Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/05/2009 G Issue 13379
السبت 21 جمادى الأول 1430   العدد  13379
رئيس حزب الوطنيين الأحرار مرشح دائرة الشوف دوري شمعون لـ(الجزيرة):
تقصير ولاية رئيس الجمهورية مسّ باتفاق الطائف

 

بيروت - منير الحافي:

لقاء دوري شمعون في مركز حزب (الوطنيين الأحرار) في منطقة السوديكو، يدفعك دون إرادة إلى استرجاع ذكريات مرّت خلال فترة الحرب الأهلية. هذه المنطقة التي كانت منطقة تماس في (المنطقة الشرقية) المسيحية عانت كمثيلاتها (الغربية) الإسلامية. اليوم، تغير المشهد كثيراً، خصوم الأمس أمسوا حلفاء في السياسة وفي الانتخابات. ينطبق الأمر على 14 آذار من جهة، و8 آذار من جهة ثانية. صار الخلاف سياسياً لا طائفياً. اختلط المسلمون بالمسيحيين، وأخذت اللعبة شكلاً آخر. وأحد أشكال اللعبة اليوم الانتخابات النيابية. دوري شمعون مرشح على لائحة وليد جنبلاط وقوى 14 آذار في دائرة الشوف، التي يقابلها لائحة مدعومة من العماد ميشال عون و8 آذار. دوري شمعون من أكثر الأشخاص العاتبين على عون والمتحسسين من مواقفه، التي يراها تساهم في إعطاء حزب الله صك براءة لبنانية، وهو صاحب أجندة (ولاية الفقيه). هذا الموضوع وغيره تناولناه مع شمعون، وفيما يأتي نص المقابلة.

* نبدأ من كلام متجدد لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي حمل صراحة هذه المرة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقال إنه مساهم في مؤامرة ضد عون عندما يسكت عن الدفاع عنه، ويعتبر عون أنه لا يريد تقصير ولاية رئيس الجمهورية كما يُتهم. ما رأيك؟

- أنا بالنسبة لعون أريد أن أعلّق بداية على جزء آخر من كلامه، فهو يشكو من تدخل الأجهزة (من عسكرية ودوائر تابعة للدولة) بالضغط في الانتخابات لصالح اللائحة الحيادية (المستقلة التي تدور في فلك رئيس الجمهورية). أنا أريد أن أذكره بما حصل قبل أربع سنوات عندما قامت كانت كل أجهزة الدولة تعمل مع عون في الانتخابات عندما عاد من منفاه الباريسي. كان هذا باتفاق بينه وبين السوريين قبل عودته. ورأينا هذا التدخل بشكل واضح وغير مقبول يومها. وأنا رأيت هذا التدخل في دائرة الشوف مثلاً. اليوم، أنا لا أقول إن الأجهزة تعمل لمصلحة رئيس الجمهورية، لكن لا شك أن هناك اليوم من يريد أن يُظهر حسن نية أمام الرئيس ميشال سليمان، وهم يقومون بدعم مرشح محسوب على الرئيس، سواء شاء الأخير أم أبى، وهو النائب السابق ناظم الخوري، المرشح اليوم في دائرة جبيل، الذي عمل سابقاً في القصر الجمهوري. ولكن هذا الموضوع المحدود يجب ألا يُعمل منه قضية كبيرة لننطلق بمهاجمة رئيس الجمهورية.

* عون يهاجم أيضاً وسائل الإعلام التي تشارك في (المؤامرة ضده)..

- لو تكلم بغير هذا المنطق لما كان ميشال عون! فهو يقول إنه مع بناء الدولة، ولكن الكل يعلم أن عون لو استطاع أن يأتي بخمسة وسبعين بالمئة من نواب مجلس النواب لطعن بانتخاب رئيس الجمهورية، وطالب بتقصير ولاية الرئيس سليمان.

* ولكنه ينفي أنه يريد تقصير ولاية سليمان؟

- ينفي ذلك لأنه يعلم أنه لا يستطيع تأمين خمسة وسبعين بالمئة من أصوات البرلمان؛ لذلك فهو لا يريد أن يفتح على نفسه هذا الباب.

* ولكن لنفترض أن المعارضة اليوم سيطرت على البرلمان المقبل، هل تستطيع تقصير ولاية رئيس الجمهورية إذا أرادت ذلك؟

- هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، وهو يحتاج إلى نسبة مئوية معينة. ثم إن هذا الموضوع دقيق لأنه يمس باتفاق الطائف. يجب أن نكون حذرين؛ لأنه عندما يتم المس بمادة يمكن أن ينسحب الأمر على مادة ثانية فثالثة ورابعة. والأهم من ذلك برأيي أنه يجب أن نبحث في إعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات أكبر من الصلاحيات التي أُعطيت إليه في اتفاق الطائف. وفيما يتعلق بمدة رئاسة الجمهورية، سواء كانت ست أو خمس سنوات، هذا أمر يبحث به. ولكن في العادة عندما تكون مدة ولاية الرئيس خمس سنوات، أو أربع، يكون المجال مفتوحاً للرئيس بأن يجدد ولايته مرة ثانية مثلما يحصل في الولايات المتحدة وغيرها. وبحسب خبرتي أنا مع (رئيس الجمهورية السابق) كميل شمعون (والده) ففي آخر ولايته المؤلفة من ست سنوات كان يعتبر أن جزءاً من برنامجه الرئاسي لم يتحقق بعد.

