Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/05/2009 G Issue 13379
السبت 21 جمادى الأول 1430   العدد  13379
حول الأزمة العالمية وانعكاسها على الاقتصاد السعودي.. الدكتور سعيد آل شيخ:
انخفض الإقراض العقاري بسبب انخفاض الفائدة.. والمملكة تأثرت بسبب عامل النفط عالمياً

 

الرياض- فيصل الخليل:

اعتبر نائب أول كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي الدكتور سعيد بن عبدالله آل شيخ أن سبب الأزمة العالمية الراهنة يعود إلى انخفاض معدل الفائدة الذي دفع بمعدل الإقراض العقاري إلى الانخفاض، ما سبب بدخول مجموعات كبيرة إلى قطاع الإسكان لتدني مستوى كلفة التمويل، في الوقت الذي بدأت فيه أسعار المساكن إلى الارتفاع فأصبح هناك محفز للداخلين لسوق الإسكان للاقتراض ما دامت الأسعار متجهة إلى الارتفاع وذلك يسمى ب(حقوق ملكية إيجابية)، مشيراً إلى أن الأزمة بدأت في أمريكا بعد انهيار الدوت كوم، فأسعار الفائدة خفضت بشكل سريع جدا وبالذات في الفترة ما بعد عام2000م و2001م، لكن البنك الأمريكي المركزي اضطر إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة سريعة عندما بدأت ملامح التضخم تظهر في الاقتصاد الأمريكي في عام 2005م، ثم ارتفعت كلفة الإقراض بالنسبة للرهن العقاري وهنا بدأت نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة بالتباطؤ وبدأ انخفاض نزول أسعار المساكن، فأصبح هنالك (حقوق ملكية سالبة)، فلا يوجد حافز للاحتفاظ بالمسكن مادامت كلفة القرض أعلى من قيمة المسكن، جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الدكتور سعيد آل شيخ على هامش ملتقى الإنشاءات بالغرفة التجارية بالرياض، متحدثاً عن أزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد السعودي بصفة عامة الذي تأثر بسبب تأثر النفط.

وذكر آل شيخ: إن الأزمة المالية انتقلت من الرهن العقاري إلى القطاع المالي في هذه الفترة، بسبب التوسع في المنتجات المالية والابتكارات المالية بمعنى كانت تدمج الرهون العقارية، من خلال منتجات مالية تسمى (التزامات ضمان الدين) وضعها متدنية الجودة وعالية العائد مع سندات عالية الجودة ومتدنية العائد وبالتالي تصبح هذه المنتجات لها جاذبية في الأسواق سواء الأمريكية أو الدولية ونجد أنه الإصدارات الدولية من الإنتاجيات المهيكلة ارتفعت في عام 2000م من ترليون إلى ثلاثة ترليون دولار في عام 2003م، وحافظت على هذا المستوى حتى عام 2007م، مشيراً إلى أن تعثر المقرضين بدأ عندما بدأت الرهون العقارية تعاني وتتأثر سلبا نتيجة ارتفاع كلفة سداد الإقراض، فأصبحت جزء من هذه الأصول التي تحتويها المنتجات المالية يتعثر ويتدنى قيمته، فبدأت هذه الاستثمارات المهيكلة إما أن تنهار بالكامل أو تنخفض قيمتها بشكل كبير، ومع التوسع في تسويق هذه المنتجات في السوق الأمريكية ثم امتدت إلى الأسواق الأوربية ومن ثم إلى الشرق الأوسط وبالذات في الأسواق الخليجية، وهناك بعض البنوك السعودية والخليجية على موازناتها بعض هذه المنتجات مثل التزامات الدين وضمان القروض والاستثمارات المهيكلة.

كما قال: إن معدل التعثر عن السداد بالنسبة للرهون العقارية كان المتوسط في فترة من الفترات تحت (10%)، وارتفع إلى (22%) بالنسبة للرهون العقارية للربع الأول من عام 2008 م، وهذا الذي فأقم الأزمة المالية عندما بدأت تتعثر هذه الرهون وهي جزء من منتج مالي صار يتعثر، ويقدر صندوق النقد الدولي في آخر إحصائياته الأخيرة عن الخسائر المتوقعة بناء على تسعير السوق الأوراق المالية وقد ذكرت انخفاض القيمة، وقد يكون المنتج يعطي العائد ولكن قيمته انخفضت بشكل كبير، ويقدر البنك الدولي أن الخسارة سوف تصل إلى (1.9 ترليون دولار) حوالي اثنين ترليون بالنسبة لتسعير السوق الإجمالي وحصة البنوك من هذه الخسائر حوالي (1.2ترليون دولار) وبالنسبة للخسائر المتوقعة للقروض للمنتجات المالية أن تصل إلى (2 ترليون دولار) وحصة خسائر البنوك من إجمالي 1.2ترليون دولار بمعنى أن الخسائر المتوقعة للبنوك تصل إلى (2.4 ترليون دولار)، والقطاع المالي ككل سوف يصل إلى أربعة ترليون، لكن قطاع البنوك نحو 2.4 ترليون دولار، فقامت كثير من دول العالم وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بضخ سيولة في النظام النقدي في مواجهة هذه الأزمة المالية يصل حجم ما ضخ إلى ثمانية ترليون دولار، ففي منطقة الخليج ضخت الإمارات العربية 17 مليار دولار، والمملكة ضخت في نهاية العام الماضي 2 مليار دولار في محاولات التخفيف من حدة الأزمة على سوق المال، وبجانب ضخ السيولة المباشر، قامت البنوك المركزية بخفض سعر الفائدة، ومن المتوقع أن تبقى منخفضة حتى نهاية النصف الأول من عام 2010م نتيجة لهذه الأزمة المالية، ومشكلة السيولة أحدثت تذبذب كبير في سوق المال ومؤشر التذبذب ارتفع إلى حد أقصى وصل إلى 60 نقطة وهو أعلى حد وصله، ومن ثم بدء يتحسن، ونتيجة لتذبذب الأسواق المالية أنخفض مؤشرات أسواق المال سواء العالمية أو الأسواق الناشئة (50%) علما أن أسعار السلع كلها تراجعت عام 2008م، أما في الفترة الأخيرة فنشهد تقلب وخصوصا في سعر النحاس، ولكن كلها متجهة إلى التراجع نتيجة ركود الاقتصاد الأمريكي وكذلك اقتصادات الدول الصناعية الأخرى، ويقدر صندوق النقد أن يتراجع الاقتصاد العالم بـ(1.3%)، غير أن الدول الناشئة من المتوقع أن تحقق نموا اقتصاديا إيجابيا ولكن بنحو(2%).

أما فيما يتعلق بالاقتصاد السعودي فقال الدكتور سعيد: إن الاقتصاد السعودي متأثر بأسواق النفط لأنه يمثل (50%) من هذا الاقتصاد بالأسعار الجارية، ويشكل (30%) بالأسعار الحقيقية، فأسعار النفط وصلت قمتها العام الماضي إلى 147دولار للبرميل ولكنها تراجعت بشدة إلى 45 دولار للبرميل، غير أن بقائها عند هذا المستوى لم يحدث إلا بالقرار الذي اتخذته اوبك بخفض إنتاج النفط قرابة أربعة مليون برميل يوميا، أما بالنسبة إلى حجم الإنتاج العام الماضي كان متوسط الإنتاج 9.2مليون برميل يوميا، والعام الحالي متوسط الإنتاج للربع الأول 8.1 مليون برميل نفط يوميا، ما يعني انخفاض مليون برميل يوميا، ما ينعكس على الموازنة في المملكة العام الحالي 2009 م، وقد قدرت التقديرات للميزانية الحالية على متوسط أسعار للنفط على متوسط 36دولار للبرميل، وتقدير الإيرادات النفطية يصل إلى 348مليار ريال وإجمالي الإيرادات 410مليار ريال ووضعت الحكومة ميزانية توسعية للعام الحالي بالمقارنة للميزانية التقديرية وليس الميزانية الفعلية لعام 2008م عند 475مليار ريال، وتوقعت هذه الميزانية أن يكون هناك عجز 65بليون ريال، لكن في ظل التطورات التي حدثت في الربع الأول نجد ان متوسط أسعار النفط يتراوح في الربع الأول 43دولار للبرميل، وأتوقع ان يكون المتوسط للعام الحالي 47دولار للبرميل الواحد مع إنتاج حوالي 8.1 مليون برميل يوميا، ونتوقع ان تكون الإيرادات النفطية أعلى من تقدير الدولة، كما أتوقع أن ينخفض العجز الذي قدرته الدولة من 65 إلى 39 مليار ريال سعودي عندما ينظر إلى الاقتصاد ككل وبالذات تأثير قطاع النفط عليه، فهناك فائض في نظام المدفوعات وفائض الموازنة العامة وتأخذ كنسبة من الناتج المحلي لإجمالي وصلت في عام 2008م الأعلى نحو(32%) الفائض لإجمالي الناتج المحلي ولكن للعام 2009 م، ومن المتوقع أن تكون عجز بالنسبة للموازنة العامة لإجمالي الناتج المحلي (5%) من إجمالي الناتج المحلي وفائض بالحساب الجاري بنسبة بسيطة (2%)، فعندما وضعت الميزانية للعام الحالي كانت متقاربة مع توزيعات الميزانية للعام الماضي حسب القطاعات ولكن تميزت في اختلاف في قطاع التعليم، والملاحظة الأكبر هي المخصصات لصناديق الاعتماد، فنجد أن مخصصات الموازنة كانت أعلى من العام الماضي، ومن المتوقع أن يكون الفعلي أعلى حتى من التقديرات الأولية التي وضعت في الميزانية، وهذا ينعكس إيجابا على الاقتصاد السعودي، علما أنه خلال الخمس سنوات الماضية أخذت السياسة المالية السعودية ثلاث توجهات أولها هو زيادة الإنفاق بنحو (15%) سنويا ومن ثم تحفيز النمو للاقتصاد السعودي غير النفطي والتوجه الثاني استخدام هذه الفوائض لبناء الاحتياطيات على عكس ما كان عليه الوضع في السبعينات والثمانينات، حيث التوجه الثالث للسياسة المالية هو خفض الدين العام، وما يتعلق في النمو الاقتصادي العام الماضي ذكر الدكتور أن النمو الاقتصادي كان بالأسعار الجارية استثنائيا (23%) إجمالي الناتج المحلي، ولكن أحد الأسباب الرئيسة هو نمو قطاع النفط بحوالي (35%) العام الماضي، والقطاعين الخاص الحكومي نمو (8%) من العلم الماضي في العام الحالي المتوقع أن يكون هناك تراجع في قطاع النفط (50%) نتيجة انخفاض الإنتاج والأسعار من متوسط 97إلى 47 دولار للبرميل، أما بالنسبة للقطاع الحكومي من المحتمل أن يكون التراجع بسيط بنسبة (8%) أما القطاع الخاص فالمتوقع أن تراجعه إلى (6%) في العام الحالي بالأسعار الجارية.

كما أشار الدكتور إلى ابرز التحديات التي واجهت الاقتصاد السعودي للعام الماضي كارتباط مستويات التضخم بقطاع الإسكان وارتفاع الأجور ومواد الإنشاء وأيضا بارتفاع أسعار السلع، ولكن مع بداية العام الحالي اتجهت مستويات التضخم إلى الانخفاض نتيجة إلى انخفاض وتباطؤ الطلب وأيضا تراجع أسعار السلع الرئيسة في الأسواق الدولية، أما الصعوبات المستقبلية التي سوف يواجهها الاقتصاد السعودي فذكر الدكتور آل شيخ أنها التمويل وخصوصا أن المملكة اعتمد عامي 2006م و2007م على التمويل الأجنبي الذي دخل في تمويل المشاريع الكبيرة، فإذا تجاوزنا 2009م وبدأ التمويل يرجع في 2010 و2011م وارتفعت مساهمة التمويل المحلي مع توسيع سوق الإصدارات في السعودية سواء في الاكتتابات أو السندات فربما يكون عاما 2012 و2013م استثنائيان، فيكون هنالك تنفيذ مشاريع بقيمة مئة بليون دولار.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد