د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم عند 5802 نقطة رابحاً نحو 177 نقطة لتصل حجم أرباحه في المسار الصاعد الذي انطلق في 11 مارس الماضي إلى نحو 1672 نقطة.. وقد تماسكت قوة هذا المسار الصاعد خلال الأسبوع الأخير بصعود سابك الذي ربح خلال الأسبوعين الأخيرين فقط نحو42% تقريباً.. هذا وعلى الرغم من الهدوء النسبي للبورصات العالمية نتيجة التفاؤل بالإجراءات التي تم اتخاذها لتسكين تداعيات الأزمة العالمية، وأيضاً على الرغم من التحسن الكبير في مؤشرات الاقتصاد الكلي السعودي نتيجة العديد من المحفزات الجديدة، فإن جدلاً شديداً بدأ يُثار حول هل سيستمر المسار الصاعد للسوق ويتجاوز مستوى 6000 نقطة أم أنه مؤهل للعودة للوراء من جديد؟ بل هل يمكن لأي موجة لجني الأرباح أن تفقد السوق كل أرباحه أم أنه سيكون جنياً عابراً يستكمل بعده المؤشر مساره الصعودي؟
المسار الصاعد يتم يومه الـ56!
انطلق المسار الصاعد في 11 مارس الماضي من مستوى 4130 نقطة حتى أغلق الأربعاء الماضي عند 5802 نقطة ليربح نحو1672 نقطة (40.5% تقريباً).. وعلى الرغم من أن بقاء المؤشر فوق مستوى 5500 نقطة يمثل نقطة إيجابية له، إلا أن الجميع يعتقدون الآن في أن المؤشر يقترب من نقاط حرجة قد يصعب عليه الاستقرار فوقها.. بل على الجانب الآخر، فإن الاستعجال واختراق هذه النقاط قد يعرض المؤشر لهزة قوية قد تعيده إلى مستويات أدنى غير مرغوبة.. لذلك، فإن التهدئة وبطء الصعود قد يكون هو الخيار الأنسب للفترة الحالية.. إلا أن كل ذلك يبدو أمراً فنياً بحتاً.. أما من حيث التفسير الاقتصادي، فحتى الآن لا يوجد مبرر منطقي يفسر هذا المسار الصاعد القوي، وخصوصاً أن نتائج أعمال كثيرٍ من الشركات لم تكن إيجابية، وعلى رأسها سابك.
التزايد المفاجئ
للسيولة والحذر:
على الرغم من أن تحركات السيولة اليومية المتداولة كانت متدرجة إلى حدٍ ما مع بداية المسار الصاعد، إلا أنها بدأت تقفز بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الأخير لتلامس 10 مليارات ريال، وهي زيادات أيضاً تثير المخاوف من اشتداد أعمال المضاربات بالسوق، وخصوصاً على أسهم معينة.. هذا الاشتداد كثيراً ما يثير القلق من عدم استقرار المسار الصاعد واحتمال حدوث نوع من التصريف.
بدء تحرك الأسهم
النائمة عن الصعود
قياساً بفترة الشهور الثلاثة الأخيرة، فإنه يوجد عدد من الأسهم لم تتفاعل بشكل إيجابي مع المسار الصاعد الحالي، على سبيل المثال البنك الفرنسي وساب وإعمار وجبل عمر والحكير وزين والمصافي والطباعة وشمس وأخريات.. وذلك في الوقت الذي أحرزت فيه كل أسهم قطاع البتروكيماويات أرباحاً غير عادية.. هذا على الرغم من أن قطاع البتروكيماويات من أكثر القطاعات تحقيقاً لخسائر عالية خلال الربع الأول من هذا العام.