* يعني تتوافق مع عون هنا، وأنه يجب تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية؟ لكن هل عون يقصد تعزيز صلاحيات الرئيس سليمان أم (الرئيس عون)؟

- أنا لا أدري ماذا يدور في خلد عون. ولكنني من حيث المبدأ مع إعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات إضافية. وأنا لا أتكلم أبداً من منطلق طائفي كي يعود الرئيس الماروني يتحكم بزمام الأمور، لكن من منطلق خبرتنا أرى أن حكم الرؤوس الثلاثة (رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء) يشل حركة الدولة أكثر من دفعها للأمام.

* ولكن كيف والحالة هذه يمكنك (تطمين) الطائفتين الإسلاميتين اللتين يمثلهما كل من رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، خصوصاً بعد الطائف؟

- أنا لا أريد أن أقلل من صلاحيات الآخرين. أنا كل ما أقوله إنه يجب أن نعزز صلاحيات رئيس الجمهورية.

* لماذا اليوم قوى 14 آذار تدعم رئيس الجمهورية، ونرى اعتراضات واضحة من قبل قوى 8 آذار عليه وعرقلة لبعض توجهاته؟

- بداية، حتى الآن الرئيس سليمان يحترم القسم الذي أداه. فلو أخل بذلك لكانت علاقتنا معه قد تغيرت. لكن قوى 8 آذار في المقابل، لا يحترمون أساساً أي قَسَم كان. هم يعتمدون برنامجاً يخرج حتى عن إطار اتفاق الطائف. قسم منهم يؤمن بولاية الفقيه، والقسم الآخر يريد تعديل الطائف مثل قضية (الثلث المعطل) في الحكومة، وهذا الأمر غير موجود في أي مكان في العالم. وهم عندما لم يستطيعوا أن يأخذوه عبر السياسة أخذوه بقوة السلاح. فنحن لا نتعامل مع مجموعة تحترم القوانين، بل إنهم معتادون على (البارودة) ونتائجها.

* لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد في خطابه الأخير في المصيلح أنهم لا يريدون (لا مثالثة ولا مرابعة..)..

- هناك فرق صغير بين (الرئيس) بري وحزب الله. الرئيس بري واقع تحت السيطرة العسكرية لحزب الله، وهو يحاول أن يراعي الأمور ويتمايز في موقفه. وأعتقد أن بري لا يريد أن يرى (ولاية الفقيه) تعمّ لبنان. بري لا يريد أن يرى البلد بلا دستور؛ فهو في النهاية رئيس مجلس نواب.

* الخلاف أو التمايز بين 8 آذار ينسحب أيضاً على 14 آذار، وهذا ظهر في الانتخابات النيابية؟

- لم يصل الخلاف العميق إلى صفوفنا أبداً، لكن الاختلافات في الانتخابات طبيعية. لا تنس أننا لا نشكل حزباً واحداً في 14 آذار. نحن نمثل عدة أحزاب وعدة تيارات، وكل شخص يحترم قاعدته على الأرض، وعليه أن يسايرها، خصوصاً العمل على تمثيلها في البرلمان. ولكن في النهاية لا فرق إن أتت (القوات اللبنانية) مثلاً بفلان محل مرشح آخر؛ فالنتيجة واحدة وإن تغير اسم الرابح الخط السياسي يبقى واحداً.

* لكن ألن تترك بعض الخلافات الانتخابية بين صفوفكم أثراً؟

- ستمر الانتخابات، وسيتم نسيان هذه المواضيع. وأنا برأيي عدم بت اللوائح الموحدة باكراً جعل العديد من الشخصيات تطمح إلى الترشح. وأنا قلت لقيادات 14 آذار باكراً إننا يجب أن نبت الترشيحات سريعاً وأن نعمد إلى تبني بعض الشخصيات المستقلة ضمن خطنا السياسي العام حتى وإن كانوا لا ينتمون إلى أحزاب.

* وهذا كنت تريده أن ينطبق حتى على مرشحي حزب (الأحرار)؟

- نعم، والدليل على ذلك أنني كنت سأسير بترشيح أربع شخصيات من الأحرار، ولكن عندما رأيت أن الظروف لا تسمح إلا بترشيح اثنين من أربعة، ضحينا؛ فبقي الياس أبو عاصي وأنا.

* في السياسة، زار بيروت رئيس الأركان السورية العماد علي لأول مرة منذ الانسحاب العسكري السوري منذ 4 سنوات. كيف تقيم هذه الزيارة؟

- اللافت ما أُعلن أن الوفد أتى إلى بيروت وتنقل بمواكبة من الجيش اللبناني، وهذا بعكس ما كان يحصل سابقاً. نقول أهلاً وسهلاً به ما دام يأتي بمواكبة من الجيش اللبناني. ونحن نقول لسوريا إننا نريد حسن الجيرة بيننا، لكن فلتفهم سوريا أننا لا نقبل بمنطق: (أمرك سيدي). نحن نريد أن نكون أصدقاء ومحترمين للجيرة. على السوريين أن يحترموا استقلال بلدنا الكامل، ونحن نقول للسوريين إننا لا نطلب شيئاً منكم سوى احترام القوانين الدولية. هناك بلد اسمه لبنان، سيد حر ومستقل. فلنتعامل مع بعضنا على أساس بلدين مستقلين، وإذا رفضت سوريا ذلك ف(اذهبوا مع السلامة).

* لكن سوريا خطت خطوات باتجاه ما تقولون من القبول بالتبادل الدبلوماسي. السفير اللبناني موجود في دمشق..

- (مقاطعاً) لكن السفير السوري لم يأتِ.

- هناك قائم بالأعمال..

- أهلاً وسهلاً به.. أنا في الحقيقة أريد (أحسن العلاقات) مع سوريا، لكن مع علاقات لها أصولها.

* هل تتخوف على مصير المحكمة الدولية بعد إطلاق الضباط الأربعة؟ وهناك اتهامات لكم من قبل 8 آذار بأنكم أنتم سيّستم المحكمة بالضغط لاستمرار احتجاز الضباط؟

- هؤلاء لا يعرفون ماذا يقولون. لم يكونوا ينتظرون إطلاق الضباط، لأنهم كانوا يقولون إن هذه المحكمة مسيّسة، وأحكامها غير مقبولة، فإذا بالمحكمة تقرر إطلاق الضباط بناء على قوانين محددة، لا تسمح بالتوقيف أكثر من تسعين يوماً لأشخاص لم توجه إليهم تهمة. وللتذكير فإن (الرئيس الشهيد) رفيق الحريري حاول في السابق تمرير قانون في مجلس النواب شبيه بقانون المحكمة، لا يسمح بتوقيف المتهمين بشكل مفتوح. لكن النظام الأمني المشترك رفض ذلك، ودفع الضباط الأربعة ثمن ذلك وبقوا في السجن 4 سنوات.

* هل تتخوف على المحكمة؟

- لا، أبداً. صحيح أننا لا نرى نتائج في القريب المنظور، لكن سنرى نتائج. هؤلاء عندهم قوانين وأساليب. ولكن المحكمة صادرة عن مجلس الأمن، وهو لن يسمح أن يتم تسييس المحكمة؛ لأن ذلك يمس مصداقيته. ولنفترض جدلاً أن المحكمة تسيّست، كيف يمكن لمجلس الأمن أن يعمد إلى محاكمة شخص آخر في المستقبل أو جهة معينة؟ المحكمة لا تُسيّس، وإن كان هناك من يريد تسييسها.

* أخيراً، بالعودة إلى الانتخابات، وإلى الشوف تحديداً مسقط رأسك، وحيث تترشح عن أحد مقاعدها المارونية على لائحة وليد جنبلاط و14 آذار. كيف ترى إمكانية نجاحك؟

- إجمالاً، أنا لا أرى معركة حقيقة في الشوف. وأنا كدوري شمعون، أعتمد على الأصوات المسيحية، والأصوات المؤيدة لوليد جنبلاط وغيرها.

* ألا تخافون من اللائحة التي يدعمها العماد عون أن تخرق؟

- في المرة السابقة، وكانت كل الأجهزة (أجهزة الدولة) تدعمهم، أخذ المرشح العوني ماريو عون 24 ألف صوت، أي بفارق حوالي عشرة آلاف صوت عن الفائزين (في لائحة جنبلاط).

* هل أنت عاتب على ترشيح غطاس خوري منفرداً عن المقعد الماروني في دائرتكم؟

- لست عاتباً. الدكتور غطاس صديقي وطبيبي. لكني تمنيت أن (يبيعنا إياها) هذه المرة وينسحب، وفي المرة المقبلة لكل حادث حديث. لكن غطاس مجروح، ولست أنا من جرحته. وأعتقد أنه سيبقى في المعركة الانتخابية. والناخب الشوفي هو الذي يقرر من يختار في النهاية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد