Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
مرشح تيار المستقبل عن الدائرة الثانية في بيروت نهاد المشنوق في حوار شامل مع (الجزيرة):
إطلاق الضباط الأربعة براءة للمحكمة الدولية

 

بيروت - منير الحافي

الجلسة مع نهاد المشنوق تأسرك لسحره و(كاريزمته). يُعرّف عنه موقعه الخاص على الإنترنت بأنه (كاتب سياسي منذ العام 2005) في عدد من الصحف اللبنانية والعربية لكنني أنا على الأقل لا أستطيع تعريفه إلا بأنه (قائد صحافي وإعلامي) في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، جلستي معه في مكتبه الخاص في الصنائع ذكرتني بجلسات كانت تجمعنا في القصر الحكومي القديم على بعد أمتار من هنا، قبل خمسة عشر عاماً. يومها كان المستشار السياسي للرئيس الحريري، وكان (مستشارنا) غير المعلن، نحن الصحافيين، فكنا نرجع إليه في كل أمر صحافي أو إعلامي جلل، يذكر أن المشنوق عمل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري من العام 1989 حتى العام 1998، حين دفع إلى مغادرة عمله وبلده في ذلك العام، من قبل (الأمن السوري).

قبل ذلك ساهم المشنوق في تأسيس (اللقاء الاسلامي) برئاسة المفتي الشهيد حسن خالد في العام 1983، وهي الهيئة السياسية التي دعت إلى (إنهاء الحرب الداخلية ووقف الهيمنة السورية على السياسة اللبنانية) في منتصف الثمانينيات. المشنوق الصحافي والإعلامي، وقف دائماً (في البقعة المتداخلة بين الصحافة والسياسة) شأنه في ذلك شأن الكثير من الصحافيين، ولطالما قيل: إن (خيطاً رفيعاً - غير مرئي- يفصل بين الصحافة والسياسة). هو اليوم مرشح تيار المستقبل في الدائرة الثانية في بيروت وإن كان لا يستخدم كلمة (تيار المستقبل) ويفضل (جمهور رفيق الحريري) مع التزامه كتلة التيار، جلسة طويلة مع (أبو صالح) كما يسميه أصدقاؤه، لا تشفي الغليل إذ يختزن هذا الرجل أفكاراً وربما (معلومات) تحتاج إلى أكثر من ساعتين لمقابلة، وتركت لنفسي، وللقراء أن أكمل بعد 7 حزيران، موعد إجراء الانتخابات النيابية، جزء ثان من حديثي مع (سعادة النائب) نهاد المشنوق.

في ما يلي نص الحديث كاملاً.

* أستاذ نهاد الموضوع الأول الذي يطغى اليوم على الحياة السياسية في لبنان هو موضوع إطلاق الضباط الأربعة، كيف تنظرون إلى ذلك؟ وهل تعتقدون أنهم قد يكونون أبرياء؟ وكيف تفسر ما قيل بحق الضباط خلال الفترة السابقة؟

- أنا مسلّم بداية بحقيقة المحكمة الدولية. وأعتبر ان قرار إخلاء الذي صدر دليل براءة للمحكمة لأن الاتهامات التي وجهت اليها أكبر بكثير من الاتهامات التي وجهت إلى الضباط. ثانياً، نحن سلمنا بأن المحكمة هي المسؤولة عن الملف فلماذا الاجتهاد؟ عندما قررت لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي ديتليف ميليس التابعة للمحكمة، توقيف هؤلاء الضباط استندت إلى ما لا نعرفه. واليوم أفرج القاضي بلمار أو رئيس المحكمة عن الضباط لأسباب معلنة، وأوضح بشكل صريح أنه ليس هناك من أدلة كافية لاحتجازهم، ولم يقل إنه لا يوجد أدلة. أنا برأيي، أخذ التحقيق ثلاث درجات: الدرجة الأولى هو التحقيق من قبل الجهات اللبنانية، أما التحقيق الثاني فقامت به لجنة التحقيق الدولية برئاسة بيتر فيتزجيرلد الذي كان واضحاً بقوله إن هذه الأجهزة الأمنية لم تكن مؤهلة لحماية الشخصيات والمسؤولين. التحقيق الثالث أجراه رئيس لجنة التحقيق الدولية دتيليف ميليس وهو تحقيق يملك تصوراً كاملاً، لكن ليس بالضرورة أن يكون بأكمله صحيحاً. التحقيق الرابع لسيرج برامرتس الذي قام بامتحان لتحقيق ميلي، فهو أعاد كل التحقيق وأعاد كل مرحلة منه عدة مرات للتأكد من صحتها. المرحلة الخامسة مع القاضي بلمار الذي قال في تقريره ما قبل الأخير: لقد توصلنا إلى معلومات جدية حول مصادر تمويل هذه العملية، وهي المرة الأولى التي يرد فيها تقرير من هذا النوع في كل تقارير اللجنة الدولية. بلمار قال أيضا في مؤتمره الصحافي: إنه يبحث للوصول إلى أدلة لا يرقى إليها الشك، وبذلك لم يترك مجالا للاجتهاد، وهو يقول اليوم إن لديه تصوراً وتحقيقاً، وربما لديه بعض الأدلة، لكن لا يوجد لديه أدلة لا يرقى إليها الشك بعد. لذلك يجب أن نحترم ما قاله ونسلمه هذا الموضوع من أوله إلى آخره. إذاً البراءة التي صدرت براءة كبرى، ولكن هي لصورة المحكمة على التلفاز. فالصورة الأولى هي ليست صورة الإفراج عن الضباط بل جلوس المحكمة إلى القوس وإلى يمينها المدعي العام وإلى يسارها محامي الدفاع وقاضي الإجراءات التمهيدية يتلو قراره بكل جدية وعلناً وبكل مسؤولية واحترام. ما حدث شيء كبير لجميع اللبنانيين، وهو ليس انتصاراً للضباط ولا لقوى الثامن من آذار، بل لجمهور رفيق الحريري ولسعد الحريري، قبل غيره من قيادات الرابع عشر من آذار، بصفتيه: ولاية الدم ثانياً، والولاية السياسية أولاً.

* لكن فيما يتعلق بالضباط أنفسهم هناك شريحة واسعة أيدت خروجهم واحتفلت بهم، وهي تعتقد أن الضباط أبرياء وكانوا مظلومين، فيما المحكمة الدولية التي يثق بها تيار المستقبل أعلنت براءتهم؟

- هناك فرق بالاحتفال فرحاً وبين الاحتفال للعداوة. ما رأيناه يوم إطلاق الضباط هو احتفال حقد وليس احتفال فرح، وهو احتفال موجه للجمهور الآخر. أنا من الأشخاص الذين فرحوا بانعقاد المحكمة وبقرارها أياً كان، وكذلك بالصورة. بعد كل هذا النضال والعمل السياسي والدم والشهداء، تعقد محكمة دولية من أجل الاغتيالات السياسية في لبنان وأولها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. هذا له قيمة كبرى في تاريخنا وليس الإفراج عن الضباط، وهذا سيظهر مع الوقت أكثر فأكثر، لأن من وافق وقبل بقرار المحكمة الإفراج عن الضباط سيضطر إلى قبول كل ما سيصدر عنها فيما بعد، فلا يمكنك أن تأخذ المحكمة ب(المفرق).

* ماذا تقول عن دخول حزب الله على خط الضباط، وما قيل من قبل العديد من السياسيين إن الحزب يغير مهمته من المقاومة إلى النكاية.

- صحيح لكن ما ظهر كان في احتفال محدود المدعويين، حيث الشعارات كانت حزبية والجمهور هو جمهور الحزب وليس جمهور جميل السيد أو جمهور لبناني عام، الواضح في خطابهم السياسي أنهم يحاولون استغلال هذه الحادثة باعتبارها انتصاراً سياسياً لهم. أقول: إنها نشوة معنوية مؤقتة، لكن دعونا نرى إلى متى ستستمر النشوة وإلى ماذا ستوصل، إذا كانوا يبحثون عن عناوين للاشتباك مع اللبنانيين الآخرين فهناك الكثير من العناوين، وإذا كانوا يبحثون عن عناوين وفاق وتوافق فهناك عناوين محدودة، وأعتقد أنه يجب أن تكون أولوية حزب الله المطلقة بإيجاد المزيد من السلم الأهلي لحماية المقاومة، وليس المزيد من الانشقاق الأهلي عبر الفرح بالإفراج عن الضباط.

* كان هناك لوم على حزب الله أنه وزع أعضاء له في استقبال كل ضابط أطلق سراحه، فكان هناك قيادي في الحزب يرافق جميل السيد يدلي يخطاب أمام الجمهور الذي يستقبله، وآخر مع حمدان وثالث مع الحاج...

- صحيح أنا أرى في ذلك عملا تنظيمياً، يشير إلى أنهم تصرفوا للاستفادة منه سياسياً ولشد عصب جمهورهم أكثر لدفعهم أكثر نحو الاقتراع يوم الانتخابات.

* هل يرتبط هذا الأمر فقط بالانتخابات؟

- لا أعتقد أنهم يتصرفون وكأنهم يريدون تبرئة كل العهد السابق من العام 1995 حتى العام 2005، وهذا أخطر ما في الأمر لأن الظلم والقهر والارتكاب تم من قبل هذه الأجهزة خلال هذه الاعوام السابقة، ونشير هنا إلى كلام الرئيس (السوري بشار) الأسد لصحيفة كويتية، قال فيها: إن الضباط الأربعة هم المسؤولون عن الأمن، وأيضاً (رئيس لجنة تقضي الحقائق بيتر) فيتزجيرالد قال ذلك وليس (ديتليف) ميليس... لكن قاضي الإجراءات التمهيدية أفرج عنهم لأن قانون المحكمة محدد ولا يسمح بالاعتقال أكثر من ثلاثة أشهر بصفة مشتبه بهم. نحن نسلم أمرنا للمحكمة الدولية ونسحب من التداول اللبناني هذا الموضوع الذي ليس لدينا فيه أي تأثير ولا أي قرار.

* هناك تخوف من موضوع معين، أنه إذا أرادت المحكمة الدولية استدعاء أحد هؤلاء الضباط مجدداً، فمن سيكون لديه الجرأة لاستدعاء جميل السيد مثلا، في ظل التخويف من تاريخ السابع من ايار، والبؤر الأمنية المتواجدة في بعض المناطق اللبنانية، ولاسيما في الضاحية الجنوبية حيث لا تستطيع القوى الأمنية الدخول إليها؟

- حزب الله لا يستطيع أن يتبنى مجرمين وأن يغطي عليهم. والمجتمع الدولي هو المسؤول، وهو مسؤول عن تنفيذ ما تقرره المحكمة، والوقت سيكشف ما إذا كانت المحكمة الدولية ستستطيع السير بإجراءاتها. ونطرح جدلاً أنه في حال لم تستطع المحكمة استدعاء أحد من الضباط، فالقانون يسمح بالمحاكمة الغيابية، فما الفائدة من ذلك في ظل المحاكمة الغيابية؟ وكل من تطلبهم المحكمة يذهبون بصفة شاهد أو مشتبه به أو متهم.

* هناك مسؤولون من حزب الله يطالبون بتغيير الأكثرية النيابية اليوم، وكان هناك تصريح لرئيس كتلة حزب الله محمد رعد سحبه من الصحافة، يقول: (كما ذهب أولمرت وبوش يجب على هذه السلطة ان ترحل). ما رأيك؟

- هذا التصريح سبب لي قلقاً شديداً لكن يجب أن نتعامل معه كخطاب انتخابي عابر، وإذا تعاطينا معه كخطاب سياسي وكأننا نفتح اشتباكاً مبكراً، مما يعني التبرع للأذى تجاه الوفاق اللبناني، فلننتظر نتائج الانتخابات ونتصرف على أساسها ولتأخذ المسألة الديمقراطية مداها.

* هناك كلام حقيقي من 8 آذار، يقول: إنه يجب على هذه القوى أن تأخذ الأكثرية؟

- إذا اختار الناس أن تأخذ هذه القوى الأكثرية فلتفعل. الوصول إلى الأكثرية عبر صناديق الاقتراع هو وسيلة ديمقراطية، بدل أخذها بالقوة.

* حزب الله وحلفاؤه يلوحون دائما بورقة 7 ايار، بالقول إذا لم نربح في الانتخابات....

