Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
هل العالم العربي قادر على تحقيق وحدة اقتصادية حقيقية؟!
د. توفيق عبد العزيز السويلم

 

سؤال يطرح في كل مرة تعقد فيه لقاءات أو قمم عربية تناقش هل مشكلة تحقيق الوحدة الاقتصادية هي مشكلة إدارية أم مشكلة سياسية؟، فتحقيق الوحدة الاقتصادية يواجه صعوبات وتحديات على الرغم من الجهود التي تُبذل من أجل تحقيق ذلك، فهناك تحديات البروقراطية والروتين وهما فيروسات التنمية وهناك اختلاف في الرؤى بين الاقتصاديات العربية عن الأولويات التي يجب أن تحكم العلاقة الاقتصادية بين الدول العربية والتي تتأرجح بين المصلحة الاقتصادية المنفردة والتي تستفيد منها اقتصاد الدولة وحده والمصلحة الاقتصادية العامة والتي يستفيد منها اقتصاد الأمة بأسرها... ومع هذا التأرجح بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة يبقى السؤال مطروحاً... هل العالم العربي قادر على تحقيق وحدة اقتصادية حقيقية؟!

إن هناك العديد من الدعوات والنداءات لإنشاء السوق العربية المشتركة منذ فترة طويلة، وهذه السوق لو تم إقرارها فإن ذلك يتطلب تكوين مجموعات عمل تبدأ فور صدور قرار الإنشاء لتضع الخطوات التنفيذية اللازمة لإنشاء السوق وتحرير انتقال البضائع والخدمات والأشخاص والأموال بحيث تطبقها الدول الأعضاء دون ضرر لأحد الأعضاء على حساب عضو آخر، وبحيث يستفيد الجميع كما استفادت الدول الأوروبية حالياً من تطبيق السوق الأوروبية المشتركة واستطاعت عن طريقها إنشاء الاتحاد الأوروبي الذي رفع شأن هذه الدول، حيث سجلت السوق الأوروبية المشتركة منذ بدايتها نجاحاً كبيراً على عكس كل التوقعات في اتجاه تحقيق التكامل والوحدة الأوروبية بحيث أصبحت حجر الزاوية في هذه العملية، وربما كان ذلك راجعاً بشكل أساس إلى أن الاتفاقية التي أنشأت السوق الأوروبية المشتركة كانت في معظمها إطاراً للعمل أكثر منها قواعد مفصلة لكل شيء.

من خلال تحليل الجدول أعلاه نجد أن عدد سكان الدول العربية يزداد من عام إلى آخر ففي عام 2002م بلغ عدد السكان 290.40 مليون نسمة، وفي عام 2003م زاد إلى 396.80 مليون نسمة وفي عام 2004م بلغ 303.49 مليون نسمة وفي عام 2005م بلغ 310.70 مليون نسمة ووصل في العام 2006م 317.52 مليون نسمة كما نجد أن معدلات النمو السكانية خلال الفترة كانت مؤشراتها شبه ثابتة ولكنها تتراوح بين 2.32 في عام 2002م و2.20 عام 2006 م.

وعلى الرغم من هذه الزيادة السكانية فإنه لا توجد خطط وبرامج مدروسة يتم بموجبها استثمار هذه الإمكانات السكانية الكبيرة ومن ناحية أخرى يواجه اقتصادنا العربي تحدياً كبيرة نتيجة لما تشهده الأسواق العالمية من انفتاح لأسواقها أمام دون تمييز، الأمر الذي يفرض على الاقتصاديات العربية أعباء غير قليلة للتأقلم مع هذه الأوضاع الجديدة، وهي أمور تحتاج إلى أن يتم ذلك التأقلم على فترات معقولة وبدرجة من التدرج تسمح لصناعاتها ومنتجاتها وخدماتها بالاستعداد لهذه المنافسة القادمة. ولا يُخفى أن الترتيبات الإقليمية بما تتضمنه من مزايا متبادلة لدول الجوار وبما يسمح بتقوية اقتصادياتها في جو من المنافسة المقبولة، أمر يساعد الدول العربية على الدخول في الترتيبات الجيدة على نحو أكثر قدرة لمواجهة هذه التحديات ويظهر الأمر بشكل واضح ومحدد في حالة الدخول في ترتيبات مع المجموعة الأوروبية التي تواجه الدول العربية منفردة بدلاً من التعامل معها كمجموعة إقليمية. وهكذا تعد الوحدة الاقتصادية خطوة على مسار المنافسة على المستوى الدولي، فالتكتل الحادث في الاتحاد الأوروبي جاء نتيجة التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد.

ولقد استبشرت الأوساط الاقتصادية العربية خيراً بإعلان اتفاقية التجارة الحرة العربية كخطوة مهمة على طريق تحقيق التكامل الاقتصادي العربي وإقامة اتحاد اقتصادي عربي قوي يستطيع أن يواجه التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمة العربية على كل الأصعدة، ويكون هذا الاتحاد قوة اقتصادية تستطيع أن تحقق معادلة توزيع القوى التي تتوزع بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا واتحاد دول شرق آسيا (اسيان) والأمل أن يتم تفعيل مثل هذه الاتفاقيات العربية على أرض الواقع ويتم التنسيق وتبادل الأفكار والرؤى بين الاقتصاديات العربية ليكون في صالحها ومن المهم والضروري أن اتخاذ قرار عملي وجريء بإنشاء السوق العربية المشتركة، وهي التي تم إقرار مبادئها في اتفاقية جماعية وقعتها أغلب الدول الأعضاء في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964 وأقرت المبادئ التالية التي لم تطبق للأسف حتى الآن:

1- حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال.

2- حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية.

3- حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.

4- حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والمرافئ والمطارات المدنية.

لذا فإن الاستثمار الأمثل لإمكانات ومقومات الاقتصاد العربي سوف يتحقق بتحقيق تعاون شامل حتى نستطيع أن نستغل ما نتمتع به من ثروات ومميزات وموارد كثيرة وكبيرة ومتنوعة وعدد السكان الكبير ومصادره الطبيعية الجمة المتعددة كالبترول والمعادن والمياه والمصادر الزراعية الواسعة الغنية المترامية الأطراف ولديه موقع إستراتيجي لا ينافس... ومن هنا فالاقتصاد العربي لديه إمكانية وحجم يكاد ينافس أو يساوي بنية الاقتصاد الأمريكي أو الاقتصاد الأوروبي لو كان هناك إرادة حقيقية لتحقيق هذا التكتل وسيكون المستفيد الأول من تحقيق هذا التكتل والتكامل العربي هو الاقتصاديات العربية نفسها وهذا هو طموح وأمل نتمنى تحقيقه.

- إمكانات ومقومات العالم العربي تؤهله لتحقيق نهضة اقتصادية كبرى

- تحديات العولمة تفرض على الاقتصاد العربي تحقيق تكتل وتكامل اقتصادي حقيقي

مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية


tawfiq@gulf-bureau.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد