Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/05/2009 G Issue 13369
الاربعاء 11 جمادى الأول 1430   العدد  13369

دفق قلم
وقفات مع فلسطين
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

يعجب المتابع لقضية فلسطين من شيئين، أوَّلهما وضوح هذه القضيَّة وضوحاً لا يحتاج إلى شرح أو بيان، ولا يجدي معه أي تأويل أو تفسير أو تضليل؛ فهي منذ أن بدأتْ قضيَّةٌ واضحة، لا يمكن لقانون عادل أنْ يتعب في معرفة حقيقتها. وثانيهما، مماطلة العالم، وتواطؤه، وتجاهله المتواصل لهذه القضية، وإخفاق القانون الدولي، وما يسمونه (الشرعية الدولية) في إعلان الحكم العادل تجاه هذه القضية، وفي اتخاذ الموقف الصارم تجاه المعتدي الظالم، حتى أصبح مجلس الأمن، الذي أعدّ اسمه من أسماء الأضداد كما يقال للَّديغ (سليم) فهو في حقيقته مجلس (الخوف) الذي تدخل إليه القضايا الدولية الكبرى الخاصة بالضعفاء كقضيَّة فلسطين واضحةً قويَّة، فتصبح في سراديبه معتمة مريضةً لا تستطيع الوصول إلى حقوقها، أقول: حتى أصبح هذا المجلس سنداً للمعتدي، وعوناً للظالم المغتصب، وكذلك أصبحت الهيئة الشمطاء التي يسمُّونها هيئة الأمم تجاه أوضح قضية معروضة عليها.

قضية فلسطين لا يمكن أن يعالجها هذا العالم المتواطئ على الظلم، ولا هذه القوانين التي تريد أن تقسم البلد بين اللصِّ وصاحب الدار، بحجة أن اللِّص قد استولى عليها، وغيَّر معالمها واستقرَّ في نواحيها، وإنما يعالج هذه القضية هذا الوقوف الصامد من أهل الحقِّ وهذه المقاومةُ التي تحسن التعامل مع هذا العدوِّ المستبدِّ الغاشم، وهذا الجهاد الذي يواجه هذه القوة اليهودية المتغطرسة التي لا تعرف معروفاً، ولا تنكر منكراً.

إن الذي يتتبع خطوات هذه القضية يدرك أنها لا يمكن أن تُعالج في أروقة مؤتمرات عالم يعترف باللِّص قبل اعترافه بصاحب الدِّيار، ولا بأس أن نقف وقفات سريعات مع هذه الخطوات: في عهد المندوب السامي البريطاني الأوَّل هربرت صموئيل، وهو يهودي، ما بين عامي 1920 - 1925م، بدأت معالم التهويد الأولى في القدس ببناء المستعمرات على هضباتها حتى أصبح عددها (16) مستعمرة وضاحية وحياً يهودياً عام 1948م.

أعلنت بلدية الاحتلال بالقدس قبل أيام أنها استوفت كافة الاستعدادات لتنفيذ قرار المحكمة الأخير بعملية هدم (50) منزلاً فلسطينياً في حي البستان بسلوان القدس في صيف هذا العام (2009م) مما يترتب عليه تشريد (850) فرداً من سكان الحي، ويسعى الاحتلال لثلاثة أهداف رئيسية أعلن عنها منذ بداية احتلاله لفلسطين، أولها إحداث تغيير جذري في الوضع السكني لصالح اليهود، وثانيها فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وثالثها عدم إمكانية جعل القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. حدثت مذابح متعددة بشعة على مرْأى ومسمع العالم ابتداءً من عام 1948م ميلادي إلى اليوم، تؤكد جميعها الإصرار الصهيوني، والصمت العالمي على تفريغ فلسطين من أهلها، وقد قال بيجن: لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل. لقد ارتكب هذا العدو الظالم أكثر من مائة مجزرة في حرب 1948م التي احتلَّ بها فلسطين، يضاف إليها مئات المذابح التي رأينا واحدةً من أبشعها رأيَ العين في الحرب الغاشمة على غزّة هذا العام.

قضية فلسطين واضحةٌ لا يستطيع أيُّ نظام دولي أن ينكرها، ومع هذا الوضوح فهي القضية العالمية الأولى التي لا تزال تائهة في سراديب القوانين الدولية التي يمكن أن توصف بأنها ظالمة، ولكنَّ الحقَّ لا يضيع، والله سبحانه وتعالى بكل شيء محيط.

إشارة :

أنا لا أرى جور الأعادي عائقاً

لكنَّ ضعف المسلمين العائقُ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد