Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/05/2009 G Issue 13379
السبت 21 جمادى الأول 1430   العدد  13379
فيما أكدوا أنها تمثل عبئاً على القطاع.. مختصون:
ظاهرة التحايل التأميني تنتقل من المركبات إلى التأمين الصحي

 

«الجزيرة» - فهد الشملاني

أبدى مسئولون في بعض شركات التأمين قلقهم من صور الغش والاحتيال التي يمارسها بعض العملاء على الشركات، وبينوا أن الاحتيال في سوق التأمين تحول من تأمين المركبات بعد أن تم تطبيق التأمين على المركبة بدلا من الرخصة إلى التأمين الصحي لاتساع مجال الأخير وعدم وجود معايير دقيقة لهذا النوع من التأمين. مؤكدين انها تمثل عبئا كبيرا على سوق التأمين.

واستدركوا أن تلك الممارسات لم تصل إلى حد الظاهرة، مؤكدين ان الغش والاحتيال في التأمين لم تتوقف لكنه انخفض بشكل واضح مع التنظيمات الأخيرة التي تقنن السوق.

وقال مدير خدمات عملاء في احدى شركات التأمين أنهم لاحظوا من خلال زيارة بعض المستشفيات والمراكز الطبية وجود بعض التحايل في مجال التأمين الطبي يتمثل في رفع تكلفة علاج المرضى وعمل فحوصات وتحاليل طبية كبيرة رغم أن بعض الحالات لا تستدعي مثل هذا الإجراء، مشيرا إلى أنه تم مخاطبة المسئولين في تلك المراكز إلى الاكتفاء بمعالجة المريض وفق ما تتطلبه الحالة.

وبين أن الشركة لاحظت وجود فواتير كبيرة ترد إليها من بعض المستوصفات الصحية وعند مقارنة تكلفة العلاج في مراكز أخرى تبين وجود فرق كبير في مبالغ التعويض وهي تقدم نفس مستوى الخدمة.

وأوضح مسئول في شركة تأمين أخرى أن حالات الغش والاحتيال ترتبط بشكل أساسي إما بأسلوب مقدمي الخدمة أو بسلوك حملة بطاقات التأمين الطبي فأما مقدمو الخدمة فإن أكثرهم لا يمنح للمريض أي نسبة حسم في حالة أن لدى المريض بطاقة تأمين طبية رغم أنهم يقدمون حسومات لباقي المرضى الذين يعالجون على حسابهم، مؤكداً أحقية عملاء شركات التأمين بالحسومات التي تمنحها المراكز الصحية لعملائها كونها إحدى عملاء هذه المراكز، وعلى صعيد العملاء فإن حالات الاحتيال تكمن بتقديم بيانات طبية غير صحيحة أو تكون المعلومات لا تنطبق على المؤهلين للحصول على الخدمة والمطالبة بخدمات علاجية لا تتناسب مع سن وجنس المريض، أو محاولة الاستفادة المادية من خلال فرق تكلفة العلاج.

وعلى الصعيد نفسه أوضح الدكتور فهد الحمود عميد كلية الانظمة والعلوم السياسية أن غياب الضوابط التنظيمية لسوق التأمين السعودية في السابق أدى إلى شيوع كثير من الممارسات الخاطئة والتي يمكن تصنيف كثير منها على أنها ممارسات احتيالية وفق الأعراف التأمينية مما أشاع التحايل في التأمين على الرخصة والتأمين الصحي، وعزز من عمليات التحايل، ودعمها عدم وجود نظام قضائي فعال يحمي الحقوق ويردها لأصحابها.

مؤكدا أن حدة ظاهرة التحايل في السوق السعودية قد خفت مع صدور نظامي الضمان الصحي التعاوني ومراقبة شركات التأمين التعاوني ولاسيما بعد إنشاء مجلس الضمان الصحي التعاوني الذي حاول جاهدا ضبط سوق التأمين الصحي وما أدى إليه نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني.

واستدرك قائلاً: إلا أن التحايل لم يتلاش من السوق لاسيما في التأمين الصحي حيث مازال يبذل مجلس الضمان الصحي مجهودات حثيثة للقضاء عليه. لافتا إلى انه من أبرز صور التحايل بالنسبة للأفراد تكون بتعدد وثائق التأمين التي يبرمها العميل عن الخطر الواحد في تأمين الأموال, ومن ثم يقبض العميل مجموعة التعويضات عن الضرر الواحد وذلك بعدد وثائق التأمين.

من جهته قال الخبير والباحث في شئون التأمين الدكتور مراد زريقات أن الاحتيال يعتبر أحد المعوقات التي تعيق تقدم صناعة التأمين التعاوني ويشكل خطراً كبيراً على كافة القطاعات المالية، حيث تتحمل شركات التأمين وحاملو وثائق التأمين التكاليف المترتبة عن هذا الاحتيال، كما أن الخسائر التي تنتج عن الاحتيال تؤثر على أرباح شركات التأمين وعلى سلامة وضعها المالي.

وبين أن المعالجة العلمية لظاهرة الاحتيال بسوق التأمين السعودي لاتزال في بداياتها نظراً لحداثة هذه السوق من الناحية التنظيمية، حيث صدر قانون تنظيم صناعة التأمين في عام 2004م عن مؤسسة النقد العربي السعودي، بالإضافة إلى وجود بعض الاعتبارات التي تحول مرحلياً في الأقل دون انتشارها مثل قلة عدد الذين لديهم تغطيات تأمينية، ووجود الوازع الديني الذي يحد نسبياً من سلوك بعض المتعاملين مع شركات التأمين، إضافة إلى انخفاض الوعي التأميني بشكل عام وما تتطلبه عمليات الاحتيال من فهم دقيق لقواعد التعامل مع شركات التأمين وتفاصيل وشروط الوثائق. وأشار الى أن تقرير إحدى الشركات التأمينية يوضح أن المطالبات الاحتيالية وقعت في المنطقة الشرقية تليها المنطقة الوسطى بنسبة 40% ثم المنطقة الغربية بنسبة 9% والمنطقة الشمالية بنسبة 2% وتأتي المنطقة الجنوبية في الترتيب الأخير بنسبة 1%، مضيفا أنه من اللافت للنظر أن هناك تحولاً من حيث توزيع المطالبات الاحتيالية على مناطق المملكة خلال عام 2004، فقد شكلت مطالبات الاحتيال التي وقعت في المنطقة الشرقية 63% من إجمالي المطالبات المكتشفة.

وحدد الآثار السلبية على شركات التأمين جراء الاحتيال بأنها تتسبب بكثير من الخسائر المالية نتيجة قيامها بدفع التعويضات المستمرة لمطالبات مالية غير صحيحة أو غير حقيقية، تتراوح نسبتها من 5% ولغاية 10% من التعويضات، واضطرار الشركات لرفع أسعار التأمين على المؤمن لهم من الأفراد أو المؤسسات لتعويض الخسائر وزيادة نسبة الاحتياطات المالية الأمر الذي يسبب خسارة بعض الزبائن نتيجة فقدان التنافسية القائمة على الأسعار.

وإيقاف التعامل لبعض الشركات لإصدار وبيع بعض أنواع التأمين نتيجة لارتفاع تكلفة التعويضات، الأمر الذي يسبب الخلل في الشكل التنظيمي للشركة من ناحية الأنواع التي تعمل فيها.

وكذلك اضطرار شركات التأمين إيقاف التعامل مع بعض مزودي الخدمات الداعمة للخدمة التأمينية كمراكز الصيانة أو الخدمات الطبية من مراكز طبية وصيدليات الأمر الذي يقلل فرص توسيع شبكات الخدمة ما يقلل من المنافسة مع الشركات أو حتى الحصول على أسعار منافسة فكما هو معروف شبكات خدمة أكثر يعني أسعارا تفضيلية أكثر بمعنى كسر الاحتكار من قبل المزودين للخدمات نفسها.

وخفض حجم ونوع الاستثمارات نتيجة لزيادة المدفوعات وقلة المردود المالي، حيث أن شركات التأمين تقوم باستثمار جزء كبير من الأقساط التي تحصل عليها في مشاريع متنوعة من أجل تنويع مصادر دخلها، فالتعويضات التي ستذهب لتسديد مطالبات الاحتيال هي في واقع الأمر جزء من مبالغ الاستثمار.

إضافة إلى الخسائر المعنوية التي ستحصل داخل الشركة نفسها نتيجة للشك وتوجيه اللوم لبعض الموظفين دون غيرهم، الأمر الذي سيسبب اهتزاز ولاء الموظفين في شركتهم وطموحهم وراحتهم النفسية وبالتالي مقدار عطائهم، معربا عن اعتقاده بأن هذه الظاهرة سوف تنتهي مع مرور الوقت كما انحصرت ظواهر الاحتيال في الجوانب التأمينية الأخرى.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد