Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
رسالة لرجال الأعمال
مهدي العبار

 

الكرم صفة حميدة يهبها الله سبحانه وتعالى لمن يشاء من عباده، والكريم كما يقولون حبيب الله، والكرم يغطي كل العيوب، وقد لازم الكرم العرب منذ أقدم العصور، والتاريخ خير شاهد على ذلك، الذي لم يهمل ذكر الرجال الأخيار الذين تعاملوا مع لكرم كواقع معاش لا يفارقهم أبداً،....

.... حتى إنه في الجاهلية برزت أسماء كثيرة من أشهرها حاتم الطائي، وهرم بن سنان المري. أما في صدر الإسلام فكان هناك الكرم والجود والأخلاق الفاضلة، كل هذه الصفات اجتمعت بالمصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم الذي علم البشرية كل القيم والمكارم والآداب. والعرب لهم السبق في المجالات التي تساهم في إسعاد البشرية ومنها الكرم والعطاء ومد يد العون والمساعدة لكل محتاج ولكل معسر، وأبناء هذه الأرض الذين تعلموا الكرم والنخوة والشهامة وإكرام الضيف وحماية الجار وإغاثة الملهوف تعلموا كل هذه القيم من الدين الحنيف ومن تعاليمه السمحة، وقد وصلت لنا أنباء وأخبار ومواقف الكثير من أهل الكرم والبذل والجود والعطاء حاضرة وبادية وأهل قرى رغم شح الموارد وضيق العيش في الأزمنة التي عاشوا بها!!

وفي عصرنا الحالي ورغم كثرة الموارد إلا أن نزعة الشح والبخل أقوى من العطاء وبذل المال لدى كثير من أصحاب رؤوس الأموال، ولم يعلم هؤلاء أن إرادة البذل تزكي الإنسان وتطهره من نزعات الشح، ولم يعلموا أن الإسلام قرر دفع كل مسلم مقداراً من ماله إلى الفقراء في كل عام على الأقل. قال تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}. كما قرر الإسلام دفع مقادير معينة من الأموال ككفارات عن سيئات الإنسان وتقصيراته في أداء بعض الواجبات.

والإسلام بسماحته حث على مزيد من بذل الأموال في حقها ولمن يحتاجها؛ قال تعالى {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}{وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}إن البذل هو إرادة خيّرة ورغبة في الخير والبر بعيداً عن البذل الذي يختلط مع ما يسيء للأخلاق مثل التكبر والافتخار والأذى والرياء وجرح المشاعر. قال جلا شأنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ}والمجتمع يحتاج إلى بعضه البعض، والفقراء بحاجة إلى الله أولاً ثم الأغنياء، وكان أملهم كبيراً في رجال الأعمال وكلهم يرددون قوله تعالى {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ}

ولم يتوقع المعسر في هذا البلد إطلاقاً أن يتجاهل أصحاب رؤوس الأموال قول الباري عز وجل {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}

إنها دعوة صادقة لكل ميسر أن يكون في عون أخيه المعسر بعيداً عن طلب الشهرة وبعيداً عن الأغراض الشخصية وأن يكون ما يقدمه كله في سبيل الله، وحتى يكون مجتمعنا مجتمع متكاتف متحاب فلا بد من البذل، مع إدراكنا أن هناك في بلدنا رجالا يبذلون المال في حقه ويساعدون الناس، حتى أن بعض الأخيار يتبرعون للجمعيات ودور الرعاية ومراكز تحفيظ القرآن بصمت، وأن أحد الأخيار قام بتزويج عدد من الشباب المعسرين على نفقته الخاصة.. نريد أن يكون أهل الخير أكثر من أهل الشح والبخل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد