تحت إلحاح من أهلي وأطفالي توجهت لزيارة مهرجان الكليجا الذي أقيم في مدينة بريدة خلال الأسبوع المنصرم تحت شعار (أهلنا أولى بدعمنا) وقد كنت أنظر إلى هذا الشعار الذي يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار وقد تزخرفت به اللوحات الميدانية ومواقع الإنترنت ناهيك عن الحماس المحلي الذي صاحب الحملة التسويقية الاستباقية لهذا المهرجان.. كنت أنظر لهذا الشعار وكلي لهفة وشوق إلى دعم أهلنا وأمهاتنا وشبابنا وشيبنا الذين كنا نشتري وما زلنا من منازلهم ومن محلاتهم الكليجا والفتيت وغيرها من الأكلات الشعبية التي تشهد بالجودة والمذاق والأصالة التي يصنعونها بأيديهم النقية العفيفة والماهرة. ولكن كانت المفاجأة وليتك أخي القارئ ومن لديك الحس والانتماء الوطني ودافع التضامن والتشجيع لأهلنا ليتك كنت برفقتي وأنا أتجول في أروقة هذا المهرجان وردهاته التي ازدحمت أيضاً بهذا الشعار، فعند دخولي واستقبلني (الكشك الأول) وإذا هو لشركة حلويات كبرى ويقف على الاستقبال أحد المقيمين من جنسية آسيوية ويريد (كليزا.. كليزا حد واهد وواهد بلاس) فامتعضت وقلت هذا أول الأهل!! فلنستمر ونرى (آخرتها) تجولنا وأنا لا أرى أمامي سوى شركات زاحمت أهلنا ومن جئنا من أجلهم، قادتني رجلاي إلى شركة حلويات شهيرة وإذا مقيم عربي يردد (كليجا نانسي!!) وقفت مندهشاً وقلت له - وقد امتلأ وجهه نضارة وحماساً مما يعطي دلالة قاطعة بأن (الشرط أربعون!!) - قلت: من هي نانسي؟ فقال: المطربة.. تمتمت في خاطري: هل هذا المقيم الذي يتحدث شامخاً بأنفه مع الأسف هو من يملي علينا أسماء أكلاتنا وهل هو من أهلنا الذين جئنا لندعمهم كما يقول منظمو المهرجان.. ما يتقطر له القلب كمدا أنه وبعد تجوالي وجدت ما نسبته (80%) من البائعين هم مقيمون ومن شتى الجنسيات بل أجزم أن البعض منهم له من الكعكة النصيب الكبير.. فأين شبابنا ورجالنا وأهلنا؟ هل خلت منهم هذه المناسبات؟ هذا أولاً.. ثانياً لم أجد محلاً واحداً من المحلات الواقعة في واجهة المهرجان يقف فيه أهلنا أو على الأقل يخص أحداً من الأسر والبيوت التي اشتهرت في هذا المجال إلا صاحب كشك يصنع القهوة العربية، أما بقية المحلات التي أخذت الواجهة فقد سيطرت عليها شركات الشوكولاته والكنافة والتمور وغيرها من الحلويات الشرقية والغربية وغير المتخصصة أصلاً في الأكلات الشعبية كالكليجا والفتيت، وبعض المخابز المحلية.. وهذه الجهات المشاركة تجزمون معي أن بعضها لمستثمرون مقيمون إن لم يكن جلها بدلالة الحماس والحرص واستقبال الزائرين بحرارة وحفاوة بالغة ليس هذا محل اهتمامي، ما أدهشني هو حينما سألت: أين هم أهلنا الذين جئنا لندعمهم ونحن في شوق لتشجيعهم؟؟ بحثت هنا وهناك فلم أجد مجيبا.. هممت بالخروج مستاءً من هذا الشعار الزائف وإذا بشخص يشير على آخر إلى ممر مظلم كئيب بين ردهات المهرجان لا يُرى إلا (بتلسكوب) حيث هناك خلف الأضواء خصصت لأهلنا كما قيل: (أهلنا أولى بدعمنا) الأماكن الخلفية أو كما يقال: (الدرجة السياحية) ولا يكاد يراهم إلا من لديه عينا زرقاء اليمامة.. وكأنهم بلسان الحال لو وُضعوا في المقدمة لكانوا (فشيلة!!). فانصرفت وأنا أردد: هل صدقوا في شعارهم أن (أهلنا أولى بدعمنا؟؟!!) أم أن أصحاب (كليجا نانسي) أولى بدعمنا؟؟!!