً تأتي بنفعه الكامل.
***
لقد عاصر الإدارة وهي تتطور في الإدارة الحكومية منذ أيام الملك عبدالعزيز ثم أبنائه من بعده تباعاً، فكان من القلائل من جيله الذين واكبوا التطور، واستفادوا من ارتقاء العمل في الدوائر الحكومية على أثر هذا التطور.
كان طموحاً -رحمه الله- إلى أن يكون عمله متقناً، ولهذا كان يتابع الأمور خطوة خطوة، ومتابعته تأتي بقدر أهمية العمل الذي هو بصدده.
***
رحمه الله رحمة واسعة، وأفسح له في جنته، وقَبِل منه ما قدَّم من أعمال، وما قام به من خدمة، وأعظم الأجر لأبنائه وأهله، وألهمهم الصبر إنه جواد كريم، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.