Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/04/2009 G Issue 13355
الاربعاء 26 ربيع الثاني 1430   العدد  13355
أنت
هيئة حقوق الإنسان والنيات الصالحة
م. عبد المحسن بن عبدالله الماضي

 

في مقالة سابقة شَبَّهتُ بعض هيئاتنا الوطنية بالماركات المحلية أو العالمية من ناحية سهولة أو صعوبة التسويق.. ووصفت هيئة حقوق الإنسان بأنها ماركة عالمية تماماً مثل (كوكاكولا ومرسيدس).. وهذا يجعل من تسويق فكرتها وإشاعة مفاهيمها مهمة سهلة ميسورة.. ثم وصفت مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بأنه ماركة محلية، وهذا يجعل من تسويق فكرها والتعريف بنشاطها مهمة أصعب.. ثم ألمحت إلى النجاح الذي تحقق لمركز الحوار وهو ما لم يتحقق لهيئة حقوق الإنسان.. وكان يُفْترض أن يحدث العكس.

الردود والملاحظات التي وردتني على المقالة كانت بين مؤيد ومعارض ومُتَّهِم.. سوف أتركها كلها وأعرض لكم وجهة نظري في رأيين: الأول يرى أن المشكلة في التمويل وهو الذي أفشل مهمة إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع السعودي.. والثاني يرى أن الحوار قضية محلية ملحة بينما حقوق الإنسان قضية نخبوية عالمية لا تعاني منها بلادنا.

وإذا ناقشنا الرأي الأول، فتنمية الموارد المالية (حكومية أو خاصة) لنشاطات وفعاليات الهيئة أمر يسير.. فنحن لسنا في بلد محدود الإمكانيات.. كما أن المساهمة في تمويل مشروعات الهيئة من قبل القطاع الخاص عمل يضيف إلى كل من يرتبط اسمه بهذه الهيئة ذات السمعة العالمية.. والقصور من وجهة نظري هو في الفكر الإبداعي والنشاطات الخلاقة وليس قصوراً في التمويل.

الأمر الثاني، وهو أن قضية حقوق الإنسان قضية نخبوية.. فهذا القول يدل على أن القائلين به يعيشون في عزلة.. نعم إن بلادنا -ولله الحمد- تعيش تحت ظل حكم رشيد وحكومة غير قمعية.. لكن الحقيقة أن بلادنا -وهي مهبط الوحي وقبلة المسلمين- تواجه ضغوطاً بهذا الخصوص.. بل إن أحد أهم أسباب قيام الهيئة هو مواجهة تلك الضغوط الخارجية.. إذاً فحقوق الإنسان في بلادنا محل شكوى أو لنقل محل نظر.. وهذا لا يليق بنا ولا بما نطمح إليه.

والمطلع عن كثب على هيئة حقوق الإنسان سوف يجد أنه في مبتداها تم إسناد أمر تكوينها وبناء كوادرها إلى رجل اشتهر بالإخلاص والانضباط والنزاهة.. واستقطب من عرفهم بهذه الصفات من زملائه السابقين.. لكن المشكلة التي واجهتها الهيئة أنه في خضم البحث عن الانضباط وترشيد الإنفاق ضاع الهدف الأساسي، وهو نشر الوعي بحقوق الإنسان.

لا يكفي أن تتصف كوادر وقيادات هيئة كحقوق الإنسان بالإخلاص والانضباط والنزاهة بل يجب أن تكون مؤمنة بمفاهيم وقيم حقوق الإنسان.. وأن تملك الفكر والرؤية وتعرف وسائل السعي لتحقيق الهدف.. فالمطلوب من الهيئة في هذه المرحلة على الأقل فكري لا تنفيذي.. معرفي لا تطبيقي.. توعوي لا إجرائي.. أيضاً ليس من المقبول (منطقياً ولا عملياً) أن يكون من بين أعضاء مجلس الهيئة أو موظفيها من لديه تحيز إقليمي أو طائفي أو قبلي.. فهل استطاعت الهيئة تحقيق هذا في كوادرها؟.

الأمر الآخر أن هدف الدولة -رعاها الله- من إنشاء الهيئة ليس هدفاً شكلياً أو تنفيذياً بل فكري في المقام الأول.. وإشاعة الفكر له وسائل وآليات تتجاوز حدود النيات الصالحة..

وللحديث بقية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد