لجأت شركة تتعامل مع أحد المستشفيات بمكة المكرمة إلى إنهاء عقود (40) عاملة سعودية، وإجبارهن على كتابة عقود جديدة، تنخفض بموجبها رواتبهن من ألف ريال شهرياً (هذا المبلغ مسجل في التأمينات الاجتماعية ألف وخمسمائة!) إلى ستمائة ريال فقط، وقد لجأت الشركة إلى هذا الإجراء التعسفي بعد استقدامها عاملات من بنغلاديش راتب العاملة سبعمائة ريال شهرياً غير الأكل والشرب والسكن والتذاكر، ولذلك فقد (قدرت الشركة ظروف بنات البلد، وأبلغتهن بالرواتب الجديدة 600 ريال)، ومن ترغب العمل تستمر ومن لا ترغب تغادر! الراتب الجديد الذي يختلف عن الراتب المسجل في التأمينات، لا يكفي مصروفاً لتلميذ في مدرسة، فكيف بعاملة قد يكون في منزلها يتامى أو أمّ مقعدة أو زوج عاطل، وحتى لو كان كافة أفراد الأسرة بصحة جيدة، فإن هذا الراتب لا يكفي لأجرة تاكسي من المنزل إلى العمل وبالعكس، إضافة إلى ذلك ينطوي على تمييز صارخ، تفوقت بموجبه العاملة الأجنبية القادمة للتو على بنت البلد التي أخذت الشركة من صحتها وأعصابها ما أخذت، ثم قررت رميها في الشارع أو القبول بالمكافأة التي تشبه الصدقة، فلا هي توازي ساعات العمل التي تمتد لثماني ساعات متواصلة ولا لحساسية المكان صحياً وعاطفياً، ومع ذلك فقد وقفت الشؤون الصحية في العاصمة المقدسة كالمتفرج، فهي غير معنية بالأمر، بنغالي سعودي، كله واحد، هي فقط - وكما يقول أبناء نجد- تأخذ ولد يقرأ، أي ينجز العمل المطلوب على أكمل وجه أو أسوأه، فقد تساوت الأمور أمامنا وأمام الشؤون الصحية!
إن هذه الشركة القاسية القلب عينة للكثير من الشركات التي باتت تلعب بأبنائنا وبناتنا عياناً بياناً، نأخذهم برواتب حقيقية وتدفع لهم في الواقع رواتب أقل بكثير، ولا ندري حتى الآن كم تأخذ هذه الشركات على الرأس من الجهة التي تتعاقد معها أو تنفذ أعمالها، فنحن نعرف أن عامل النظافة قد يدخل على البلدية بألف ريال، لكن الشركة لا تدفع له سوى ثلاثمائة ريال وكل ستة أشهر مرة، ويا ويله وسواد ليله إذا طلع صوته أو توقف عن العمل، حينذاك تبزغ العين الحمراء من جحرها ولا تجد أمامها سوى هؤلاء الضعفاء!
هؤلاء القساة لهم البقلاوة واللحم المشوي والتكييف ولمن يعولون من العمال العيش الحاف، ليه العيش الحاف، الناشف... أقرب!
من يفتش، يدقق، يحمي، يطبق الأنظمة، يراقب، لا تدري، لكن الذي ندريه هو أن هناك من يأخذ الناس لحماً وروحاً ويرميهم عظماً!
فاكس 012054137