أشعر أنني أكثرت من الكتابة عن موضوع الوثائق في المملكة العربية السعودية، ولا يذهب الظن بجهة أو إنسان أنني أهدف إلى إثارة أو تحريض فهذا ليس غرضي أو هدفي.
إذن لماذا هذا التكرار؟
ولماذا هذا الإصرار على الكتابة عن الوثائق مرات ومرات؟
الجواب هو ما أعايشه.. فأنا من وقت لآخر أضطر إلى استخدام وثائق في بعض دراساتي وبحوثي الأكاديمية، فأجدني أكتشف مجموعات شخصية وحكومية غير معروفة وغير متداولة وأغوص من خلالها في كم من المعلومات الجديدة المفيدة والتي تعطي البحث تميزاً واضحاً، ولا ننكر هنا أن:
النشاط المؤسساتي في جمع الوثائق فاعل ومهم في توفير كم طيّب منها، وهو دون شك يقدِّم للباحثين معلومات ثرية عن الوثائق ويسهم بكل فاعلية في حفظ الوثائق ومعالجتها.
ولكن هذا الكم الوفير الذي يخرج علينا كل يوم من الوثائق المحلية يجعلنا نتساءل عن الوسيلة المُثلى لجمع هذا الكم المتناثر وهو لا يقل أهمية وقوة عن المحفوظ في المؤسسات العلمية.
هل الاتصال بأصحابها وحثهم على حفظها في جهات توفر لها الأمن والخدمة يجدي ويفيد؟ أو هل المقابل المادي يغريهم للتخلّي عنها؟ أم لا بد من إصدار نظام يحدّد كيفية التعامل معها؟
دفعنا إلى الكتابة اليوم العمل الجديد للأستاذ فائز البدراني عن وثائق ينبع ووادي الصفراء وبدر، فما جمعه في المجلد الأول يثير الدهشة، فهي إضافة إلى ما نشره من قبل من مجلدات عن وثائق وادي الفرع يؤكّد أن كل قرى المملكة وبلدانها تحفل بما يماثلها، وأن ثروة علمية كبيرة تختزن فيها، وأن كتابة تاريخنا المحلي لن تكتمل إلا باستخدام هذه الوثائق التي تضم معلومات اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية، والتي تمثِّل مرآة المجتمعات التي أخرجتها، ويحمد للأستاذ فائز البدراني أريحيته التي دفعته إلى نشر النصوص مما يتيح للباحثين والباحثات التقاط ما يساعدهم في إعداد دراساتهم في التاريخ المحلي الحديث والمعاصر.
كنز الوثائق في المملكة لا يزال مدفوناً، ودفنه ليس فقط لأن الكثير منه في أيدي أسر وأفراد ومتناثر في قرى وبلدان، ولكن لأن أغلب ما هو محفوظ في المؤسسات العلمية غير معروف ومن ثم لا يختلف وضعه عن ذلك المجهول.
أفرجوا عن الكنوز، وساعدوا الباحثين على استخدام محتواها لنتعرّف على تاريخنا بوجهه الحقيقي.