لم يكن شيخنا الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى - حفظه الله - بحاجة إلى أن يعد بنشر أسماء القضاة ومساقط رؤوسهم، ولا نتمنى أن يفعل؛ فخطوته - رغم جرأتها وصدقيتها وإلقامها حجراً في ألسنة وأقلام المناطقيين - ستفتح باباً لن يغلق يطالب فيه الجميع ببيانات الأصل والمنشأ والولادة في كل وزارة وهيئة ومجلس ومؤسسة، وسيكون ذلك مداراً للتجاذب ومثاراً للغبار.
- ومن تجربة متواضعة في عضوية لجنة المقابلات الخاصة بالمعيدين ورئاسة لجنة الوظائف الإدارية والفنية بمعهد الإدارة وموقع القرار في قطاع أهلي على مدى سنوات فإن عامل الجدارة - إذا طبقه من يخاف الله ويهمه الوطن - لن يخلف وراءه مشاعر الحيف التي يدندن حولها طائفيو الوظيفة الذين يسهمون - من حيث يدرون أو لا يدرون - في تكريس المفاهيم الجهوية الجاهلية المتكئة على القرابة والصداقة والبلدياتية.
- كنا نطمح إلى أن تلغى الألقاب القبلية من هوياتنا الوطنية لننصهر في خارطة الشمال الذي يحن إلى الجنوب، والغرب الساكن في الشرق، والوسط الواصل بين القلب والقلب.
- وقد حظي مقال السبت الماضي (الأصل والفصل) بفيض من الردود المتفاعلة، وكان من أهمها رأي الدكتور محمد الأحمري - حفظه الله - الذي تمنى توجيه النقد لظاهرة تقديم القرابة على الكفاءة، والتراجع من الحكومة إلى القبيلة.
- إن من المؤسف أن من يتنادون بالمحاصة الوظيفية أساتذة كبار يحملون أعلى المؤهلات ويتصدرون المنابر الثقافية، وإذ نثق بأن رفع الظلم واجب إلا أن تقسيم الوطن على أساس الانتماءات العشائرية والولاءات المذهبية والانتماءات الإقليمية سيدق إسفيناً خطراً في غد الأجيال المتطلعة التي بدأت تتحدث لهجة واحدة، وتلتف تحت علم واحد، ولا تكاد تميز القصيمي من القيصومي، والشمري من الشمراني، وليكن الأقدر هو الأجدر.
- هذا جرس قرع في توقيته، كذا كتبت إحدى الأخوات تعقيباً على موضوع الأصل والفصل، وأكد ثان أن الجاهلية - فعلا - بلا زمن، وعلق ثالث بأن الصدق والأمانة والعدل أغنية مجتمعية لا يُستمع إليها، ولعلهم اختزلوا الحكاية.
- الأكرم أتقى.