Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
الأصل والفصل
د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

 

غضب أحدهم من تأخر النشر فكتب رسالة وعيد محورها (إقليمي)، وجاء طالب توظيف مُدلاّ (بالديرة)، ولم يجدْ بغيته فثار، وثالث يعزو إغفاله والاهتمام بسواه لعوامل (جاهلية) محورُها الجذور.

كنا (وما نزال) نتندر بتجربة بعض الدول التي يسودُ فيها التقسيم الطائفي للوظائف العامة، ونفهم - دون أن نتفهم - غياب معايير، وتعطل مصالح، وإذكاء أزمات، ونشوء تعديات بدوافع التجاذبات السياسية ذات المنشأ الديني والمذهبي.

ظننا أولئك أقواماً لهم شأنهم (أو بتعبيرنا العتيد: خصوصيتهم)؛ فإذا هي تجربة تلد تجارب، وإذا العراقُ يسير خلف لبنان، وإذا الأصواتُ تتعالى، وإذا ركام الطائفية ينبعث ناراً.

سنظل نقول: إن لهم مسارهم، غير أننا نصدم بالأصوات المثقفة (هنا) التي تعزف على الأوتار الإقليمية؛ فتبدو (المحاصة الوظيفية) حاضرة في بعض الكتابات، ومن بعض الكُتّاب، لدرجةٍ تُخشى معها المطالبة بتضمين طلبات التوظيف اسم المنطقة والقبيلة والمدينة والهجرة، مع أننا نرى ذلك في الوظائف القيادية بوصفه عرفاً ساد، ما يجعل بعض الهيئات والمجالس مزيجاً وطنياً متكافئاً.

نتمنى - بدلاً من ذلك - إشهار الأصابع في وجوه من يعبثون بقيم المواطنة من أجل حسابات القرابة والصداقة و(البلدياتية)، أما أن نعنى بإحصاء أبناء هذه القرية أو تلك في الوظيفة العامة فأمر لا يبشر بوصل، وسوف تجد الأجيال القادمة أمامها نذر فصل.

ليس ملائماً تهوين الطّرح (المناطقي)؛ فهو قد يحتمي خلف المناداة بقيم العدل والمساواة، وفي ذلك حق إذا وُجد الجَوْر، لكنه مقدمة (للطائفية) التي يراها كثير من الباحثين غير مرتبطة بالولاءات الدينية والمذهبية، وقد أشار برهان غليون في كتابه: (نظام الطائفية من الدولة إلى القبيلة) إلى البعد السياسي، ونضيف الاجتماعي، دون أن تكون لذلك علاقة مباشرة بالتعددية الدينية.

إن مَنْ يطلب التوظيفَ لقرابة، والنشرَ لعلاقة، والخدمة لأنه من الجماعة؛ ومن يستجيب لهم يسهم في ثَلْم الجدار الوطني، ولو تمت المحاصة المناطقية لوظائف الحكومة فما الذي سيحدث مع وظائف القطاع الأهلي المتنامية بفعل الخصخصة، وهل سنجد الشركات مقصورة على أهالي مدينة صاحب ورئيس الشركة، وهو ما يعني أنها سلسلة ستطول، ولن يخسر فيها سوى الوطن.

لا لإهدار عوامل الكفاءة والمساواة، ونعم، لكشف المسؤولين عن ذلك، ليبقى انتماؤنا لوطنٍ واحد، جنوبه في شماله، وشرقُه في غربه، وقبيلته هُويّة واحدة، لا مكان فيها لعم وابن عم.

الجاهلية بلا زمن.



Ibrturkia@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد