Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/05/2009 G Issue 13365
السبت 07 جمادى الأول 1430   العدد  13365
ثقافة بيئة العمل
د. عبدالله بن سليمان العمار

 

يُعد العمل من الأساسيات في حياة الإنسان، وبالعمل ترقى الشعوب وتعمر الأوطان، وكل عمل له خصوصية ودقة في طريقة أدائه وإنجازه، ويكتسب الإنسان الخبرات من العمل الذي يقوم به سواءً كانت طبيعة العمل الذي يقوم به ذهنياً أو بدنياً، ومن الطبيعي أن يتم الاحتكاك بين الأفراد العاملين في سبيل إنجاز الأعمال الموكله إليهم وبذلك يتم تكوين علاقات فيما بينهم من خلال تعاملهم، ومن هنا تكمل العلاقات الإنسانية، حيث تم الوصول إلى الشخص الآخر بالطريقة المناسبة والتي من خلالها يتمكّن كل شخص من تحقيق الغاية المرجوة منه في أداء عمله. وتُعد بيئة العمل من أهم جوانب الرضا والنجاح، كما أنها من أكبر مصادر الصراع والفشل أيضاً، فالنجاح في العمل يولّد متعة حب العمل في الأفراد والرغبة في المزيد من العطاء وينتج عن ذلك ارتفاع في الروح المعنوية وتحفيز فريق العمل الواحد، أما الصراع داخل بيئة العمل فيخلق نوعاً من التوتر والقلق في جو العمل ويصيب الأفراد العاملين بالاكتئاب المؤدي إلى الإحباط والفشل وانخفاض الروح المعنوية.

ومن هنا يمكن القول، ووفقاً لما تؤكّد عليه الدراسات النفسية العديدة أن العلاقات الجيدة في بيئة العمل تعد من أهم جوانب الدعم المعنوي للنجاح، فمن خلالها يمكن تلقي الإرشاد والنصائح، والتفاعل مع الآخرين ضمن ما يسمى فريق العمل من أجل تحقيق الهدف المنشود في وقته المحدد ووفق أعلى المستويات، وبالطبع حتى ينجح فريق العمل في تحقيق أهدافه لا بد أن تكون العلاقات بين العاملين قائمة على المودة والثقة، وكذلك لا بد من توفر الدعم الاجتماعي والمادي، لأن العلاقات الجيدة أثناء العمل تمنح فريق العمل السعادة، وتزيد من الإنتاج الذي ينعكس بشكل إيجابي على المنظمة والعاملين بها. إن تطوير مهارات العمل يأتي عن طريق الاحتفاظ بعلاقات طيبة في العمل فكل فرد يمثّل شخصيته وثقافته وأخلاقه في عمله، لذا يُعد الاتصال الجيد والفعَّال بأنه عصب العلاقات البشرية فهو ينقل الموظف إلى صفوف المبدعين ويجعل العمل أكثر متعة ويصحح أي خلل يحدث في العلاقات، كما أنه أسرع طريق للإحساس بالمسؤولية.

ومن جانب آخر، نجد أن ثقافة بيئة العمل بمعناها المتشعب شبه مفقودة في واقع عمل بعض المنظمات، ولعل من أسباب ذلك عدم معرفة القائمين في الإدارة العليا في المنظمة بمفهوم بيئة العمل الصحية والتي ترتكز محاورها المهمة على التعاون والإحساس بروح العمل كفريق واحد والمرونة في التعامل بين الموظفين وشعورهم بالمسؤولية الحقيقية الملقاة على عاتقهم والمشاركة بين القطاعات الأخرى والحرص على توفير أنماط حياة صحية تنعكس بدورها على بيئة العمل نفسها، لذلك فلا بد من تبنى مراكز قيادية متخصصة يتم إخضاع المدراء العاملين في القطاع المكتبي لدورات وندوات تنمي هذه الفكرة لدى موظفيهم.

وأختم بالقول، بأن البيئة الصحية في العمل تلعب دوراً كبيراً في سير العمل وزيادة إنتاجيتة، كما أنها تبث في الموظفين روح التعاون والمثابرة لتحقيق أهداف المنظمة المرجوة، كما أن إيجاد بيئة عمل صحية يُعد مطلباً أساسياً في المنظمة، بل إنه في اعتقادي مطلب تنموي إستراتيجي يكون مردوده سهولة وإتقان إنجاز العمل، أضف إلى ذلك النواحي النفسية الجيدة التي تسود ما بين الموظفين وتنعكس إيجابياً على حياتهم العملية والشخصية على حدٍ سواء.



aammar@saudiedi.com e-mai

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد