الرياض - عوض مانع القحطاني
اتفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وإخوانه أصحاب السمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعهم التشاوري الحادي عشر الذي عقد في الرياض أمس على أن تكون الرياض مقراً لمجلس النقد الخليجي، أعلن ذلك معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية في مؤتمر صحفي عقده عقب اختتام أعمال الاجتماع في قصر الرياض بالدرعية.
حيث قال: هذا هو اللقاء التشاوري الحادي عشر وهو بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإخوانه أصحاب الجلالة والسمو.. وقد عبر أصحاب الجلالة والسمو قادة هذه الدول عن صادق التهاني لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد - حفظه الله - على نجاح العملية الجراحية وشفائه وخروجه من المستشفى سالما معافى متمنين لسموه الصحة والعافية والعودة إلى أرض الوطن.
وقال: إن القادة قد استعرضوا في هذا اللقاء التشاوري الأمور السياسية والأمنية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والجهود التي تبذل وكذلك الأوضاع في العراق وقضية احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، والجهود التي تبذل لتحقيق المصالحة العربية - العربية والشأن السوداني وموضوع دار فور وكذلك بحث موضوع نيل الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في دولتهم المستقلة.
كما أشاد القادة بتوقيع الاتفاقية بين السودان وتشاد والجهود التي تبذلها دولة قطر الشقيقة في هذه المصالحة ورعاية أمير دولة قطر لها، معتبرين أن هذا الاتفاق يشكل خطوة مهمة على طريق تحقيق السلام في دار فور، وقال العطية إن هذا اللقاء التشاوري قد ركز على مسيرة العمل الخليجي وقد قدمت تقريرا لأصحاب الجلالة والسمو لما تم إنجازه في هذه المجلس ومن بينها موضوع شبكة سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي والربط الكهربائي، خاصة أن هذا الربط الكهربائي قد بدأ هذا العام بالتشغيل في مرحلته الأولى التي تربط بين دولة الكويت والمملكة والبحرين ودولة قطر، كما انتهت الأعمال الإنشائية للمرحلة الثانية من المشروع التي تربط بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمشروع بمراحله الثلاث سوف ينتهي عام 2011 ميلادي، وبالتالي ربط جميع شبكات الكهرباء في دول المجلس الست، وهذا بدون شك سوف يحقق وفرة كبيرة في تكلفة الطاقة من ناحية ويحقق إنجاز استراتيجي من التكامل بين الدول الخليجية من ناحية أخرى، وهذا إنجاز كبير لدول المجلس وقد اطلع عليه القادة وسوف يدشن بشكل رسمي في قمة الكويت الـ 30 في ديسمبر كذلك اطلع القادة على الإنجازات التي تم إنجازها في مجال سكة حديد المجلس باعتبار أن هذا المشروع مشروع استراتيجي وحيوي وله أهميته في مجال النقل والمواصلات وتسهيل الحركة التجارية بين هذه الدول والبضائع وسيزيد حجم التجارة بين هذه البلدان.
واشار إلى أن قادة المجلس قد قدم لهم مقترح من الشقيقة سلطنة عمان الدولة التي ترأس قادة مجلس التعاون الخليجي الماضية وهو من القضايا التي يوليها جلالة السلطان قابوس بن سعيد اهتمامه في مسيرة العمل المشترك خاصة التي تمس الإنسان والبيئة.. وكذلك تفعيل دور القطاع الخاص بمسيرة العمل التنموي الخليجي والتجارة والاقتصاد من أجل دفع التجارة والاقتصاد إلى عمل مشترك والاستفادة من خبرات القطاع الخاص..
أصحاب الجلالة والسمو هذا الاجتماع برئاسة خادم الحرمين الشريفين قرروا إشراك القطاع الخاص في كل ما يتصل بأعمال اللجان الفنية في إطار مجلس التعاون، حتى يتمكنوا من الإسهام في صياغة القرارات وخاصة الجوانب التجارية..
وأوضح العطية أنه تم الاتفاق على مقر المجلس النقدي على أن يكون في مدينة الرياض وسيتم الإعلان لاحقا التفاصيل لهذا الاتفاق، مشيرا إلى أن دول المجلس حريصة على ترجمة الرغبات التي أكد عليها النظام الأساسي وسيتم استكمال متطلبات الاتحاد النقدي الأخرى، حيث إن هناك متطلبات قانونية وتشريعية ومؤسساتية والتصديق على اتفاقيات الاتحاد الدولي التي أقرت من قبل قادة دول المجلس في قمة مسقط.. ونحن الآن الدول الخمس اختارت المقر وهناك رغبة ملحة في أن يتم بعد استكمال المصادقات المضي على قدما في تشكيل مجلس النقد الذي يؤسس إلى قيام بنك مركزي وهذه المراحل المتصلة بعملية التكامل النقدي سوف تركز على أن يكتمل الإطار التشريعي والقانوني ومن ثم ننتقل إلى منظومة مؤسساتية قوية الإدارة الاتحاد النقدي واكتمال متطلباته الفنية ومن ثم الانتقال إلى طرح العملة كورقة نقدية، ولربما في بداية الأمر سوف ينظر على أن تكون كما كانت التجربة الأوروبية من خلال ما يسمى بالقيمة الحسابية.. أما البرنامج الزمني للعملة فلم يصدر بشأنه قرار ولكن طالما أن الاتفاقية أي اتفاقيات الاتحاد النقدي قد أقرت والمصادقة عليها والمقر قد اختير تبقى المسؤولية على مجلس النقد في كل ما يتصل بمنظومة العمل لاستكمال هذا المشروع لتحقيق الاتحاد النقدي في دول المجلس.. مستوى الإنجاز ممتاز فيما يتعلق بالأطر التشريعية والقانونية حيث تم إنجازه خلال فترة وجيزة وتجاوز كثيرا من العقبات.. وربما أنت على موعد وفجر جديد لتحقيق الوحدة النقدية، وقد بدأ الإنسان يلمس ما يتطلع إليه، هناك رؤية جديدة ومقترح قدمتها دولة قطر الشقيقة عرضت على أصحاب الجلالة والسمو ولاقت التأييد والدعم وشكلت لها لجان من أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية، ولها أن تستعين بمن تراه في إطار دعم هذه الرؤية من خلال اجتماعات وبرامج زمنية.. هذه الرؤية تتمحور في الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، كذلك بالنسبة لمجالات أخرى مثل المشروعات المتصلة بالوحدة النقدية، تأسيس بنك خليجي مشترك سوف ينظر إليها من خلال هذه اللجنة الوزارية.. وهذا ينطلق من منطلقات محددة في سبيل تحقيق الوحدة فيما بين دول المجلس، وألا يثني ذلك ما قد يتحقق من فوائد ويجب أن نضع نصب أعيننا كل ما يتعلق بالمواطن ورفاهيته.
بعد ذلك أجاب العطية عن أسئلة الصحفيين..
فعن التجارة الحرة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي قال العطية: لقد عدنا من مسقط حيث كان هناك اجتماع وزاري حول هذا الموضوع بين الجانبين.. ونحن في مرحلة تعليق هذه المفاوضات وقد حصل عدة مناقشات وتشاورات ومن خلال هذه المشاورات هم يريدون إقحام هذه الاتفاقيات في مسائل لا تمت للاتفاقية بصلة، ونحن نرى أن هذه الاتفاقية فيما جوانب سياسية وتعاملنا خلال السنوات الماضية معهم بروح عالية من التفاهم والحوار البناء، إنما بطبيعة الحال لابد أن أي جانب له علاقة بهذا الالتزام أن يعالج من منظور اقتصادي وليس تعليق المفاوضات على طريقة أحادية الجانب السياسي..
هم يريدون أن نقبل بما هو يخالف حتى القانون الدولي.. وهناك صعوبة أخرى تجارية وقد اتفقنا عليها.. وان تعالج الرسوم على ضوء نظام التجارة العالمية وهم وعدوا بالنظر فيها مع شركائهم والعودة إلينا.
وحول دعم القضية الفلسطينية قال العطية: القمم الخليجية من صلب موضوعاتها دائماً القضية الفلسطينية ومع شعب فلسطين ومع الحق والعدل، وقد عبرنا في الرسالة العربية التي نقلها ملك الأردن الملك عبد الله إلى الإدارة الأمريكية الجديدة التركيز على مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وحث على دفع العملية السلمية ومنع الاستيطان، والعراق والسودان هما أيضاً في ذهن القادة نأمل دائماً أن يحافظ على وحدة العراق وسيادته وأن يكرس العراقيون وبكل روح على الوحدة الوطنية والحفاظ على ترابه، ودولة قطر تعالج كثيراً من قضايا السودان.
وعن موقف القادة من الأحداث في اليمن أوضح أن دول المجلس مع اليمن ومع وحدته، وقال نحن نريد أن يكون اليمن مستقرا وتعزيز وحدته واستقراره، وبكل تأكيد فإن هناك مشروعات التزمت وتعهدت بها دول المجلس من خلال مؤتمر المانحين وخلال الاجتماعات التي تعقد بشكل دوري، وأننا دائماً إلى جانب أشقائنا في اليمن ونحرص كل الحرص على اخوتنا في اليمن وعلى وحدة وسلامة أراضيه وشعبه الشقيق.
وحول سؤال ل(الجزيرة) عن التقارب الأمريكي - الإيراني والقلق من مفاعل إيران على المنطقة أجاب العطية قائلاً: الواقع نحن نؤمن بقيم الحوار إنما أيضاً بأن أي حوار بين دولتين مثل أمريكا وإيران يجب أن لا يكون على حساب المصالح العربية الاستراتيجية وبخاصة مصالح دول مجلس التعاون.
وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني أضاف: هناك نوعان من التهديدات وأنا هنا لا أتحدث عن الملف النووي الإيراني.. تهديد استراتيجي وتهديد عسكري.. ونحن كما نعلم من الإيرانيين وكما يصرحون بأن هذا البرنامج للأغراض السلمية، لذلك نحن لا نعارض دائماً وقد عبرنا عن ذلك وأن أي برنامج نووي خارج نطاق المعايير التي اتفقت وأكدت عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو معاهدة الانتشار النووي، لأننا نؤمن بأن لا يكون مثل هذا البرنامج الإيراني الذي يؤدي إلى ابتزاز أو أن يكون الأغراض لا تتمناها.. كما نعلم أن هذا البرنامج وكما يعلنون أنه سلمي وبالتالي نأمل أيضاً في الوقت نفسه أن تحل أي أزمة بين إيران والجانب الغربي من خلال الحوار الدبلوماسي وبالطبع هناك تباين بين المواقف الأمريكية والأوروبية بهذا الخصوص، وتبقى المواقف الأوروبية إيجابية أكثر من الإدارة الأمريكية الجديد من خلال مبادر أوباما. نأمل أن لا تؤدي أو تكون على حساب الأمة العربية والمصالح الاستراتيجية وبطبيعة الحال دول مجلس التعاون الخليجي.
وعن مراجعة العلاقات مع إيران في ضوء تصريحاتها الأخيرة أوضح العطية أن مجلس التعاون الخليجي مواقفه واضحة وثابتة من خلال اللقاءات والاجتماعات على مستوى القمم أو غيرها من المسؤولين وهي مواقف معلنة لذلك على إيران أن تؤكد حسن النوايا اتجاه شعوب الخليج وأن تكون واضحة وشفافة وصريحة أننا لن نسمح لأي من كان أن يهدد أمن أي دولة بما فيها إيران، ولكن تصريحات المسؤولين الإيرانيين تجعل المنطقة قلقة كما أن على إيران أن تتعامل مع الخيارات الدبلوماسية لإنهاء هذه الأزمة ولا نريد أن تتكرر المشكلات في هذه المنطقة.
وفي رد آخر عن تساؤل ل(الجزيرة) عن تطور درع الجزيرة لحماية مكتسبات هذه الدول أجاب العطية بأن درع الجزيرة موجود بأذهان قادة هذه البلاد، وهناك مقترحات لدعم الجوانب العسكرية ضمن الخطط الاستراتيجية التي تقدمها كل دولة ولن أدخل في تفاصيل هذا التطوير حتى يجتمع الوزراء.
وحول تأثير الأزمة المالية على دول المجلس أوضح بأن قادة المجلس بحثوا عددا من الموضوعات مهمة ومنها الأزمة المالية العالمية وحجم هذه الأزمة، وقال إن اقتصاد دول المجلس - ولله الحمد - محصن من خلال الإجراءات التي اتخذتها دول المجلس والسياسات الحكيمة لقادة دول المجلس، وقال إن الدليل على ذلك هو المشروعات التنموية التي تقوم بها هذه الدول من خلال برامج زمنية منظمة.
وعن الاحتياطات اللازمة حول موضوع إنفلونزا الخنازير قال إن دول المجلس قد اتخذت كل التدابير للأزمة من خلال منافذها البرية والبحرية والجوية ولم يسجل أي شيء يدعو إلى الخوف في هذه الدول كما أن هناك اجتماعا مهما سوف يعقد يوم السبت القادم في الرياض لبحث هذا الموضوع.