توقعات بتفاوت كبير في أرباح شركات الأسمنت للربع الثاني
سرت معلومات تشير إلى قرب صدور قرار يسمح لشركات الأسمنت بالتصدير للأسواق الخارجية شريطة أن تقوم بالبيع بسعر 10 ريالات في السوق المحلي، فضلاً عن ضرورة احتفاظها بنسبة ما بين 10 و12% من إنتاجها في شكل مخزون لأي طلب إضافي محلي.. وهذا القرار لن تتلقاه كل شركات الأسمنت بالدرجة نفسها، فهناك شركات ستستفيد منه أكبر من شركات أخرى، بل إن بعض الشركات قد تتضرر جراء الالتزام به.. لأن القرار في مضمونه يعطي حرصاً شديداً على تلبية الشركات للطلب المحلي قبل التفكير في التصدير، والطلب المحلي مشروط بالبيع بسعر 10 ريالات، في حين أن التصدير مفتوح السعر تقريباً ويحقق أرباحاً أعلى للشركات.. لذلك، فإن الشركات التي تقع في مناطق الطلب العالي مثل المنطقة الوسطى أو الغربية أو الشرقية (وهم المناطق الثلاث ذات الطلب العالي على الأسمنت) يمكن أن تكون عرضة للضرر من هذه الشروط الجديدة لأنها ستضطر إلى بيع كميات كبيرة من إنتاجها في السوق المحلي وستحقق من ورائه أرباحاً متدنية تتسبب في بقاء أرباحها عند مستوياتها الحالية المتدنية أو ربما مزيد من التراجع بشكل يفوق التراجع خلال نتائج الربع الأول.. أما الشركات التي تقع في مناطق نائية ولديها فائض عن احتياجات المنطقة، فإنه سيسمح لها بالتصدير لكميات أعلى وبأسعار أعلى وبالتالي ستحقق نمواً في أرباحها.. وبالتالي فإن القرار سيميز بين الشركات حسب مناطق وجودها بعيداً عن معايير الكفاءة الإنتاجية أو غيرها.
لماذا أحادية قائمة
كبار ملاك سابك؟
من الأمور اللافتة للنظر أنه على الرغم من أن شركة سابك تعد ثاني أكبر شركة في الاقتصاد الوطني.. وعلى الرغم من أن المؤشرات المالية لسهمها صارت أكثر جاذبية بعد التصحيح الكبير الذي ناله، وعلى الرغم من أن السهم هو القائد الرئيس للمؤشر العام لسوق الأسهم، على الرغم من كل ذلك، فإن قائمة كبار الملاك للسهم تقتصر على صندوق الاستثمارات العامة، وأنا شخصياً لم ألحظ تغيرات على هذه القائمة منذ فترة طويلة (إن لم تكن لم تتغير نهائياً من قبل)، وحتى الآن غير معروف لماذا لا يقبل كبار الملاك على الدخول في السهم؟ فقديماً كان يشير بعضهم إلى أن ارتفاع سعر السهم إلى ما فوق 200 ريال ربما كان لا يحمس كبار المستثمرين على التملك في السهم، ولكن الآن سعر السهم لا يتجاوز 60 ريالاً، فكيف ولماذا هذا الفتور والبعد عن تملك نسب كبيرة من أسهم الشركة؟ خصوصاً أن هذه النسبة تقدر بنحو 8.8 مليارات ريال تقريباً، وهي قيمة تعادل حصص العديد من المستثمرين في شركات أخرى، مثل مؤسسة التقاعد وغيرها.. وفي اعتقادي أن النسبة الكبيرة التي يمتلكها صندوق الاستثمارات العامة في الشركة، بل وعدم تغيرها بشكل كبير، تمثل عاملاً سلبياً لعدم تحمس كبار المستثمرين للدخول في السهم، لأنه يفقدهم أي قدرة على تحريك السهم مهما امتلكوا لأن الحصة الكبرى للصندوق تعد مركز الثقل في تحريك السهم وبالتالي تحريك المؤشر العام للسوق.
مؤشر صافي السيولة
على الرغم من أهمية مؤشر القيمة المتداولة كونه يوضح حجم السيولة المتداولة على الأسهم المدرجة، إلا أنه لا يوضح على وجه الدقة هل هذه السيولة داخلة أم خارجة من الأسهم.. بشكل لا يمكن الجزم بماهية أوضاع الأسهم في السوق.. ولكن بعضهم يركز على استخدام مؤشرات أكثر دقة وهي السيولة الداخلة والسيولة الخارجة وصافي السيولة التي توضح بدقة.. هل السهم يُشترى أم يُباع أكثر؟ وهل يتعرض للتجميع أم للتصريف؟
مفارقات السوق
- على الرغم من تصريحات العديد من المسؤولين في سابك بعد إعلانها خسائر ربعية إلا أن سهم الشركة ربح نحو 76% خلال فترة تقل عن شهرين.
- في يوم الأربعاء الماضي على الرغم من أن المؤشر أغلق إيجابياً بربحية.. إلا أن نحو 93 سهماً بالسوق حققت خسائر متفاوتة.
- غالبية الأسهم التي تنتمي إلى شركات عائلية حققت خسائر خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، على سبيل المثال الحكير وفتيحي والدريس والعثيم وحلواني والعبد اللطيف والمعجل والبابطين، أي أنها جميعها لم تتفاعل مع المسار الصاعد للسوق، ولسوء الحظ لا يوجد تأثير أو رابط بينها سوى أنها جميعاً عبارة عن شركات عائلية، فهل المسار الصاعد رفض قبولها؟
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com