«الجزيرة» - الرياض
اعتبر تقرير حديث أن أنباء تفشي وباء إنفلونزا الخنازير في المكسيك تأتي في ظروف غير مواتية، خاصة وان المستثمرون والمراقبون يعقدون الآمال في تحقيق استقرار نسبي في الوضع الاقتصادي، وأن احتمال حدوث أزمة عالمية أخرى تمثل خطورة محتملة بالغة الخطر، وأكثر إلحاحاً، ومصدر رئيسي جديد للقلق.
وقال تقرير البنك الأهلي التجاري إن تاريخ الأوبئة على مدى القرن الماضي يشير إلى إمكانية حدوث سلسلة من النتائج من بسيطة نسبياً إلى كارثية.. كان الأثر المباشر للأزمة تعديل لتوقعات النمو في أسواق الأوراق المالية بواسطة المشاركين في السوق بينما تخضع الأسهم والسلع لتعديلات تنازلية. حتى وإن أثبتت الأزمة إمكانية معالجتها، فقد تعصف مخاطرها بموجة التفاؤل الأخيرة، رغم أن أزمة ذات مدى زمني قصير للغاية قد تؤدي إلى تسابق لإغاثة ذات أهمية.
وبين التقرير أن الأوبئة سمة متكررة في التاريخ الاقتصادي العالمي، في حين أن معظمها كانت محدودة نسبيا من حيث الفترة وأثرها الاقتصادي، كانت (الأنفلونزا الإسبانية) في عام 1918- واحدة من أكثر الأوبئة المدمرة في تاريخ البشرية، حيث أودت الأنفلونزا بعد الحرب العالمية الأولى بحياة 40 مليون شخص في العالم. مشيرا إلى أن المصدر الرئيسي للقلق من الأوبئة يكمن في الصعوبة البالغة في تنبؤ أثرها، حتى وتم أن تفادي أزمة كبيرة، ربما يمر بفترة - من المحتمل أن تكون عدة أشهر - من تصاعد القلق والتوتر وينطوي أثر هذا الوضع على احتمال كبير للاضطراب والاقتصاد العالمي يمر بأزمة أكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية.
إنفلونزا الخنازير هو ثالث ذعر عالمي رئيسي للصحة العامة:
أوضح التقرير أن اندلاع إنفلونزا الخنازير هو ثالث ذعر عالمي رئيسي للصحة العامة خلال هذا العقد. حيث شهد عام 2003م الالتهاب الرئوي الحاد (السارس) والالتهاب الرئوي الذي تسببه فيروسات كورونا سريعة العدوى، حيث سجلت نحو 8000 حالة بين نوفمبر 2002م ويوليو 2003م، من بينها 774 حالة وفاة في 37 دولة عقب أول تفشي للمرض في جنوب الصين. وذلك مقارنة بتقديرات 40.000 حالة وفاة سنوية جراء الأنفلونزا الموسمية العادية في الولايات المتحدة. في حين أن اتخاذ إجراءات وقائية حازمة من جانب سلطات الصحة العامة في جميع أنحاء العالم قد نجحت في منع تحول أوبئة السارس المحلية إلى وباء عالمي، إلا أن خطر عودته مجدداً لا يزال قائماً. اندلع وباء إنفلونزا الطيور في عام 2005م وباندلاعه توقعت جهات التنسيق العالمي احتمال إصابة 20% من سكان العالم بهذا الوباء.
في النهاية، رغم ذلك، أودى هذا الفيروس بنحو 248 شخصا وهو عدد غير متوقع. ثمة عامل هام هو عدم انتقال فيروس H5N1 بطريقة مباشرة بين البشر.
الآثار الاقتصادية:
قال تقرير البنك الأهلي إنه يصعب تحديد حجم الآثار الاقتصادية الناجمة عن الأوبئة، ويرجع ذلك إلى أن العديد منها غير مباشرة وذات صلة بالثقة.
وتباينت مختلف التقديرات التي أدلى بها المؤرخين الاقتصاديين والمحللين كثيراً بشأن آثار أوبئة القرن العشرين والحادي والعشرين. أودت الإنفلونزا في عام 1918-1919 بالكثير من الضحايا أي أكثر من مجموع ضحايا الإيدز خلال القرن العشرين. وتعرف الإنفلونزا بوجه عام بأنها عامل مساهم للركود في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى وبعض آثاره كانت طويلة الأمد، وذلك لأنها تستهدف البشر في الفئة العمرية من 20 إلى 50 سنة. وعلى النقيض من ذلك تشير التقديرات إلى أن السارس قد خفض إجمالي الناتج المحلى لهونج كونج بنسبة 2.6% أكثر من المستوى الذي كانت ستصل إليه في ظل غياب الأزمة. وخسرت الصين 1.1% من النمو وتايوان وسنغافورة نحو 0.5%. في الواقع، امتدت آثاره إلى قطاعات محددة.
وبين التقرير أن مكتب الميزانية بالكونجرس الأمريكي قام بمحاولة تقييم الأثر الاقتصادي للأوبئة في عام 2005-2006م. ففي حال اندلاع حاد - تصاب 30% من القوى العاملة (وتغيب في المتوسط حوالي 3 أسابيع عن العمل) ويبلغ معدل الوفيات 2.5% توصلت إلى أن آثار ذلك تماثل متوسط ركود ما بعد الحرب وبخسارة حجم إنتاجها السنوي، نسبياً لهذا الاتجاه، من 4 - 4.25%. قد يؤدي هذا إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 2%.
ونتيجة كهذه من شأنها أن تعرض أنظمة الرعاية الصحية العامة في عدد من البلدان لضغوط حادة. وسيتراجع أعداد المسافرين ففي ذروة تفشي مرض السارس خلال إبريل عام 2003م، انخفضت رحلات شركات الطيران القادمة إلى هونغ كونغ إلى الثلث تقريبا عن مستواها في مارس. وتأثرت مجموعة واسعة من خدمات التجزئة حيث يسعى البعض لتجنب الاتصال مع الآخرين. وكذلك الحضور إلى أماكن العمل. ولكن ستكون الآثار ذات نطاق واسع بسبب هشاشة الاقتصاد العالمي. سوف يؤثر احتمال استمرار تدهور الطلب وتأخر الانتعاش على السلع، وكذلك على معظم قطاعات الاقتصاد. ومن المفارقات، ربما يجعل وجود ركود في الاقتصاد العالمي بسبب البطالة الزائدة والقدرات غير المستغلة بعض من الاختلالات التي سببتها الأزمة أقل اضطراباً.
ويفترض مكتب الميزانية بالكونجرس سيناريو الوباء المعتدل هجوم بنسبة 25% (بمتوسط التغيب عن العمل لمدة أربعة أيام)، ومعدل وفيات 0.1%. في المقابل، لن يؤدي إلى آثار ضارة واضحة. لن تتجاوز خسائر الإنتاج نسبة 1% من هذا الاتجاه، وهي مشابهة تماما للتقلبات الدورية العادية. ومع ذلك، فإن آثار هذا الوباء الخفيف قد تسبب اضطراباً أكثر على خلفية الضعف الاقتصادي الواسع النطاق.
ورجح التقرير أن يكون أداء الأسواق استجابة للأزمة مقرونة بتجربة السارس إلى حد كبير. حيث تشير التوقعات إلى أن هذه الحالة الطارئة، (ليست أسوأ) ومن المحتمل أن تؤدي إلى اضطراب أقل حدة. ومع ذلك، فمن المحتمل أن يؤدي وجود دليل أزمة أكثر حدة إلى قدر كبير من القلق مصحوباً بآثار سلبية جداً على النمو في المدى القريب.