هل يحتاج (صانع السوق) إلى تدخل مجلس الشورى لوضعه ضمن منظومة سوق الأسهم السعودية؟
وهل يحتاج المجلس إلى ثلاث سنوات لإصدار وتفعيل أحد القرارات الاقتصادية المهمة التي تحدث عنها ولي الأمر، وفقه الله، ضمن دعمه الأولي لسوق الأسهم السعودية بعيد انهيارها المشؤوم العام 2006؟.
نعلم أن مناقشة مجلس الشورى لقضية السوق، وانهيار فبراير، جاءت وفق توجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين، لذا كان من المرجو أن تكتسب توصيات المجلس، ذات العلاقة ب(فبراير الأسود) الصفة الإلزامية لا الاختيارية، على الأقل في هذه القضية الاستثنائية.
مشكلة السوق السعودية تكمن في البيروقراطية المعقدة التي لا تستطيع التعامل مع متغيرات الظروف بالسرعة المطلوبة. أسواق المال تحتاج إلى الحركة الدائمة، والديناميكية في اتخاذ القرار، ومراجعة الأنظمة والقوانين بما يكفل تحقيق العدالة والنظام، وسلامة السوق من المتغيرات الحادة.
بُعيد (انهيار فبراير) جاء الدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي تحدث بشفافية عن وضع السوق ومستقبلها، والقرارات المزمع اتخاذها لمعالجة مشكلاتها الطارئة. صندوق التوازن (صانع السوق)، صندوق صغار المستثمرين، الاستعانة بالخبرات الأجنبية لتطوير سوق الأسهم كانت ضمن التوجيهات الملكية الكريمة التي لم يتفاعل معها الفريق الاقتصادي كما يجب.
بقيت قضية السوق في دهاليز المجلس لسنوات، فَخَفُت صوتها، وتناسى الرأي العام تفاصيلها، وبقيت كالجمرة المشتعلة بين أضلع الخاسرين. لم تكن كارثة فبراير آخر أحزان السوق، فقد تعاقبت الكوارث عليها حتى سقط مؤشرها في أحضان 4000 نقطة، وتعلقت التبريرات بالأزمات العالمية، حيناً، وبسقوط الأسواق المالية أحياناً أخرى، إلا أن الحقيقة الناصعة غابت، أو غُيبت، لا فرق طالما أن النتيجة واحدة.
(لو) أُنجزت التوجيهات الكريمة، ونُفذت توصيات مجلس الشورى في حينها لربما تجاوزت السوق عدداً من الكوارث الأخيرة. مجلس إدارة هيئة السوق المالية مسؤول عما حدث في فبراير 2006، ومسؤول أيضاً عن كل ما لحق بالسوق من تداعيات أوصلتها إلى مستوى 4000 نقطة، ومع ذلك بدا المجلس صامتاً، محتفظاً بهدوئه رغم الصدمات. تلقى رئيس الهيئة السابق سيل الانتقادات، وتحمل المسؤولية كاملة، وبقوا هم بعيدون عما يحدث لرئيسهم (المستقيل). يبدو أن أنظار مجلس الشورى تحولت إلى الرئيس الحالي بسبب المنصب لا المسؤولية، على الرغم من إصلاحاته المشهودة، وانقاذه الهيئة في أحلك ظروفها، وهو تحول قد يُبعد الأنظار مرة أخرى عن مجلس إدارة هيئة السوق المالية الذي يتحمل الجزء الأكبر مما تعرضت له السوق، وفق الأعراف المؤسسية.
السوق السعودية مقبلة على إضافات نوعية في أدواتها الاستثمارية كالبيع على المكشوف والخيارات، صناديق المؤشر، وغيرها من المنتجات، والمشتقات الجديدة غير المعروفة لغالبية المتداولين. مثل هذه الأدوات تحتاج إلى تهيئة خاصة، وتشريعات جديدة لتحقيق الحماية القصوى للسوق. كما أنها في حاجة إلى إنشاء (صانع سوق) محترف، قادر على حفظ توازنها وحمايتها من الانحرافات الحادة. البيع على المكشوف، والمشتقات المالية من أخطر الأدوات الاستثمارية على الإطلاق، لذا لا يمكن الحديث عن إدخالها السوق قبل أن يكون لدينا صانع سوق مليء يمكن الاعتماد عليه لتحقيق المصلحة العامة بعدالة ومسؤولية. نجاح بعض المضاربين في نفخ فقاعة السوق، ومن ثم تفجيرها العام 2006 قد يتكرر بقسوة بعد توفر المشتقات المالية المساعدة، لذا يُعتقد أن الأنظمة الصارمة، مع وجود صانع السوق المحترف يمكن أن يحفظ للسوق توازنها ويجنبها الكثير من الأخطار المتوقعة. إنشاء صانع السوق يفترض أن يتم دون الحاجة لتوصيات مجلس الشورى الموقر، فهو من أساسيات الأسواق المالية، أما وقد صدرت التوصيات فمن المؤمل الأخذ بها وتفعيلها رحمة بالسوق والمتداولين.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM