نظام الشركات السعودي العريق، أصبح عرضة للإضعاف والتشتيت، إن أقرت توصية مجلس الشورى المنشورة بالصحف يوم الاثنين 2 جمادى الأولى 1430هـ القاضية باستثناء البنوك من المواد رقم (1 - 48 - 157) من نظام الشركات بناء على طلب مؤسسة النقد، لكي تتمكن البنوك من إنشاء شركة الشخص الواحد، والتيسير في إنشاء الشركات من قبل المستثمر المحلي والأجنبي، ومنعاً للتستر، وتمشياً مع متطلبات العولمة، والتجارة الدولية.
ونعتقد أن لمثل هذا القرار آثاراً سلبية يتعين مراعاتها. وهو بحاجة إلى إخضاعه للمزيد من الدراسة والتأني للأسباب التالية:
1- إن البنوك في الأساس هي شركات تجارية ليست بحاجة إلى أن تأسس شركات أخرى، وإنما يمكنها الاستحواذ، أو الضم، أو الاندماج، وهي النماذج المعترف لها بموجب النظام.
2- تضمنت التوصية استثناء البنوك من ثلاث مواد فقط من نظام الشركات، وهذا يعني أنها ستخضع لباقي مواد النظام المصمم في الأساس لشركات تقوم على شرط موضوعي وهو تعدد الشركاء. أي تخرج عن نطاقه شركات الشخص الواحد، وهذا يعني أن شركة الشخص الواحد حسب توصية مجلس الشورى ستعمل دون نظام يحكمها.
3- إن فكرة شركة الشخص الواحد تناسب المشروعات الصغيرة، بقصد تشجيع الأفراد على ممارسة التجارة عندما تفصل ذمة المشروع عن ذمة صاحبه الشخصية، ويصبح رأس مال المشروع وحده هو الضمان العام للدائنين ولا يمتد الضمان لأموال صاحب المشروع الخاصة. وهذا النموذج طبق بشكل ضيق في بعض الدول، وبموجب تشريعات خاصة.
4- من الصعوبة قبول القول إن دواعي الاستثناء تفرضه متطلبات العولمة والتجارة الدولة. فالعولمة لا تفرض على الدول تعديل أنظمتها. بل من الخطورة الانسياق لبعض المفاهيم دون التحصن خلف أنظمة قوية تمليها المصالح الوطنية الخالصة.
لهذه المبررات، نعتقد أن المسألة بحاجة إلى إخضاعها للدراسة المتعمقة. فمن الصعوبة الترخيص للبنوك تأسيس شركات استناداً لاستثناء محدود من النظام الحالي تلافياً للإرباك المحتمل على مستوى المتعاملين، وعلى مستوى القضاء.
فإذا كان العمل التجاري يتطلب بالفعل الترخيص لشركة الشخص الواحد، فالأجدر التفكير في تنظيم خاص لهذا النوع من الشركات، أو إجراء تعديل جوهري على نظام الشركات القائم بأن يخصص باب مستقل تحت عنوان (شركة الشخص الواحد) بموجب أحكام خاصة تؤهل كل مقتدر تأسيس شركة دون حصرها على البنوك فقط.
ولا يوجد مبرر للاستعجال، فالبنوك، وهي شركات تجارية قائمة، أمامها مجالات واسعة إن رغبت التوسع بأنشطتها، كالاستحواذ، أو الاندماج، أو الضم، وهي مجالات مفتوحة على مصراعيها وبموجب النظام.