لم يكن فوز صاحب السمو الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض بجائزة (أفضل أمين مدينة عربية) للعام 2009 مفاجأة بالنسبة للذين عرفوا الأمير عن كثب، واطلعوا على فكره التنموي ونهجه القيادي عن قرب، كما أنه لن يكون مفاجئًا للذين عرفوا الرياض ماضيًا وحاضرًا، ويعيشون ما شهدته من تحول خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية على كافة الأصعدة في تفاصيل حياتهم اليومية.
لكن المفاجأة التي تصل حد الدهشة هي ما يرتسم على وجوه زوار مدينة الرياض الذين يأتون إليها أول مرة أو يترددون عليها بعد انقطاع عنها لفترات طويلة، فتراهم كأنهم اكتشفوا الرياض من جديد، بحيث لا يكون لهم حديث معك إلا أنهم فوجئوا بمظهرها الحضاري الذي يساير توسعها العمراني جنبًا إلى جنب؛ مما يظهر جليًا في مدى نظافتها وجمال مظهرها وبيئتها الصحية، إضافة إلى توفر مختلف الخدمات (وخاصة الاجتماعية منها) التي تعنى بكل ما يحقق سعادة الإنسان well-being) )من خلال أنسنة المدينة وجعلها المدينة الصديقة للإنسان.
فلو أخذنا بعض الأمثلة البسيطة التي تتجلى فيها بعض هذه المظاهر نجد أن مختلف أرجاء الرياض تزخر بممرات المشي الجميلة المجهزة بكل ما يساعد ويشجع على ممارسة هذه الرياضة الصحية في جو من الراحة والأمان، وأن المساحات الخضراء والزهور تنتشر في كل مكان وعلى جميع الأرصفة، وقل مثل ذلك في المهرجانات من كل نوع الموسمية منها وغير الموسمية؛ إضافة إلى الترفيه بمختلف أشكاله، والأنشطة الثقافية المتنوعة (ربيع الرياض، المسرحيات التي تقيمها الأمانة باستمرار ويتاح دخولها للجميع مجانًا - على سبيل المثال)، ولا تنتهي القائمة بالساحات الشعبية التي أصبحت بمثابة علامة مسجلة باسم مدينة الرياض، والتي تشكل محاضن اجتماعية للعائلات وملتقيات للشباب من مختلف الأعمار بحيث بدأت كافة المدن تقلدها، حتى صارت الرياض - رغم اتساعها والتوسع العمراني الأفقي السريع الذي تشهده - تجسيدًا حقيقيًا لما يعرف بالمدينة الإنسانية بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى؛ على العكس من الصورة المترسخة في الأذهان عن العواصم الكبيرة التي كلما ذُكرت تستدعي إلى الذهن التمدد الكالح بما يصحبه من فوضى، وضعف في الخدمات، وانتشار عشوائي لعلب الإسمنت الرمادية المرصوصة، واكتظاظ للشوارع، وتصاعد للأدخنة، فلا ترى فيها من مظاهر الوجود الإنساني المميز إلا أجسامًا تديرها ماكينة الحياة في دوامة لا تتوقف، تقضي - أو تكاد - على الخصائص الإنسانية للإنسان، بحيث يمكن وصف بعض هذه المدن بأنها ورش عمل أكثر منها مجالا يعمره بشر.
بينما نجد أن الرياض جمعت بين مميزات العاصمة المزدهرة اقتصاديًا، وبين الفضاء الاجتماعي الإنساني النابض بالحياة، وما ذلك إلا من ثمار التخطيط المحكم، والإشراف المباشر مع الفكر التنموي الواعي لسمو أمين الرياض الذي أنتج كل هذا في توازن دقيق وتكامل فذ يأخذ في الحسبان مختلف الحاجات الإنسانية المتطورة والمتحولة في نفس الوقت، ويراعي التوازن البيئي الذي يقع عليه - عادة - أكبر قدر من الظلم حينما يذكر التقدم الحضاري، وبخاصة في محيط المدن الكبيرة.
لا شك أن فوز سمو أمين الرياض بهذه الجائزة (التي - بالمناسبة - ليست الأولى ولن تكون الأخيرة) لم يكن وليد الصدف ولا نتيجة الظروف، وإنما هو ثمرة طبيعية لاثني عشر عامًا من العمل والعطاء والفكر البناء والنشاط الذي لا يهدأ الذي تجسد في مشاريع عملاقة وخدمات مبتكرة يلمس الجميع نتائجها.
مدير جامعة الأمير سلطان