بلغت جملة ما أنتجت الدراما التلفزيونية من أعمال خلال عام 2008م (بحسب مجلة الدوحة القطرية)، أكثر من 300 مسلسل درامي تنوّعت بين الدراما الاجتماعية، سير شخصيات فنية، تاريخية، أعمال مرتبطة بالأساطير، أو قضايا ذات بعد إنساني.. تابعت منها (فقط) و(بصورة متقطعة) مسلسل (أسمهان).. وسبب تقطع المتابعة كوني لست على وفاق مع الالتزام اليومي في متابعة البرامج الأسبوعية!!
فكيف بالمسلسلات اليومية!! الأمر الذي ترتب عليه ألمي من جراء عدم تمكني من متابعة مسلسل (أم كلثوم) أو (نزار قباني) للسبب نفسه!! ولا أدري هل سأجتاز الهنة وأتابع مسلسل (في حضرة الغياب) قصة حياة الشاعر الكبير محمود درويش الذي سيطل علينا في رمضان المقبل...
دراما هي الآن في عصرها الذهبي بعد أن شهدت ستينات وسبعينات القرن الماضي العصر الذهبي للسينما.. فهل ستدرج المسلسلات التركية والمكسيكية المدبلجة ضمن ذلك العصر!!!
(نور، سنوات الضياع، لحظة وداع، دموع الورد) مسلسلات مدبلجة بثت بلهجة سورية ركّزت على عالم الحب والرومانسية.. إطالة المشاهد وبطء الإيقاع وكثرة الدموع والمغالاة في التمثيل.. بجانب التركيز على وسامة الرجال وجمال النساء..
مسلسلات حظيت بنسبة مشاهدة عربية عالية جداً نتج عنها العديد من المشاكل الأسرية وحالات وصل بعضها إلى الطلاق عندما يسقط المتلقي المشاهد على واقعة الذي يعيشه أو يماثل بين شخص وآخر كمماثلة الزوجة بين زوجها وبطل المسلسل.. والعكس.
بل إن بعض الزوجات طلبن من أزواجهن أن يكونوا على طريقة أبطال المسلسلات كمهند مثلاً..
ولأن البطل نجح في استدراج المشاهد العربي وكسب ملايين العيون نراه الآن يطل عبر مسلسل آخر في أحداث لا أظنها ستختلف كثيراً عن الأحداث السابقة مع تغيير طفيف جداً..!! فأي هدف رتب له من رأى دبلجة تلك المسلسلات؟!!
* * *
أكاد أتفق وبشدة مع المفكر اللبناني الدكتور (علي حرب) بأن تأثير المثقف والمفكر لا قيمة له أمام تأثير المطرب والممثل أو لاعب الكرة!! فأين تكمن المشكلة؟!!
والدليل مسلسل أسمهان عندما عرض أثار مشاكل عائلية واعتراضات من قبلهم لدرجة أن طالبوا بعدم عرضه للمشاهد.. فأين كان صوت تلك الاعتراضات وأغلب أحداث المسلسل مأخوذة عن كتاب صدر قبل 15 عاماً!!
لماذا.. لأن العرب أمة لا تقرأ!!
* * *
استطاع هذا الجهاز الصغير بانفتاحه على العالم وعلى مختلف الثقافات وجميع الشعوب، استطاع جذب المشاهد إليه بطريقة ماكرة وساحرة في آن!! ولا اعتراض لنا في ذلك..
الاعتراض على التخبط في مشاهدة ما يعرض ويقدم لنا!!
والاعتراض على استغلال بساطة المتلقي في عرض مسلسلات غير جديرة بالاستهلاك العربي..
الاعتراض على أن الهدف مادي بحت وليس تثقيفياً، حيث إن الدراما فرصة لتوعية المشاهد وتثقيفه، أو ربطه بالشعوب الأخرى، والمساهمة في علاج مشاكله، أو ربطه بتراث الوطن العربي، وبحضارة البلد، وجعله على اتصال مستمر بشخصيات بارزة كان لها أن مرت من هنا يوماً، أمثال الفاتحين والأدباء والفنانين والمثقفين أو المفكرين وأي شخصية أخرى خيّرة أو شريرة بأن تقدم بصورتها الصحيحة وبأبعادها التاريخية اعتماداً على كتب التاريخ وسير الأشخاص بعيداً عن التورية كما حدث (مثلاً) مع شخصية (أبي لهب)..
كل كتب التاريخ تصفه بأنه كان وسيماً للغاية وسُمي (أبا لهب) لشدة احمرار وجهه في حين نجده في معظم المسلسلات التي تعالج فترة السيرة النبوية رجلاً يفيض بشاعة في هيئته!! ويرى السيناريست المصري (مصطفى محرم) أنه من السذاجة الاعتماد على التورية في تقديم الشخصيات لأن الشر يكون قوياً في تأثيره عندما يصدر عن إنسان لا توحي هيئته بذلك فمن الأفضل وجود تناقض بين المظهر والسلوك.
الدراما وجه آخر لثقافة وتثقيف المشاهد لذا ينبغي عندما تقدّم له رموز المجتمع في مسلسل أن تقدّم بسيرتها المكتملة والصحيحة.. أو إذا قدمت قضية أن يهدف المنتج من وراءها (ثقافة المشاهدة) في ظل غياب (ثقافة القراءة)!!
Happyleo2007@hotmail.com