أجهزة الجوال الحديثة (متروسة) حتى البلعوم بالتقنيات المتنوعة، ويندر أن تخلو من خدمات مثل التصوير والبلوتوث والراديو والملفات الصوتية وغيرها.
ومن العجيب أن الكثيرين لا يستفيدون جدياً من هذه التقنيات، ولو أنني مكانهم لفعلت واحداً من أمرين، فإما أن أبدأ فوراً في استعمال هذه الخدمات للاستمتاع بها والإفادة منها، أو أن أبيع جوالي الحديث غير مأسوف عليه وأشتري بدلاً عنه جوالاً رخيصاً محصوراً في المكالمات الهاتفية دون غيرها.
أبناء الجيل الجديد أكثر شغفاً بالتعامل مع (إضافات) الجوال، فهم يتداولون الرسائل القصيرة ومحتويات البلوتوث، ويستمتعون بالاستماع والمشاهدة لما يحبون، وفوق ذلك يستعملون الجوال في تصفح الإنترنت، ويمارسون اللعب والترويح بالألعاب المخزنة في جوف الجهاز العجيب!
وما دمنا قد ذكرنا الألعاب، فالواضح أن الكثيرين من الكبار (يتكبرون) على هذه الألعاب، وتكاد لا تجد شخصاً في سن الأربعين، أو فوقها، يشغل بعض فراغه في لعبة إلكترونية بتلفونه النقال.
و(التكبر) هنا هو مظهر تبريري خارجي للظاهرة، فهم يقولون إنهم قد كبروا على اللعب والترويح الإلكتروني، وأن عندهم من المشاغل والمسؤوليات ما يلتهم أي فرصة للهو البريء، ولذلك هم بحاجة لاستغلال كل ثانية من وقتهم لكسب العيش وحل معضلات الحياة!
إذا سمعت هؤلاء يقولون ذاك، فتأكد أنهم كاذبون!
فاللهو والمرح والترويح سمة لصيقة بالنفس البشرية، وهي قد تضيق مع تعقد المسؤوليات والمشغوليات والتقدم في السن، لكنها لا تتنحى بالكامل، خصوصاً لدى الأسوياء من الناس. ولذا فإن التبريرات السابقة غير مبلوعة ولا يفوت شططها على ذوي الحجى!
السبب الرئيس لإحجام هؤلاء عن ألعاب الجوال هو تأثر بصرهم بالرؤية القريبة، وهي ظاهرة طبيعية تصيب الناس بعد الأربعين، فتقل قدرتهم على الرؤية المريحة للأشياء الدقيقة القريبة. ولذلك فإن ألعاب الجوال ترهق بصرهم وتعكنن مزاجهم، فيهربون منها بذريعة المشغولية وعدم وجود أي وقت فراغ.
نصيحتي لهؤلاء، وأنا من فئاتهم العمرية، أن يواجهوا المشكلة بدلاً من التهرب منها، وأن يستعينوا بالنظارات بدلاً من التبريرات، أو أن يبيعوا جوالاتهم الحديثة ويشتروا أخرى تقليدية، فيوفروا دراهمهم، ويرتاحوا من التبريرات المضحكة المبكية!
Shatarabi@hotmail.com