- (مقاطعاً) يجب أن نأخذ السابع من أيار بنتيجته السياسية وليس الأمنية. جمهور رفيق الحريري خسر، في هذا التاريخ، معركة لم يخضها، وليس صحيحاً أنه كانت هناك مواجهة ربحت فيها 8 آذار. جمهور رفيق الحريري هو جمهور سياسي يواجه بالسلم والكلمة، والحق هو أقوى من أي سلاح، وإذا ثبَت السابع من ايار نتيجة سياسية، فهي اتفاق الدوحة، فأنا أدعي، لا أستطيع القول عن النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط من دون أن أسألهما، أن كل السبعات في كل الأشهر، لن تلزمنا كمجموعة سياسية بتوقيع أي اتفاق سياسي لا نرى فيه توافقاً وميثاقاً وديمقراطية طبيعية و سياسة سليمة وسلماً أهلياً...

* حتى لو اعيدت نفس الظروف أو ربما أشد منها؟

- أياً كانت الظروف، وأياً كان السلاح فالكلمة هي أقوى من أي سلاح... الكلمة الصلبة غير المرتبطة بالسلاح ولا بالقدرات بل بالإيمان، بالإيمان بما نقوله.. هناك أجواء توافقية في المنطقة أفضل من التي نسمع بها وأعتقد أن الأولوية الاستراتيجية لحزب الله يجب أن تكون في الحفاظ على المقاومة بوجه العدو الإسرائيلي، هذه الاستراتيجية التي تتطلب المزيد من السلم الأهلي، والمزيد من التفاهم والوفاق والحوار. ويجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة (الحوار سيد الأحكام).

* هل سيقبل حزب الله وحلفاؤه أن يبقوا الأقلية النيابية إذا خسروا في الانتخابات؟

- هذه مسألة تقررها الصناديق، ولا نستطيع أن نقبل أو نرفض النتيجة. فإذا أقررنا بمبدأ الانتخاب يجب أن نقبل بالنتائج. وإذا أراد بعضهم الاعتراض على النتائج، يستطيع أن يخلق معادلة ما، مثلما حصل في الدوحة، وهي الثلث المعطل. وهذا أمر لن يتكرر، لا من جهة جمهور رفيق الحريري ولا من جهة حزب الله. أولاً هم وعدوا بموجب اتفاق الفينيسيا قبل الدوحة بأنه لا استعمال للسلاح. إضافة إلى أن الدستور كما في كل الدساتير وكل الكتب، يقول: إن الديمقراطية التوافقية التي تستوجب ثلثاً معطلاً، هي نظام يُتبع في دول توجد فيها اثنيات مختلفة أو أعراق وأجناس مختلفة. ونحن شعب من جنس واحد وعرق واحد... لذلك مسألة الثلث المعطل سياسية مخالفة للدستور وللديمقراطية ولمبدأ المواطنية. وإذا أردنا التكلم عن الديمقراطية التوافقية فلماذا نجري انتخابات، فلتُشكل مجموعة من ستة أشخاص، نسميها حكومة، بدون إجراء انتخابات.

* كلامك يعني أن حزب الله سيقبل بنتائج الانتخابات ولن يطالب بالثلث المعطل؟

- حزب الله سيطالب بالثلث المعطل، ولا بد من ابتكار صياغة عبر الحوار تطمئن القلقين ولا تخالف الدستور، هي معادلة صعبة ولكن لبنان يجد دائماً المخارج للمسائل الصعبة، إضافة إلى ذلك، فإن الجو العربي يساعد على هذا الموضوع، وأعتقد أن مشكلة حزب الله ليست مع اللبنانيين بل مع النص السياسي السوري والإيراني، وهما دولتان حليفتان له. النص السياسي السوري يقوم بالتفاوض غير المباشر مع إسرائيل لمدة أربع سنوات، ثم بعد العدوان على غزة يعلن عن رغبته في التفاوض مباشرة مع إسرائيل وبرعاية أمريكية، ثم يأتي وزير الخارجية السوري ويقول نحن نريد مجدداً مفاوضات غير مباشرة. وفي الأيام القليلة الماضية أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وللمرة الأولى منذ العام1980 موافقته على حل الدولتين، أي بقاء إسرائيل وإنشاء دولة فلسطينية. وهذ أمر يناقض النص السياسي والشرعي لحزب الله، فالسيد حسن نصر الله قال: لا أنا ولا أولادي ولا أحفادي ولا أحفاد أحفادي، يمكن أن نعترف بإسرائيل أو نقبل بوجود دولة إسرائيل. إذاً مشكلة حزب الله ليست مع اللبنانيين. وأنا كمواطن لبناني عروبي مؤمن بأن المقاومة يجب أن تبقى بوجه اسرائيل، وهي استطاعت فعلا أن تحرر الأرض اللبنانية بواسطة عملياتها عام 2000، وأن تصمد بوجه العدو الإسرائيلي في الـ2006، بصرف النظر عن نقاط الاختلاف في هذا الموضوع. ويجب على حزب الله عدم إضاعة كل هذه العناوين في المزيد من الاشتباكات مع العمق اللبناني ويكفي المشاكل مع السياسيين والعمق السوري والإيراني.

* إذا أنت مقتنع بأن المقاومة استطاعت أن تحرر الأرض وأنت تريد لحزب الله أن يبقي على دوره في المقاومة وألا يدخل إلى (الزواريب اللبنانية)؟

- يجب عدم البحث عن عناوين اشتباكات وعناوين خلافية على قاعدة توازن قوى، بل يجب البحث عن المزيد من عناوين الوفاق والاجماع.. يجب أن نجد صيغة تضم الدولة إلى جانب المقاومة، وهذه الصيغة تشكل وطناً لا نستطيع أن نعيش في دولة مواجهة للمقاومة ولا نستطيع أيضا أن نعيش في نظام المقاومة.. الإطار الوحيد الجامع لللبنانيين هو الدستور والدولة، ولا يوجد إطار آخر يجمعهم.

* حضرتك في حال نجحت في الانتخابات ستدخل الندوة البرلمانية، فكيف يمكن اقناع حزب الله بهذه الصيغة؟

- عبر الحوار، ولا يوجد وسيلة أخرى للتفاهم غير الحوار، ليس هناك من مفهوم آخر. وكل جمهور رفيق الحريري جمهور يقاوم سلمياً بواسطة صلابته وصموده ورغبته الدائمة بالحوار.

* كيف تنظرون إلى الدور السعودي وجهود خادم الحرمين الشريفين في تقريب وجهات النظر العربية؟

- خادم الحرمين الشريفين قام بخطوة كبيرة من خلال إعادة الحوار مع سوريا والعمل على التفاهم معها، وهذه خطوة نشكره عليها في تجاوزه للماضي والنظر إلى الأمام لمصلحة الأمة العربية والقيام بمزيد من الحوار والتفاهم. أما بالنسبة إلى الدور السعودي في لبنان، فقد كان دائماً داعماً للسلم الأهلي ومؤكداً على الحوار، ونحن نستقوي بإسلامه وعروبته، ويستطيع أن يكون مطمئنا بأننا لن نتخلى عن عروبتنا..

* هل ستنعكس هذه المصالحة السعودية - السورية برأيكم على المحكمة الدولية؟

- ليس هناك من شيء سياسي يستطيع أن يؤثر على المحكمة الدولية.. نظرا إلى أنها محكمة محترفة ستقوم بعملها على أكمل وجه بصرف النظر عن أي اعتقاد سياسي بالتسييس... والقرار الظني الذي سيصدر يشترك فيه حوالي 300 محقق من مختلف الجنسيات، فلا أعتقد أن أحداً يستطيع ان يلزم كل هؤلاء الأشخاص بتغيير أمر ما... الحقيقة هناك الكثير من التطورات في المنطقة، منها موقف خادم الحرمين في قمة الكويت، هذه مسألة لم نعرف إنها ستحصل، كذلك المناورات العسكرية السورية - التركية وكلام الرئيس الايراني عن تقبلهم لحل الدولتين، لم نكن متوقعين حصوله.... أعتقد أن الأمور متجهة باتجاه آخر لسببين: السبب الأول أن لدى الادارة الأمريكية الجديدة فترة سماح كإدارة جديدة، وكل الناس تريد أن تعطيها فرصة، والسبب الثاني أن هناك خطوات متقدمة لأطراف رئيسية في العالم العربي والإقليمي. الدور السعودي من جهة والدور التركي من جهة أخرى إن كان لجهة التنسيق فهما يتكاملان باتجاه نفس الهدف، والواضح أن خادم الحرمين أنهى ترتيب البيت الداخلي وانتقل إلى التعامل مع مسألة الإقليم بهدوء وتروكعادته ودون الالتزام بأجندة أمريكية، بل الالتزام بأجندة حاجات شعوب المنطقة. وهناك استنتاجات كبيرة لدى كل القوى نتيجة الانتخابات الإسرائيلية، وعلى رأسها السعودية التي ستجعلها تعيد النظر في سياستها وتؤكد أكثر على السلام وليس على مفهوم السلام الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال.

* هل أنت متفائل بالنسبة إلى لبنان؟ يوجد أجواء وفاقية في المنطقة لا بد أن تنعكس على لبنان وتؤكد على الحوار وتشجع السلم الأهلي. ووزير الإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجة متخصص في الحوار، فهو محاور من الدرجة الأولى ولو في زيارات سرية.

* هل سيتم الحوار اللبناني - السوري؟

- يجب أن ننتقل إلى مرحلة إقامة علاقات طبيعية مع سوريا دون ربط هذه العلاقات بأي شيء آخر لا أحب تعبير (المميزة) والمبالغ فيه من دون مضمون بل علاقات طبيعية بين دولتين جارتين ينتميان الى نفس الهوية العربية لا بد من أن تقوم بينهما علاقات طبيعية. هناك أخطاء شائعة، لبنان ليس مختلفاً مع العروبة نحن لسنا مختلفين مع تاريخنا، هناك خلاف حدث في وقت من الأوقات ولا يزال مستمراً بشكل او بآخر مع القيادة السورية، بسبب الجو السياسي والقضائي بعدما سمي ديتليف ميليس أو أوحى بمسؤولية قياديين سوريين عن عملية اغتيال الرئيس الحريري، نحن لم نعتمد كجمهور على فراغ في تسمية سوريا أو غيرها... لكن إلى أن تبت المحكمة وتصدر قرارها يجب أن تكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين، وقعت الكثير من الأخطاء في العلاقات، لكن الأخطاء في لبنان صدرت عن مجموعة من القوى، وهذه القوى مهما بالغنا في حجمها تعبر عن أفراد ولا تعبر عن دور سوريا دولة مركزية في الأمن والسياسة وفي القرار، وبالتالي العتب واللوم ليس في نفس المستوى، لا نستطيع أن نظلم افراداً ونحملهم مسؤولية بنفس الظلم والمسؤولية التي نحملها للدولة. سوريا قادرة أكثر أن تكون مسؤولة عن علاقات طبيعية وأن تعطي الانطباع بقدرتها على القيام بهذه العلاقات، حيث تتجاوز ما يسمى بثأر الخروج من لبنان، أما الأفراد فلا يستطيعون أن يتحملوا نفس المسؤولية. لبنان وفي عز أزمته السياسية الأخيرة لم يقصر في إعلان رغبته ببناء علاقات طبيعية. ويجب أن نتذكر أن وزير الدفاع اللبناني الياس المر ذهب إلى سوريا وقائد الجيش ايضا للتنسيق في كافة المجالات التي تزيد القلق السوري من أي احتمال تعاون عسكري لبناني معه. الوزير إلياس المر ذهب حاملاً معه اتهامات شعبية غير مؤكدة بأنهم المسؤولون عن عملية الاغتيال، لكنه تجاوز الأمر وذهب إلى سوريا. وزير الداخلية ذهب ومعه كبار معاونيه الأمنيين والعسكريين من مدير عام الأمن العام و... إلخ. وزير الخارجية أيضا على تنسيق دائم معهم وتم التبادل الدبلوماسي بين البلدين، وهذه خطوة متقدمة وكبيرة.

* سؤالي عن جمهور رفيق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة ونحن لا نعرف من سيكون رئيسا للحكومة المقبلة؟؟

- رئيس الحكومة المقبل أياً كان سيكون معنياً ومسؤولاً عن اقامة علاقات طبيعية مع سوريا. هذا دوره الطبيعي ولا يستطيع أن يقوم بدور آخر.... وافتراضاً، سعد الحريري كرئيس حكومة، سيكون معنياً بإقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا. هو مسؤول ومعني بهذا الأمر وهذا واضح في خطابه الأخير حين أطلقت الوثيقة السياسية لتيار المستقبل، كذلك في خطابه عقب صدور قرار المحكمة، حيث قال: إنه سلم هذا الأمر للمحكمة فلم تعد المسألة مسألة شخصية، أما زيارته إلى دمشق يجب أن تسأله شخصياً، لكنني متأكد أنه في حال ترؤس الحكومة سيكون مسؤولاً ومعنياً في صياغة علاقات طبيعية بين البلدين. وإذا شاوره وزراء الدفاع والداخلية والخارجية بالذهاب إلى دمشق بالتنسيق لن يرفض. وفي وقت من الأوقات، وافق الرئيس السنيورة على زيارة وزير الداخلية والدفاع إلى دمشق، ووافق سعد الحريري على الزيارة الأولى والوحيدة للرئيس السنيورة إلى دمشق.

* نعود إلى الانتخابات النيابية اليوم فيما يتعلق ببيروت وبالنسبة إلى الناخب البيروتي، هل ترون أن المعركة سهلة بعد ما حصل في 7 ايار، هل أنتم مرتاحون لمعركتكم في بيروت؟ علماً أن اتفاق الدوحة طالب بتوافق في الدائرة الثانية، وتوجد بعض الصعوبات في الدائرة الأولى (المسيحية)...

- لست قلقا وسنقوم بما يجب أن نقوم به والكلام الذي سيسمعه الناس قبل الانتخابات سيسمعه نفسه بعد الانتخابات ولن نقول لهم كلاما فيه مبالغة... وهنا لا يوجد لا معركة ولا توافق، بل عملية انتخاب طبيعية الناس تقرر من يمثلها، نحن متحالفون بشكل علني وواضح وباتفاق بين الشيخ سعد الحريري والرئيس نبيه بري على أن تكون اللائحة مؤلفة من ممثل عن تيار المستقبل وآخر عن حركة أمل ....

* في آخر لقاء بين هذين الطرفين صدر كلام عن عين التينة عن (إمكانية توافق لينجح نهاد المشنوق ومرشح أمل هاني قبيسي).....

- كلا منذ اللحظة الاولى التي توصلا إليها بترشيح الأستاذ هاني قبيسي أكد الرئيس نبيه بري أنه ملتزم، وأبلغ الشيخ سعد وأبلغني وكل المعنيين اننا على لائحة واحدة....

* هل هو اتفاق نهائي بين حركة امل وتيار المستقبل في هذه الدائرة؟

- حول الانتخابات في الدائرة الثانية لا يوجد تردد ولا تراجع عند الرئيس بري... فهو ثابت على موقفه ولم يتغير منذ اللحظة الاولى التي اتفق فيها مع الشيخ سعد خلالها على تسمية المرشح قبيسي...

* ماذا عن حزب الله؟

- لا يزال يقول: إنه على وعده وعهده في اتفاق الدوحة، لكن هذا الأمر لم يتم تنظيمه ولا تظهيره بعد...

* هل هذا سيستدعي من بقية المرشحين أن ينسحبوا... بعد تاريخ الثاني والعشرين من الشهر.

- الانسحاب لا يغير من طبيعة العملية الانتخابية.

* لم أقصد سحب الترشيح من وزارة الداخلية بل عدم خوض المعركة؟؟

- أنا أفضل إجراء الانتخابات بشكل طبيعي، وألا يصل المرشح إلى البرلمان بنتيجة اتفاق ليست واضحة معالمه بعد.

* فيما يتعلق بالمرشح نهاد المشنوق على الصعيد الانتخابي ماذا تفعل يومياً، ماذا عن يومياتك الانتخابية وانت كنت تشارك الرئيس الشهيد رفيق الحريري في إدارة انتخابات سابقة وأن من وراء الستارة...

- صحيح عملت في إدارة الانتخابات لفترة طويلة خلال دورتين انتخابيتين ودورة انتخابات بلدية بيروت التي كانت أصعب من الانتخابات النيابية، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري حريصاً على أن تكون بيروت مناصفة بين مسلمين ومسيحيين، والناس لبتنا وأتينا بلائحة فيها مناصفة.

* أنت كمرشح تلتقي بمجموعات.....

- التقي بمجموعات من الناس أناقشهم وأتحاور معهم وأرى طريقة تفكيرهم وعناوينهم الرئيسية وأولوياتهم. أنا مرشح سياسي ولا أقوم بتقديم الخدمات التقليدية للناس، لكن أفعل ما أستطيع فعله....

* في السياسة، ماذا تقول للناخب البيروتي؟

- أتكلم مثلما أرى الأمور ولا أتكلم كلاماً انتخابياً، أنا أعد الناخب البيروتي بأنني سأكون مدافعاً عن كرامته السياسية والشخصية، وسأعمل بكل جهدي ألا يكون هناك تنازلات في السياسة نتيجة أي أعمال عسكرية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد