Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
الحقيقة الكاملة
نادر بن سالم الكلباني

 

عندما ترفع بصرك إلى السماء لترى حيزاً كبيراً لا يستوعبه عقلك يشع بنجومه وأقماره، ويتسع كلما أوقفت بصرك عليه متأملاً، فأنت ترى حقيقة لا يمكن أن تكون غير ذلك، لكنك بكل تأكيد لا ترى الحقيقة الكاملة في هذا المشهد المهيب، وهذه النبتة التي ترعاها في حديقة منزلك لتكبر أمام عينك

وأنت تتابعها وتحرص على سقايتها لتزهر لك رائحة تحبها، فأنت أيضاً في هذا المشهد ترى حقيقة لا يمكن أن تكون غير ذلك، لكنها لا تمثل بكل تأكيد كل الحقيقة، فما خفي عنك من أجزاء حقيقة هذا المشهد يفوق وبكثير ما ظهر لك وبان.

كل الأمور التي نرى أنها حقائق مسلم بها، ما هي إلا دلالات ومؤشرات لحقائق أكبر تفوق حدود ما نراه ونختبره، وكلها لو تجمعت كل أجزائها لقادتنا إلى حقيقة واحدة أعم وأشمل، لا نلم بها ولن نفعل ذلك مهما حرصنا حتى يأتي اليوم الذي تتكشف لنا فيه أجزاء أكبر من هذه الحقيقة، فنرى أبعاداً لم نكن نراها، ووقائع لم نكن نتصورها، فنعرف حينها كم كنا نجهل عمق ما ظننا أنها حقائق واضحة في حياتنا.

استشهد بقول الله عز وجل (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) فما نعلمه جزء من علم أعمق لا تدركه عقولنا ولن تدركه، وبالتالي ما تقوم عليه حياتنا وحركتنا ما هو إلا نزغ يسير يُكشف لنا من حقيقة عظيمة، فنحن نؤمن بالجنة والنار، وهما يمثلان لنا حقيقة، ونؤمن بيوم القيامة وبعذاب القبر اللذين نعلم عنهما ما علمناه من كتاب ربنا ومن نبينا عليه الصلاة والسلام، لكن السؤال الأهم: كم يمثل علمنا بالجنة والنار وعذاب القبر ويوم القيامة من حقيقتهم؟

خلاصة ما أريد قوله، أن السماء بنجومها والناس باختلاف ما في نفوسهم وتعدد ألوانهم وأشكالهم، والدنيا بما فيها من العلوم والمعادلات وما تقوم عليه وبه، وغيرها مما نعلم ونعتبره حقائق ثابتة، ما هي إلا مؤشرات صغيرة جداً لحقيقة واحدة لا تستطيع عقولنا أن تستوعبها ولن تستطيع، فسبحان الله وتعالى علواً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه.. والله المستعان.



naderalkalbani@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد