Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
سحاب
التعليم الحكومي والتعليم الأهلي (1 - 3)
د. عبدالإله عبدالله فهد المشرّف

 

قال أحدهم: (أبنائي الثلاثة كلهم يتعلمون بالمنهج المعتمد من وزارة التربية والتعليم غير أن الأول يدفع رسوماً سنوية لأنه يدرس في مدرسة أهلية، والثاني تدفع له الدولة مكافأة مالية شهرية لأنه في مدرسة حكومية لتحفيظ القرآن الكريم، أما الثالث فهو في مدرسة حكومية تقليدية لا له ولا عليه).

والسؤال في هذا السياق: هل حققت وزارة التربية مبدأ تكافؤ الفرص لهؤلاء الأبناء الثلاثة، لماذا يتعلم الأول على حسابه، والثاني يحصل على مكافأة لتعليمه، أما الثالث فتعليمية حسب طبيعة المدرسة التي قد تكون مستأجرة فيكون فصله عبارة عن (المقلط) أو (الصالة) أو (المطبخ)، وقد تكون من بسمات الدهر لهذا الطالب أن يكون في إحدى مدارس مشروع (تطوير) فيحصل على جهاز كمبيوتر متنقل (لاب توب) مع خدمات فندقية مدرسية.

أين العدالة في هذه التقسيمات، وأين مبدأ تكافؤ الفرص الذي تدعو إليه القيادة الرشيدة حفظها الله لجميع المواطنين.

فحسب الأرقام المعلنة من وزارة التربية والتعليم فإن معدل تكلفة الطالب في المدارس الحكومية بشكل عام تتراوح ما بين (8000- 13000) ريال بشكل عام.

أما كلفة الطالب في التعليم الأهلي على الوزارة فهي لا تتجاوز في أحس أحوالها (800 ريال) تشمل المعونة المباشرة التي تقدمها الوزارة للمدرسة تقريباً 200-300 ريال للطالب (بند هذه المعونة في وزارة المالية لم يتغير منذ أكثر من عشرين عاماً، وبالتالي فكلما ازداد عدد الطلاب المنتمين للتعليم الأهلي تضاءلت هذه المعونة الهزيلة جداً) بالإضافة إلى تحمل الوزارة تكلفة مديري المراحل الدراسية الابتدائي والمتوسطة والثانوي فقط (وفي الآونة الأخيرة قررت وكالة الشؤون المدرسية بالوزارة التضييق على المدارس الأهلية من هذه الميزة أيضاً).

ومعنى هذا أن الابن الأول تمنحه الوزارة معونة قدرها 800 ريال كحدٍ أقصى لتعليمه وعلى أسرته أن تتكفل بمصروفات تعليمية في حين أن الابن الثاني تمنحه الوزارة مبلغ 10000 ريال مع المكافآت الشهرية التي تتراوح ما بين (2000-3000 ريال سنوياً). أما الابن الثالث فطبيعة تعليمه تبعاً للحظ في المدارس الحكومية.

إن واقع التقسيم في نظام الوزارة يعتمد على نوع مرجعية التعليم الذي ينتمي إليه الطالب (حكومي، أهلي) وهذا غير صحيح، إذ إن الأصل في تكافؤ الفرص يجب أن يكون فيما تقدمه الوزارة للطالب أيا كان مساره مادام أن الطالب سعودي يتعلم وفق مناهج الوزارة وسياسة التعليم المعتمدة منها فله حق التعليم والرعاية من الوزارة في أي نمط تعليمي يختاره، وفي حال أراد مزيداً من الخدمات فعلى أسرته أن تتكفل بالمصروفات الإضافية، وهذا هو النمط السائر في جميع الدول التي ينص دستورها على حق التعليم لكل مواطن، أما في نظامنا التعليمي فإن وزارة التربية والتعليم مسؤولة فقط عن الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الحكومي، ويفقد الطالب السعودي تقريباً حقه الكامل من دعم الوزارة في توفير التعليم له حتى ولو كان يدرس المنهج السعودي بمجرد أن قرر أبواه تدريسه في مدارس أهلية سعودية.

ولعل من طرائف الأمور أنه رغم العوائق التي يعاني منها التعليم الأهلي من وزارة التربية والتعليم إلاّ أنه يقدم خدمات جليلة للوزارة تتمثل في احتواء أكثر من 10% من الطلاب السعوديين، ويوجد حل لبعض الأسر التي لا ترى في التعليم الحكومي مساراً مناسباً لاحتضان أبنائهم وبناتهم، ويقدم أنماطاً تعليمية متميزة قد لا تتمكن المدارس الحكومية من تقديمها في ظل الإجراءات الإدارية البيروقراطية والمركزية التي تعيشها إدارات التعليم ووزارة التربية والتعليم.

ويمكن الإشارة إلى عدد من المقترحات التي من شأنها الإسهام في تصحيح الوضع في هذا المجال ومنها:

أولاً: تنويع الأنماط التعليمية التربوية المتاحة لمزيد من الإثراء التعليمي وفتح مجالات متعددة للأسر لتعليم أبنائهم وفق المنهج المناسب لهم وفق الأطر العامة لسياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية، ومن الأنماط التي ينبغي على الوزارة وضع نظام تعليمي خاص بها مع مزيدٍ من التحفيز لتوفيرها في المجتمع: المدارس غير الربحية، المدارس التجريبية، المدارس المجتمعية، مدارس الموهوبين.. الخ.

ثانياً: توفير الدعم المالي المناسب للتعليم الأهلي الذي أثبت جودته وفق معايير تميز عالية، وعدم السماح باستحداث مدارس أهلية ما لم تتوافر بها جميع الشروط اللازمة التي تضمن جودة التعليم مع استمرارية الإشراف والمتابعة من الوزارة وفق معيار اعتماد أكاديمي عالمي. ولا شك أن مثل هذا الدعم والإشراف والمتابعة سوف يقضي بإذن الله على ظاهرة التعليم الأهلي التجاري غير الكفء، ويحل مشكلة تراكم الطلاب في فصول المدارس الحكومية، كما سوف يمكن الآباء من تعليم أبنائهم في مدارس أهلية برسوم دراسية معقولة في ظل وجود دعم جيد من الوزارة، ويخفف من العبء الكبير على كاهل المدارس الحكومية، ويوفر مبالغ مالية كبيرة جداً للوزارة.

ثالثاً: دعوة اللجنة العليا لسياسة التعليم بتعزيز إجراءات إنشاء هيئات اعتماد تعليمية للتعليم العام تلتزم مدارس التعليم العام سواء الحكومي والأهلي منها بتحقيق معايير الجودة المطلوبة، وتتميز هيئات الاعتماد الأكاديمي للتعليم العام بالاستقلالية الإدارية وتقدم تقارير دورية عن مستوى جودة التعليم إلى اللجنة العليا لسياسة التعليم بشكل دوري تمشياً مع متطلبات الموضوعية في التقويم.



amusharraf1@Riyadhschools.edu.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد