نسبه ومولده
هو سليمان بن إبراهيم بن محمد الدخيّل، وأسرته آل دخيّل حملت هذا الاسم نسبة إلى جدها دخيل الله بن مدلج الذي اختصر اسمه تصغيراً إلى دخيّل فقط، وآل مدلج هؤلاء من عشيرة آل يويسف (تصغير يوسف)، من بني تميم.
ولد في ثرمداء بلد آبائه وأجداده، وذلك سنة 1355هـ، أما والدته فاسمها: هيا بنت إبراهيم المدلج (ت 1398هـ) من عشيرته آل يويسف. توفي والده وهو طفل صغير، فنشأ يتيماً، أدخلته والدته الكتاتيب، فكانت دراسته في ثرمداء في كتاب الشيخ عبد الرحمن بن مقرن من بني زيد، حيث تعلم على يديه مبادئ القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم.
من أعماله ومآثره
1- ذهب إلى الرياض واشتغل في صباه الباكر بأجر شهري، للتغلب على مصاعب الحياة في ذلك الوقت، ولم يمكث فيها سوى سنوات قليلة، حيث عاد إلى بلدته للعمل فيها.
2- أول وظيفة رسمية تقلدها بتاريخ 1-2- 1372هـ، حيث عمل مراسلاً لمدرسة ثرمداء، وذلك عند افتتاحها في تلك السنة، وكان يذهب بالخطابات إلى بلدة مرات المجاورة لثرمداء على قدميه مرتين في الأسبوع، حيث إن السيارات في ذلك الوقت قليلة.
3- كان طموحاً وذا همة عالية، فخلال عمله مراسلاً لمدرسة ثرمداء واصل دراسته فيها في الفترة المسائية حتى حصل على شهادتها الابتدائية سنة 1377هـ، وخلال عامي 1378هـ - 1379هـ أخذ دورة علمية في الطائف لمدة سنة واحدة، ثم حصل على الشهادة المتوسطة من الرياض عن طريق الانتساب في شهر صفر سنة 1387هـ.
4- من تاريخ 7-5-1374هـ، إلى 1-12- 1375هـ، عين وكيل مدرس، ثم عين مدرساً في مدرسة ثرمداء الابتدائية بتاريخ 1-12- 1375هـ، وكان وقتها حاصلاً على شهادة السنة الرابعة الابتدائية، ومن ثم صار مديراً لها، وبعد أن افتتحت المدرسة المتوسطة بثرمداء عام 1392هـ، كانت في المبنى نفسه الذي تشغله المدرسة الابتدائية، فضمت إدارتها إليه أيضاً، ولبث مديراً للمدرستين سنوات طويلة، حتى عرف واشتهر في بلدته والبلدان المجاورة بلقب (المدير)، وذلك تمييزاً له عمن يحمل نفس اسمه من أفراد أسرته، فلما بلغ السن النظامية أحيل على التقاعد، وذلك بتاريخ 21-7-1412هـ، وقد خدم في سلك التعليم أربعين عاماً، كان خلالها مربياً فاضلاً، ويعد من الرعيل الأول في التعليم، تخرج على يديه ثلة من الطلاب تبوأوا عدداً من الأعمال، فمنهم الدكتور والمهندس وغيرهم، وقد حفظوا لأستاذهم الود والاحترام والتقدير.
5- عمل إماماً في المسجد الأحمر بثرمداء القديمة لمدة سنتين، ثم صار إماماً في مسجد ثرمداء الشمالي (خالد بن الوليد) الواقع في حي الصحن مدة طويلة بلغت ثلاثين عاماً، وذلك من تاريخ 29-11-1399هـ، إلى نهاية شهر رمضان عام 1429هـ، ولم يترك الإمامة إلا بسبب آلام أصابته في ركبتيه وظهره مع تقدم العمر. ومما يحسن ذكره أنه لا يمكن أن يذهب إلى أي عمل له خارج ثرمداء يرى أنه لا يستطيع معه العودة مبكراً إلا ويوكل من يقوم بالإمامة بدلاً عنه، وإذا لم يجد من ينوب عنه في الإمامة ترك ذلك العمل لوقت آخر.
6- عمل مؤذناً في المسجد الذي كان إماماً فيه، منذ عام 1411هـ، إلى عام 1430هـ.
7- يعد شاعراً تقليدياً، ينظم القصائد بالعامية، وأحياناً بالفصحى، له مشاركات في عدد من المناسبات، من افتتاح مشروع، أو حفلة ونحوها، وله عدد من المراثي، منها مرثيته في أخيه محمد (ت 1421هـ)، التي قال في مطلعها:
يا عين هلّي الدمع هلّي وزيدي
وإذا قضى الصافي فهاتي سريبه
انظرها كاملة بخط يده، مرفقة مع هذه الترجمة.
8- له اهتمام مبكر بالتاريخ، وخاصة تاريخ بلدته ثرمداء، حيث أخذ في جمع مصادر تاريخها، من وثائق وكتب وروايات، وكأنه بذلك يبيت النية في تأليف كتابه الذي خص به بلدته، والذي انتهى من تأليفه قبيل وفاته، وسيأتي الحديث عنه مفصلاً. ومما يجدر ذكره أنه اشترك في مجلة (العرب)، التي أصدرها الشيخ حمد الجاسر، منذ أول عدد صدر منها عام 1386هـ، ولا يخفى أنها من المجلات المتخصصة في تاريخ الجزيرة العربية، وأنساب سكانها.
9- له جهود مذكورة مشكورة في المطالبة ببعض ما تحتاجه بلدته ثرمداء من الخدمات، ضمن مجموعة من الأهالي، كما أن له اقتراحات تصب في خدمة بلدته، لاقت استحساناً وقد عمل ببعضها. وله مشاركة في عدد من الأعمال الخيرية، وقد اختير أميناً عاماً لجمعية ثرمداء الخيرية، في أول تأسيسها سنة 1413هـ، ولبث عدة سنوات.
10- لديه متحف أثري قديم جمعه منذ سنوات، كما أن لديه مكتبة متواضعة تحتوي على جل مراجع التاريخ النجدي، وقد أخبرني بأنه لا يترك كتاباً وقع في يده إلا أنهاه قراءة، كما أنه يحتفظ بقصاصات الأخبار والفوائد المهمة التي يجدها منشورة في الصحف، خاصة ما يتعلق ببلدة ثرمداء، وذلك منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً مضت.
11- كان جم التواضع لطيف المعشر، طيب القلب، صريحاً في قول الحق، محباً للخير، مؤنساً لجلسائه، فكم جمعتنا به من مجالس، تروى فيها القصة، والطرفة، والفائدة التاريخية، وغيرها فقد كان بيني وبينه ألفة ومحبة، فلا يكاد يمضي أسبوعان إلا ويكون بيننا لقاء أو أكثر، هذا فضلاً عن الاتصالات الهاتفية المتكررة بين الحين والآخر، في البحث عن مرجع، أو مناقشة معلومة، ونحوها.
مؤلفاته
يمكن أن نقسم مؤلفاته إلى ثلاثة أقسام:
1- ما تم إنجازه: وهو كتابه الذي خصصه عن تاريخ بلدته (ثرمداء)، وهذا المؤلف بذل في تأليفه وقته وراحته وماله، فقد عكف على تأليفه مدة طويلة، وقد أطلعني على مسودته، فرأيته مشتملاً على جل الجوانب التاريخية المتعلقة بثرمداء، إن لم تكن كلها، وهو بحق كتاب العمر بالنسبة له، وهو يعد مرجعاً أصيلاً ومصدراً موثوقاً به عن تاريخ بلدته، دبّجته يراع رجل مدرك للخلفيات التاريخية، وسابر بتعمق لغور تاريخ بلدته وما حولها، وقد أخبرني بعدة قصص له أثناء جمعه لمادة كتابه تنم عن مدى اهتمامه بجمع المعلومات والمصادر، ومحاولته الحثيثة في استقصائها، وقد انتهى من تأليف كتابه هذا بصورته النهائية التي ارتضاها بعد أخذ ورد، وذلك قبيل وفاته بأشهر قليلة لا تتجاوز أربعة أشهر، ولم يصدر كتابه هذا حتى الآن.
2- ما أنجز بعضه: سبقت الإشرة إلى كونه شاعراً، ينظم بالعامية والفصحى، وهو مقل في الأخيرة، له قصائد شارك بها في عدد من المناسبات، لو جمعت لجاءت ديواناً متوسطاً، وقد أخبرني أنه ربما جاءت بنيات القصيدة وهو يسير بالسيارة، فينظم بيتاً أو بيتين مما يضطره لإيقافها، لتقييد فكرتها وما رتبه في ذهنه من أبياتها، وذلك خشية نسيانها، وربما اضطر لإيقاف السيارة عدة مرات في المسير الواحد، وكان يقيد ما ينظمه على أي قصاصة ورق اتفقت له، ثم يعمد بعد ذلك إلى هذه المسودات فيعمل على تبييضها بصورة نهائية.
3- فكرة ينوي عملها: فقد أخبرني بعزمه على كتابة بحث مطول عن روضة القاع بثرمداء، يجمع فيه ما ذكر عنها في المعاجم، وحدودها، وما قيل فيها من شعر فصيح وعامي، وغير ذلك مما يتعلق بها. وطرحت عليه فكرة تسجيل ذكرياته عن حياته، منذ طفولته إلى شيخوخته، مع وصف للمجتمع الذي عاش فيه، وعلاقته مع عدد من الشخصيات، وغيرها من الذكريات فاستحسن الفكرة، ولا أعلم هل شرع في شيء من ذلك أم لا؟
وأحض أبناءه على جمع شتات أوراقه، واستخراج المفيد منها، ونشره تعميماً للفائدة، فإن ذلك من العلم النافع، الذي أسأل الله أن يكتب له أجره.
عقبه
خلّف أربعة أولاد، هم: وصلاح، وأحمد، ومحمد، كما خلف عدداً من البنات، أسأل الله لهم التوفيق والسداد.
مرضه ووفاته
مع كبر سنه، انتابه بعض الأمراض، فكان يعاني من فقر الدم، وآلام في الظهر والركبتين تنتابه بين حين وآخر، فأحياناً تكون آلامها شديدة وأحياناً تقل، أما عن سبب وفاته فقد أصيب بوعكة صحية مفاجئة، وكانت وطأتها عليه شديدة، تم تنويمه على إثرها في مستشفى شقراء العام، في قسم العناية المركزة، بتاريخ يوم الأربعاء الموافق 9-2-1430هـ، وقد شخص المرض بأنه التهاب حاد في الرئتين، تم نقله بعد ذلك إلى الرياض، بتاريخ يوم السبت الموافق 12-2 إلى المستشفى الوطني، في قسم العناية المركزة، ولما لم يستجب للعلاج تم نقله إلى مستشفى رعاية الرياض، في قسم العناية المركزة أيضاً، ولبث فيه إلى أن فاضت روحه إلى بارئها مساء يوم الاثنين الموافق 12-3- 1430هـ، بعد صلاة العشاء مباشرة، وذلك في تمام الساعة الثامنة وعشر دقائق، وله من العمر خمسة وسبعون عاماً، وقد صلي عليه من الغد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 13-3-1430هـ، في جامع عتيقة بالرياض، ونقل جثمانه إلى بلدته ثرمداء، في اليوم نفسه، حيث صلي عليه عصر اليوم المذكور، وقد اكتظ المسجد بالمصلين، ودفن في مقبرة ثرمداء. رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ورفع درجته في عليين، هو وجميع موتانا وموتى المسلمين.
* الوشم - أشيقر - 11964 ص.ب 6075
* أقدم شكري للأستاذ محمد بن إبراهيم الدخيل، الذي زودني ببعض المعلومات عن والده.