من هم الذين (ينظرون للدين نظرة تشاؤمية مبنية على مفاهيم دينية مغلوطة.. فتنشأ كراهية للدين بسبب ذلك)؟!
ومن هم (الذين لا يرون في الدين دعوة للحياة ولعمارة الأرض.. وليس للموت)؟
هكذا حمل أحد (الدعاة المستنيرين) على فئة من القائمين على أمر الوعظ والدعوة.. سواء من خلال منابر إعلامية.. أو في إطار برامج المؤسسات الرسمية المسئولة عن مثل هذه الأنشطة..
** ولا يتوقف الأمر عند (النظرة التشاؤمية) وتكريس أمر الموت.. والتوقف عنده.. بل إن جهود أولئك (الدعاة والوعاظ) الذين عناهم الشيخ.. (غفل) من قضايا اجتماعية مهمة وخطيرة.. تتعلق بجانب (المعاملات) في الدين.. وهي المرتبطة ارتباطاً جوهرياً وعضوياً بحياة الناس ومعاشهم..
** وبما أن أولئك (الدعاة).. مشغولون بأمر التحذير والترهيب.. فليتجهوا إلى قضايا تستأهل أن تحاط بالترهيب والوعيد.. والتحذير من مغبة الاستسهال بأمرها.. ومنها مثلاً (العمالة).. وما تجده من لدن أرباب العمل من سوء معاملة ومماطلة في إعطائهم حقوقهم.. وتهاون في رعايتهم.. وليقرءوا ما تكتبهالصحف.. عن معاناة هؤلاء المساكين.. من كفلائهم ومشغليهم.. الأمر الذي يسيء إلى سمعة الدين.. وإلى سمعة البلاد.. بوصف بلادنا قائمة على أمر الدين وحدوده....
** وجدير بهم كذلك أن يلتفتوا إلى أرباب الأسر والآباء؛ ليذكروهم بضرورة أداء واجب الرعاية لأبنائهم وزوجاتهم وأسرهم.. وليلتفتوا إلى كل من ولي من أمر الناس شيئاً فليؤده بما يرضي الله سبحانه.. وفق ما جاء بهدي نبيه قولاً وسلوكاً..
** لقد ملَّ الناس خطاب التغييب وما يتلى على جوارحهم من سنين عن قضايا الموت والوعيد.. وهي ليست بحاجة إلى إعادة تكرار واجترار.. لأن القرآن الكريم.. قد وضحها وفصَّل فيها والأحاديث النبوية بينت الموقف منها.. ودعت للاستعداد لها وفلسفة الإسلام ورؤيته في قضية (الموت والمعاد).. تقوم على كونها حياة أخرى وخلوداً جديداً.. تعميقاً لفكرة الحياة الدنيا.. ودعوة إلى عمارتها وتأكيداً على دور الإنسان وفاعليته فيها.. ونهوضاً بقيم الخير والحق والعمل والتفاؤل من خلالها..
** إن تركيز فئة من الدعاة والمتشبهين بهم على (قضايا) كالتي أشار لها (الشيخ سلمان).. وتكريسها في وعي الناس؛ بسبب أنهم لا يدركون من الدين غيرها.. ولأنها هي فقط.. ما (ألفوه وحفظوه).. ولأنها تنبع من قرار عميق في نفوسهم.. لا يمكن أن يصل بنا إلى فهم أو سلوك ديني قويم.. أو إدراك لحقيقة قضاياه وجوهر رسالته ولذلك.. جاء خطاب الشيخ سلمان العودة ودعوته المتزنة لهم.. بأن يكفوا عن الإيغال في اتجاه.. لا يجني الناس منه سوى (كراهية الدين) أو كراهية المتسمين بالدعوة إليه والغيرة عليه..
** ومن ثم فإن واحدة من أخطر قضايانا الوطنية على الصعد كافة.. هي صرف الناس عن الحياة.. وبالتالي عن أنفسهم وواجباتهم.. والقيم الحقيقية لأدوارهم في بناء الذات والوطن إلى مسار ظلامي سلبي قلق.. لا يمكن أن يكون للإنسان فيه دور إيجابي أو إسهام حقيقي في المجتمع والحياة.