اللين والرفق والمجادلة بالتي هي أحسن من صفات المسلم، وهي صفات مشتركة بين المسلمين عامة وخاصة، وتشتد الضرورة لها عندما يقوم الشخص بالوعظ والإرشاد، والرفق يجلب الكثيرين من المؤيدين لما تذهب إليه من حق وما تدافع عنه من عقيدة صحيحة.
ولكن يجهل (البعض) من هؤلاء عند طرحهم مسألة للنقاش، فتجده يزبد ويرعد حتى كأنه في معركة حمي وطيسها، ولو كان كذلك لما استبان له أمر!! لكنه يجيء هكذا، ومجيئه بهذا الشكل يجعل الجمع ينفض من أمامه ومن حوله حتى يبقى وحيدا إلا من قلة تؤكد مساره المتهور وتدعو له لأمر في أنفسهم والله به عليم.
وقد انتشرت دعوات في الإنترنت للأسف إلى ثقافة جديدة ودخيلة على ديننا ومجتمعنا المسلم الذي ورث أخلاق الرجولة واحترام كرامة الإنسان مهما اختلفنا معه.
تلك الثقافة هي نوع من ترهيب الخصم بألفاظ نابية لا يقولها إلا طائش بعيد كل البعد عن تلك الأخلاق المحمودة المتأكدة لدينا كمسلمين، والممارسة عندنا كعرب لهم حشمة وحياء نلتزم به عند مقابلة الآخر مهما كان بعده عنا فكرا ودينا وحتى عداء أو محبة.
جاءت ثقافة البصق على الخصم، والبصق أكرمكم الله سلوك الأطفال العاجزين عن أقرانهم في صراع الحواري آنذاك، فتجد الطفل الجبان يبصق على خصمه ثم يهرب مسرعا ليغلق باب بيت أمه عليه، ويبقى خلف الباب يشتم الأطفال الآخرين.
والبصق سلوك تخلف وقذارة لم نعرفه ولم نشاهد من يمارسه إلا بعد أن صرنا نرى كثيرين من القادمين إلى بلادنا يبصقون من خلال زجاج سياراتهم عند إشارات المرور، وبعضهم يفتح باب السيارة فيفرغ حمولة قذرة من البصق أكرمكم الله.
ويبدو لي أن (بعض) هؤلاء استعار هذه الثقافة الدخيلة ليقارع بها خصمه للأسف، وهذا الأسلوب يعطي الخصم قوة ويجعل الناس ينظرون إلى هذا المتسلط نظرة شك وريبة في عقله الذي أعياه كل الكلام اللين أو القوي وعاد للبصق!!
وزاد بعض هؤلاء ومريدوهم في ثقافة البصق أيضاً بثقافة جديدة هي (الدعس بالقدم) كأن يقول: فلان تحت قدمي!! وهو يفسر أن قدمه المتورمة تشبه قدم الرسول الذي جعل أعمال الجاهلية تحت قدمه وشتان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين هؤلاء!!
شيء غريب ما نراه وما نسمعه من هؤلاء عبر القنوات والشاشات، بل وصلوا أيضاً إلى القنوات الشعبية التي تهتم بشعر وشعراء البادية، فصاروا يشاركونهم في ترديد أشرطة لهم مسجلة منذ زمن بعيد، وصاروا يتقاضون المكافأة أو الدعاية المجانية لهم عبر القناة الشعبية الواسعة الانتشار بين العامة.
وزاد أولئك المراهقون والمتسرعون والهانجون أن جعلوا لهم أقلاما تنافح عن سلوكهم العدائي والمرهب حقا عبر الإنترنت، فتجد كلمات مريديهم أسوأ من كلماتهم، بل صاروا ينظرون لهم ويلتمسون لهم أثرا من حديث أو قبضة من فعل خليفة أو صحابي، لا أدري كيف تقبل عقليات أولئك النزول للقدم والبصق وهم كما يزعمون يريدون أن يرشدوا الناس، فهل هذا إرشاد أم حث على خلق ممقوت؟!!
abo_hamra@hotmail.com