حدثني أحد الإخوان عن مشروع حدائق الملك عبدالله العالمية والتي تشهد حالياً مداولات في أوساط قاطني جنوب وغرب العاصمة كون الشركة المتعهدة قد بدأت فعلياً عمليات التمهيد والتحضير ومن ثم سيبدأ قريباً الجزء الخاص بتسوير تلك الحدائق
وبقدر سعادتي بذلك وبما يتأمله جميع من يقطن تلك المنطقة بشكل خاص وسكان العاصمة بشكل عام إلا أن تعجباً ما أصابني وأنا أتصفح باستغراب أخبار ذلك المشروع والاتفاقيات المبرمة وما صاحبها من تصريحات لمسؤولين في الأمانة أو من لدن سمو أمين المنطقة.
أترككم أعزائي مع بعض مما ورد ووجدت ضرورة لإدراجه في مقالي: تشهد العاصمة الرياض في الحادي عشر من رمضان المقبل الذي يصادف اليوم الوطني الـ(77) الاحتفال بوضع الحجر الأساس لمشروع (حدائق الملك عبدالله العالمية) إحدى أكبر الحدائق من نوعها في العالم، والتي تبرع بإقامتها أهالي الرياض احتفاء بمليكهم بمناسبة البيعة في العام 1426هـ وقدموا تبرعات لهذا المشروع تجاوزت 110ملايين ريال، كما ينتظر أن تشهد الرياض كذلك خلال اليوم الوطني وضع الحجر الأساس لمشروع متنزه الملك عبدالله بالملز ليكون المشروعان إضافة ضخمة لقطاع السياحة والترفيه في المنطقة والمملكة.
وتصل تكلفة المرحلتين الأولى والثانية لمشروع الحدائق (330) مليون ريال وتشمل تهيئة الموقع وإنشاء الحدائق الداخلية وبناء شكل الهلال وحدائق نباتية فيما تتبقى مرحلة ثالثة مستقبلية، وتصل مساحة هذا المشروع الضخم مليوناً و700 ألف م2 ويقع على طريق جدة السريع.
وتعد حدائق الملك عبدالله العالمية ضمن أكبر ثلاث حدائق نباتية مغطاة في العالم وتشتمل على أنماط من الحدائق العالمية بتصاميم فريدة وكذلك حدائق مائية وثلجية وصحراوية وحدائق أسماك وشلالات وحدائق أطفال وطيور وفراشات وزواحف وزهور وعناصر خدماتية متكاملة كالأسواق والمسارح والجلسات والمقاهي والملاعب وغيرها من خدمات، فيما يضم مشروع متنزه الملك عبدالله بالملز ملاعب للأطفال وحدائق ومحلات تجارية وواحة للعلوم ومنطقة لإطلاق البالون ومركز معارض وساحة للعروض وحدائق متنوعة، ويتميز مشروع الحدائق العالمية باستخدام الطاقة المتجددة والاستفادة من أقل كميات ممكنة من المياه، كما يجمع المشروع التثقيف والتعليم والترفيه في نفس الوقت لزواره من خلال أسلوب عرض وإتاحة العناصر المختلفة في المشروع للزوار.
وكان 12مكتباً سعودياً وعالمياً قد تنافست في إعداد الدراسات والتصاميم لمشروع الحدائق حيث تم استقبال العروض عقب عيد الفطر العام الماضي فيما تم الانتهاء من إعداد وثائق التنفيذ في جمادى الآخرة الماضي بعد أن وقعت أمانة منطقة الرياض عقد مشروع التصميمات مع شركة عالمية.
وكانت عدد من كبريات الصحف العالمية قد أشادت بفكرة إقامة مشروع ضخم كمشروع حدائق الملك عبدالله العالمية في منطقة صحراوية وعلى مساحة شاسعة.
وقالت صحيفة (الأوبزيرفر) العالمية التي وصفت المشروع بأنه أكبر حديقة داخلية في العالم بعنوان (جنة عدن تنفتح في الصحراء السعودية) أن علماء بريطانيين سيبنون في الصحراء السعودية القاحلة قبة للتسلية بخمسة أضعاف حجم مشروع جنة عدن في كورلدوول حيث ستعيد حديقة الأزمان المغطاة خلق تاريخ يمتد ل (400) مليون عام من نباتات كوكبنا وأشجاره وأزهاره.
وأجرت الصحيفة لقاء مع مصمم القبة التي ستقام بالمشروع من شركة بريطانية كما التقت بالمستشار العلمي للمشروع من متحف التاريخ الطبيعي في لندن اللذين تحدثا عن تفاصيل هذا المشروع الكبير. وقال مصمم هذه القبة، نيك سويت، من شركة بارتون ولمور للهندسة المعمارية في المملكة المتحدة (سوف يسافر الزوار عبر الزمن من العصر الديفوني قبل 410 ملايين سنة، مروراً بالعصر الكربوني، ثم البليوسيني، وصولاً إلى الزمن الحالي. وسوف يكون هنالك منتزه جوراسي، ولكن دون وجود ديناصورات).
وأضاف أننا سنأخذ قطعة من الأرض، ونظهر كيف جرى تحولها من خلال نشأة النباتات وتنوعها عبر تاريخ الكوكب الأرضي. وكانت بعض تلك التغيرات دراماتيكية. وصحيح أن طقس السعودية يلفه الحر الشديد هذه الأيام، حيث كانت درجة الحرارة 45 مئوية في الأسبوع الماضي، ولكن كانت هنالك أيام جرت فيها الأنهار عبر هذه الأراضي، وازدهرت فيها الغابات الرطبة. وسوف يكون بإمكان زوار هذه القبة معايشة كل تلك الأجواء.
ومن الأهداف الرئيسية لحدائق الملك عبدالله الدولية إعطاء الرياض مسحة من الجاذبية الثقافية، كما يدعي مؤيدو هذا المشروع. وعلى الرغم من أن الرياض واحدة من مدن العالم الرئيسية، فإنها تفتقر إلى المتاحف، وغير ذلك من المراكز. وهذه المدينة مزودة بالمتاجر التي يقصدها كبار الأثرياء، بينما تفتقر إلى الأمور الأخرى.
ولم يكن تصميم هذه المغامرة الطموحة بالأمر السهل. ومن المشاكل الرئيسية بهذا الخصوص المحافظة على برودة الأنظمة البيئية المتعددة في حرارة صيف السعودية الحارقة. وقال سويت (لا نستطيع أن نثبت جهاز تكييف ضخم للقيام بذلك، حيث ستكون التكاليف الجارية ضخمة، كما أنها سوف ترسل رسالة بيئية خاطئة. وبدلاً من ذلك أنشانا قباباً مرتفعة، حيث سوف يصل ارتفاع بعضها إلى 120 قدماً. وسوف يرتفع الهواء الساخن عالياً ويحبس الهواء البارد في الطبقة السفلى. وسوف نحتاج بعد ذلك إلى كميات معتدلة من التكييف لتبريد الحدائق عند مستوى سطح الأرض).
وسوف يتم تزويد كل من البيئات السبعة في المبنى الذي تصل تكاليفه إلى 100 مليون جنيه إسترليني، حيث سوف يكون أكبر مبنى مكون من التيلفون في العالم، بموارد الطاقة المتجددة، وبالذات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح ، بينما سوف يتم تخزين المياه في خزانات تحت أرض القباب.
وقال بول كينريك، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن، وهو المستشار العلمي للمشروع: (إن الزوار سوف يبدؤون مشوارهم في العصر الديفوني الذي كان سائداً قبل 410 ملايين عام. ولم تكن أي نباتات ترتفع إلى أعلى من مستوى الركبة في تلك الأيام. ولذلك فإننا سوف نستخدم الطحالب ونباتات الأُشنة لاستنبات تلك النباتات على صخور حول مساحات صناعية من المياه الساخنة).
وقال إن الزوار سوف يعبرون بعد ذلك إلى العصر الكربوني، والمنتزه الجوراسي المكون من غابات خفيفة من الأشجار، ليصلوا بعد ذلك إلى العصر الكريتاكوني حيث نمت الأزهار الأولى. ويصل الزوار بعد ذلك إلى العصر الزنزوني، حيث ظهرت الأعشاب الأولى، ثم إلى العصر البليوسيني الذي شهد ظهور أحواض الأنهر والغابات الخفيفة.
أما القسم الأخير، فهو بسيط كما يقول، حيث سوف يطلق عليه اسم (حديقة الخيارات، إذ سوف يرى الزوار كيف يمكن أن تكون نهاية كوكبنا. وهل سوف تكون النهاية حريقاً أم برودة ورطوبة ويعتمد ذلك على طريقة استجابتنا لتحدي التغير المناخي).
وسيكون المشروع مقصداً لسكان مدينة الرياض وزوارها من داخل المملكة وخارجها لأهميته العلمية والبيئية والترفيهية وهو لن يكون هدية من أهالي الرياض لخادم الحرمين ولكنها هدية الملك عبدالله إلى الوطن الغالي وكذلك هدية مملكة الإنسانية إلى الإنسانية جمعاء، وتقدر كلفة المشروع الإجمالية بمراحله المختلفة بأكثر من (600.000.000) ستمائة مليون ريال.
وقال صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض إن حدائق الملك عبدالله العالمية فيها تميز غير الجانب الترفيهي وهو الجانب العلمي وهذا ما يجعلها معلماً من غير المعالم المعمارية والمعالم الترفيهية، معلم ثقافي وتعليمي وننظر لها أن تؤدي رسالة علمية وسيفد إليها من الزوار على المستوى العالمي.
وقال سموه إنه كما تفضل به صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ان المشروع تم وسيتم بجميع مراحله بمتابعة شخصية من سمو الأمير سلمان وكان هذا هو توجيهه الصحيح فنحن نريد معلماً يتناسب مع مكانة المملكة العربية السعودية ويتناسب مع مكانة خادم الحرمين الشريفين ويتناسب مع مكانة رجال الأعمال وأهالي الرياض الذين تبرعوا واحتفوا بخادم الحرمين الشريفين وأن تكون حدائق الملك عبدالله من المعالم التي تضاف لمدينة الرياض ومنطقة الرياض وللمملكة عامة ودول الخليج عموماً.
وقال سموه إن التبرعات لحدائق الملك عبدالله وصلت (110) ملايين ريال وهناك دعم من الدولة ووزارة المالية وسيكون المشروع من أفضل المشروعات. حيث وقع العقد بمبلغ 46 مليون ريال مع شركة العريفي التي تختص بالمرحلة الأولى من خلال تسوية الموقع والقص والدفن والإصلاح كما أن المرحلة الثانية جاهزة وستطرح بعد ثلاثة أشهر ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى خلال ستة أشهر إلى ثمانية أشهر. وستليها المرحلة الثانية لأنها تشمل التسوير وتنسيق المواقع في المنطقة والمساحة تقدر بمليون وتسعمائة ألف على طريق جدة السريع وهناك الطريق الرابط بين ديراب وجدة السريع وتقع من الشرق للطريق وستكون معلماً متميزاً في المدينة.
المشروع كبير ليس فقط باسمه وبكلفته ومساحته إنما في الأغراض التي تم إنشاؤه من أجلها وبالمميزات التي يتمتع بها وبما يتوقع أن يقدم من آثار إيجابية على عدة أصعده منها السياحة والتاريخ والعلوم وغيرها ، بقي أن أقول أن تصريح سمو الأمين هذا كان بتاريخ الأربعاء 24 ربيع الآخر 1429هـ - 30أبريل 2008م فهل لنا أن نعلم من الأمانة آخر مستجدات ذلك المشروع الجبار؟
والله من وراء القصد،،،
dr.aobaid@gmail.com