أول صحيفة عربية إلكترونية هي صحيفة سعودية بدأتها جريدة الشرق الأوسط في عام 1995م، وكانت قد سبقتها الصحافة الغربية في النشر الإلكتروني الذي بدأته صحيفة (شيكاغو أون لاين) التي تعد أول صحيفة إلكترونية على الإطلاق، وقد صدرت عام 1992م على شبكة أمريكا أون لاين.
** ومن عام 1995م والصحف الإلكترونية تتكاثر وتنمو بسرعة مذهلة، على الرغم من تدني نسبة استخدام شبكة الإنترنت في العالم العربي أو النامي مقارنة بأمريكا وأوروبا واليابان والصين؛ إذ يظهر تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002م أن المنطقة العربية تأتي في ذيل القائمة العالمية فيما يخص عدد مواقع الإنترنت وعدد مستخدمي الشبكة.
** على الرغم من هذا التدني في عدد المواقع ونسبة المستخدمين إلا أن ذلك لم يمنع أيضاً من تدني المستوى النوعي؛ فكثير من المواقع العربية على الإنترنت تقوم على قاعدة ترويجية فضائحية، تنتهك فيها الخصوصيات، وتفتقر إلى المصداقية، وتروّج للأكاذيب، وتنشر صوراً مفبركة وخطابات مزورة.. ويبحث أكثر المستخدمين للإنترنت عن الفضائح والشائعات، ويعدّ الباحثون عن المعلومة هم النسبة الأقل بين المستخدمين في ظل تزايد ساحات الحوار السمج والساذج وتبادل الخبرات التافهة والارتكاس إلى عالم النميمة والثقافة الجنسية الرديئة!
** يروعك أن تترك أبناءك فريسة لخبرات تافهة يتلقونها عبر مواقع الإنترنت التي تدعي أنها مواقع آمنة وتتخذ من شعارات الدين وحماية الأعراض لبوساً لها، بينما هي تروّج للفساد بنشرها تفاصيل الخطايا والآثام وتحويلها إلى مادة مدعمة بالصور التعبيرية للترويج وكسب الشهرة..
** لقد أخذنا من الأوعية المعلوماتية أسوأ ما فيها، وجعلناها وسيلة للإطاحة بالخصوم بأرخص الأساليب، وهي الشائعات والتلفيق، وجعلناها وسيلة للتكسب الجسدي والابتذال الأخلاقي، ودخلتها النساء المخفورات ليخلعن برقع الحياء وليمارسن عبر الشات وساحات الدردشة كل رذائل اصطياد المتعة الوقتية الرديئة، ودخلها الرجال الذين يلوحون بالويل والثبور لكل اختلاط أو ما يوحي به، واختلطوا بالنساء عبر أحاديث الشات والمراسلات وقالوا في السر ما لا يقوله عربيد مخمور..
** تحول الإنترنت إلى عالم موازٍ، يهرب إليه المرضى والباحثون عن هدر الوقت وسد عوز العاطفة، وهزيمة الخصوم واصطياد الفرائس، وتحول إلى عالم سفلي رديء هو بأمسّ الحاجة إلى تطهير وتنظيف وسَنّ أنظمة صارمة للمخالفين والمسيئين، وإلى قواعد نشر إلكتروني تحمي ثقافة المجتمع وخبراته وقيمه وعاداته وتعيد الناس إلى واقعهم وعلاقاتهم الطبيعية التي اختفت بفعل الاكتفاء بعلاقات رسائل الإيميل والدردشة وحوارات الماسنجر والمنتديات..
** الفوضى لها ضحايا، وما يحدث اليوم من تساهل في تفشي وانتشار ثقافة الإنترنت الرديئة التي تصلك عبر بريدك وبريد أطفالك دون أن يكون لك يد في منعها، لا بد أن تتدخل الجهات المعنية بالنشر والإعلام والاتصالات في سن قوانين وأحكام وعقوبات وتحجيم لهذه الفوضى الرخيصة التي تهدد الأمن الأخلاقي والفكري لمجتمعنا.
fatemh2007@hotmail.com