تأليف - ميهاي شيكسنتميهاي
الهروب من الحرية
سعى الإنسان على مدى تاريخه الطويل إلى البحث المضني عن السعادة، وكان في مسعاه الدؤوب يعتقد أن تمتعه بالمزيد من الحرية سيؤدي به إلى السعادة المنشودة.
ولكن حصول الإنسان على المزيد من الحرية لم يؤد إلى مزيد من السعادة والطمأنينة، كما هو متوقع.
بل أصبحت الحرية في كثير من الأحيان قيدا لأصحابها الذين وجدوا أنفسهم مكبلين في لحظة الاختيار بين المفاضلة بين الكثير من الخيارات والبدائل. صارت الحياة بالنسبة لمعظم الناس نمطا يومياً مكرراً يبدأ كل صباح وينتهي كل مساء بنفس الروتين. فهم يجدون الأيام تمر والأعمار تنقضي كيفما اتفق، فيقضون ثلث حياتهم في النوم، وثلثها الثاني أمام التلفاز أو الكمبيوتر، والثلث الأخير في العمل.
ولكن يحدث أحياناً أن ينفرد الإنسان بنفسه ويتأمل حياته ليكتشف أنه يستحق قدراً أعمق من السعادة وشكلا أصدق من الحرية، وأنه يستطيع أن يضفي معنى جديداً على حياته الرتيبة. ومع ذلك، فما أن يتنسم أحدنا عبير الإحساس الذاتي بالحرية في الحياة الجميلة، بعيداً عن ضنك الحياة اليومية، حتى يعود أدراجه ويحطم مكاسبه وتوقعاته الذاتية بنفسه، لأنه لم يتعود أو ربما لا يريد أن يستمتع بحياته. فيعود إلى حياته الرتيبة قانعاً بضآلة حظه من المشاعر الإيجابية أنت المسؤول: نعم.. أنت المسؤول عن مشاعرك وأحاسيسك ودرجة الحرية التي تستشعرها والسعادة التي تنعم بها. فإذا لم تمسك بزمام حياتك وتوجهها بوعيك، فإن غرائزك ستقودك في رحلة استهلاكية ومادية لا قرار لها.
وستغرك الدنيا بمآربها ومثالبها فتتكالب على تعظيم ثروتك المادية على حساب روحك وعقلك وسعادتك وربما مبادئك. وستفقد مع عدم إدراكك لجمال الحياة وروعتها، ستفقد الاستقرار والإحساس بالأمان.
فتتخلى في نهاية المطاف عن توجيه دفة حياتك والأخذ بزمام أمرك، فلا تعود أنت سيد نفسك.
تشريح الوقت:
الوقت هو أهم موارد الإنسان.
وقديماً قيل: الوقت من ذهب، والوقت كالسيف.
واليوم..
لم يعد الذهب عزيزاً ولا براقاً ولا نادراً.
فصار الوقت كالبورصة أوكالأسهم أو كالمعلومات والإنترنت (أغلى من الذهب).
فالوقت اليوم أغلى من كل شيء: فإذا أردت أن تعرف قيمة العام، فاسأل من رسب في الامتحانات.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الشهر، فاسأل أمَّاً رزقها الله بمولود ناقص النمو.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الأسبوع، فاسأل المحرر الذي يخرج جريدة أسبوعية.
وإذا أردت أن تعرف قيمة اليوم، فاسأل من ستنتهي عطلته غدا.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الدقيقة، فاسأل من فاته القطار.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الثانية، فاسأل سائقا نجا من حادث محقق.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الجزء من الثانية، فاسأل بطلا شارك في سباق المائة متر.
وكما تقوم بتحليل موقفك المالي يمكنك تحليل موقفك من الوقت.
عدد الصفحات:180 pages
الرقم الدولي للكتاب : ISBN: 0-465-04513-8