Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
أضواء
خلايا سرطان الغلو
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

لأن الأمة الإسلامية تفتقد إلى مرجعية دينية تلتزم بها جميع الشعوب والطوائف الإسلامية ومراجع فكرية وسياسية توجه الأمة فتطاع، أصبحت الأرض الإسلامية مهددة والإنسان المسلم يعيش في خطر، وتسقط دولها وبعضها يحتل بعضها الآخر مهدد بالغزو والتقسيم، وكل هذا لأن نفراً من الأمة يجلب الخطر لأمة الإسلام ووطن الإسلام دون أن يجد من يردعه وقبل ذلك دون أن يجد من يوجهه.. ومن يقول له لقد أسرفت في الغلو والتطرف وإن عملك هذا يجلب الويل للأمة ويهددها.

الأسوأ من ذلك أن هناك من تدعي المرجعية تستغل جنوح جماعات من المسلمين نحو الغلو والتطرف فتمدهم بوقود فكري، وتدعمهم مالياً وتجند لهم الأنصار خدمة لأفكار وأهداف لا مجال لتطبيقها وليس الوقت ملائماً لفرضها نتيجة طغيان الفكر المتطرف وعدم تصدي المرجعيات الدينية والفكرية لهذا العمل التخريبي، بصورة حاسمة وبأسلوب ممنهج كما يفعل غيرنا من الأمم، حيث تركت المرجعيات الدينية والفكرية مهمة مواجهة التطرف الديني والسلوك الإرهابي لنفر ضال من المسلمين، إلى الحكومات الإسلامية التي وإن نجحت في وأد الكثير من الجماعات والأعمال في أقطار إسلامية عديدة، إلا أن اقتصار المواجهة على الأعمال العسكرية والتي أكثرها وقاية، وتخلي المرجعيات الفكرية والدينية عن واجباتها، بل ودعم بعض تلك المرجعيات للفكر المتشدد سواء بالصمت أو حتى بالتأييد مثل بعض المتشددين جعل أصحاب الفكر المتشدد والمغالين من القيادات الإسلامية أو الأنصار يتجهون إلى أقطار إسلامية محددة، ليصنعوا بؤراً إرهابية تحولت إلى مراكز تهديد ليس لما يصنفون بأنهم أعداء الإسلام، بل أصبحت محطات انطلاق لتدمير الدول الإسلامية مثلما حصل في أفغانستان والعراق، وما يراد تحقيقه الآن في باكستان التي تعيش أوضاعاً جداً حرجة حيث أدى تزايد انفلات المتشددين الإسلاميين إلى استعداء القوى المعادية للإسلام وجلبها إلى باكستان لتجريدها من قواها النووية التي كان يمكن أن تكون دعماً للقوة الإسلامية، وهي كذلك بدلاً من أن يحولها المتشددون إلى عامل تهديد لتفكيك وتدمير دولة إسلامية مثلما يخطط الآن لباكستان بعد أن خرجت السيطرة على القوى الإرهابية التي تتدثر برداء الإسلام.

وهؤلاء المتشددون والمنفلتون ما كان لهم أن يتزايدوا ويصبحوا بهذه الكثرة لو أن المراجع الدينية والفكرية قامت بواجبها وتصدت لأفكار التشدد والغلو التي كانت تنمو وتكبر ويعمل لها تحت رعاية هذه المراجع التي رأت فيها تقوية للفكر الإسلامي وليس تدميراً له كما يتضح الآن.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد