الرياض - محمد بدير
أشارت دراسة حديثة أصدرها بنك (ساب) عن الربع الأول لـ2009م إلى أن انتهاء فترة التباهي بين دول مجلس التعاون -بسبب الآثار الناجمة عن الأزمة المالية بالمنطقة- سيكون لها نتائج إيجابية في القريب العاجل في المملكة نظراً لأنها تتمتع بخصائص متميزة، مثل التوزيع السكاني والطلب المحلي والموقع الجغرافي وعدم وجود فقاعة عقارية وانخفاض حجم الديون الحكومية في السوق المحلي وزيادة الأصول الأجنبية. وكل هذه العوامل تجعل الشركات السعودية قادرة على تحقيق أرباح حقيقية في السوق المحلي أكثر من أي وقت مضي، كما أن الحكومة يمكن أن تسهم في تعزيز مستويات الثقة عبر تنفيذ برنامج لزيادة الإنفاق.
ورصد التقرير الذي استعرض مستوى ثقة الشركات السعودية أهم المحاور التي قد تسهم في إعادة الثقة في أداء الاقتصاد السعودي في استمرار الحكومة في عملية الإنفاق وتسديد مستحقات القطاع الخاص في موعدها حتى لا يتدنى مستوى الثقة، في ذات الوقت على القطاع الخاص أن يركز على الاستثمار في السوق المحلي حيث إن عناصر المخاطرة في السوق المحلي أقل كثيرا مقارنة بالأسواق الخارجية.
وحول مستويات الثقة في الاقتصاد السعودي أكد التقرير أنها كانت ستشهد مزيداً من التراجع لو لم يتم إقرار الميزانية الموسعة لـ2009م التي أخذت زيادة معدلات الإنفاق الحكومي في الاعتبار.
ومع أن نتائج ارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي على الاقتصاد الحقيقي ظهرت في وقت متأخر، فإن التقرير يتوقع أن تصبح هذه النتائج أكثر وضوحاً خلال الأشهر القادمة، فالحكومة وافقت على إضافة حوالي 8 مليار ريال إلى الميزانية المعلقة بالرغم من أننا لانزال في بداية عام 2009م، كما أن مؤسسة النقد العربي السعودي أودعت حوالي 14.4 مليار ريال (بزيادة1000%) لدى البنوك المحلية خلال شهر ديسمبر فقط، نيابة عن بعض المؤسسات والجهات الحكومية مثل التأمينات الاجتماعية وصندوق المعاشات وصندوق التنمية الصناعية وصندوق التنمية العقارية وغيرها.
ويرى التقرير أن المملكة تتبع أسلوباً نادراً من حيث الإنفاق؛ حيث لا يوجد بند لعجز الميزانية، في حين نجد النقيض في اقتصادات الولايات المتحدة وكثير من دول الاتحاد الأوروبي حيث الحافز المالي لدى هذه الاقتصاديات يقوم على الاستدانة. فديون المملكة ضئيلة للغاية وتقوم سياسة الإنفاق في السعودية على إعادة توزيع الأرباح والمبالغ الطائلة التي تم جنيها خلال الطفرة النفطية الثالثة. ووفقا للتقرير فإن الاقتصاد السعودي يتفوق على كثير من اقتصاديات دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وبرغم ذلك فالشركات السعودية ستواجه تحديات جمة خلال المرحلة القادمة، وعلى القطاع الخاص أن يكون أكثر شفافية من أجل تفادي الشائعات، الأمر الذي قد يؤدي إلى اهتزاز الثقة في أداء الاقتصاد السعودي.
وبأخذ الاعتبارات السابقة في الحسبان طالب التقرير بإعادة التركيز على السيولة المصرفية التي تعني قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته المالية وقت استحقاقها، فالسيولة بهذا المعنى تكون ضرورية وأكثر إلحاحا في ظل ثلاثة توجهات مترابطة داخل النظام المصرفي تتمثل في أن البنوك أصبحت أكثر حذراً لأنها تحاول تجنب المخاطر ومراجعة الزيادة الهائلة في القروض خلال العام والنصف الماضيين وأيضا التشدد مع شركات القطاع الخاص في بعض الحالات للتحقق من قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها وكذلك تراجع رغبة القطاع الخاص في الاقتراض نظراً لأنه يرصد عن كثب المناخ الاقتصادي في المملكة ولا يعيش بمعزل عن انعكاسات الأزمة المالية العالمية.