«الجزيرة» - الرياض
ظلت جامعة الملك سعود وعلى مدى نصف قرن من الزمان تؤدي دوراً محورياً مهماً في ترسيخ وتأصيل مبدأ الاعتماد على اقتصاد المعرفة في محاولة منها لنقل الطفرة الكبيرة التي تشهدها كبريات الدول المتقدمة إلى هذه البلاد، وطرقت الجامعة في سبيل ذلك العديد من السبل التي من شأنها أن تبلغها رسالتها وأهدافها، فكانت معاهد الستلايت لاب وبرنامج أوقاف الجامعة ومعهد النانو بجانب العديد من الشراكات العلمية الحيوية مع عددٍ من الجامعات وبيوت الخبرة العالمية، والحديث عن إنجازات وإشراقات جامعة الملك سعود يقودنا لا محالة لذلك الصرح الضخم الذي من شأنه أن يغير وجهة الحياة بأكملها في هذه البلاد عند اكتماله ألا وهو وادي الرياض للتقنية والذي هدفت الجامعة من إنشائه لاستحداث بيئة بحثية تطويرية تدعم البنية التعليمية المعاصرة في ضوء الطفرة التقنية غير المسبوقة في عالم تنافسي مبني على الابتكار والإبداع في مجالات العلوم والتكنولوجيا الواسعة، ونتطرق هنا إلى جزئية واحدة من وادي الرياض للتقنية وهي حاضنة الرياض والتي يبدو أن من فكروا فيها أرادوا التأصيل لأدب جديد في مفهوم التقنية الحديثة، خصوصاً أن التحضين في مجال الأعمال والتقنية أصبح أحد المصطلحات الاقتصادية التي بدأت تتنامى في كثيرٍ من الدول الكبرى بل أصبح الطريق الأول والأخير لصناعة الخبرة في كثيرٍ من تلك الدول، وتعد فكرة حاضنات الأعمال فكرة حديثة على مستوى العالم وحسب، فإن هناك نحو 4 آلاف حاضنة أعمال حول العالم ألف منها في أمريكا الشمالية وحدها تليها الصين.
وأوضح الدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود أن الجامعة عندما فكرت في إنشاء حاضنة الرياض للتقنية وضعت أمامها أولاً مستقبل البلاد، مشيراً إلى أن الجامعة ومنذ إنشائها ظلت تعمل على الاستفادة من كل الخبرات العالمية وتحويلها إلى واقع ملموس يصب في مصلحة الوطن، وأكد العثمان أن حاضنة الرياض للتقنية جزء من مشروع وادي الرياض للتقنية الذي يهدف إلى تقديم جامعة الملك سعود كجهة تعليمية وبحثية متميزة تلبي حاجات السوق في مجالات البحث والتطوير وتكون أداة لتلبية ما يطلبه القطاع الخاص في مجال البحث والتطوير، مشيراً إلى أن برنامج مشروع وادي الرياض للتقنية هو باكورة عمل تقني ناجح سيسهم وبكل قوة في بناء الشراكة المستدامة بين القطاعين العام والخاص والتأسيس لاقتصادات المعرفة في المملكة، لافتاً إلى أن الحاضنة تهدف إلى تهيئة البيئة الموائمة لتوليد الشركات القائمة على الإبداع وإنشاء شركات ذات أساس علمي وتقني في مجالات التقنية المختلفة ودعم روح وريادة الأعمال بجانب الاستفادة القصوى من البنية التحتية المتاحة في تعزيز مخرجات البحث العلمي والتطوير وكذلك الاستثمار في الملكية الفكرية والأصول غير المنظورة، إضافة إلى تقديم الاستثمارات اللازمة في تخطيط الأعمال والدراسات التسويقية وإقامة بنية تنظيمية تساعد رجال الأعمال الناشئين وغير القادرين على العمل بمفردهم في إقامة شركات ذات أساس علمي، مشيراً إلى اعتماد الحاضنة من قِبل الجمعية الوطنية لحاضنات الأعمال في أمريكا بحكم أنه إنجاز يحسب للقائمين على أمرها، لافتاً إلى أن الجامعة تتطلع من خلال هذا المشروع إلى استقطاب الشركات المحلية والعالمية لتبني هذا المشروع لما يخدم الطرفين من خلال الأسس المبنية على المعرفة في ظل التقدم التقني القائم.
وأكد الدكتور علي بن سعيد الغامدي وكيل الجامعة للتبادل المعرفي ونقل التقنية أن التفكير في إنشاء الحاضنة جاء انطلاقاً من دور الجامعة في دعم توجه ونهج خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه الداعي لتحقيق الريادة العالمية على كل المستويات، مشيراً إلى أن الجامعة عندما فكرت في إنشاء مشروع الحاضنة كانت تهدف إلى وضع بنية تنظيمية رائدة محلياً ودولياً وتأسيس شراكات ذات أساس علمي وتقني من خلال آليات التحضين وتوفير الدعم العلمي والتقني والإداري والمالي والبشري اللازم لإنشاء شركات التقنية ورعايتها حتى تصبح قادرة على الاستقلال، وحدد الغامدي عدداً من العوامل المهمة التي عملت الجامعة على توفيرها بحكم أنها ستساهم في دعم عمل الحاضنة لافتاً إلى أن تلك العوامل تتمثل في البنى التحتية (المكاتب والمختبرات) والدعم الإداري (تخطيط أعمال وتدريب وتسويق ودراسات جدوى اقتصادية) والدعم الفني (باحثين وقاعد ومعطيات) مصادر للتمويل (رأس مال المخاطرة) شبكة من العلاقات مع الشركات والحكومة، لافتاً إلى أن عضوية الحاضنة في الجمعية الوطنية لحاضنات الأعمال في أمريكا على الرغم من قصر عمرها إنجاز يحسب لها ويجعلها في مكانة واحدة مع كثيرٍ من بيوت التقنية في العالم خصوصاً أن الجمعية الأمريكية تعد من الجمعيات الرائدة في العالم في احتضان الأعمال وريادتها كما أنها توفر للمتخصصين المعلومات ووسائل التعليم الداعمة، إضافة إلى تفعيل العلاقات التبادلية بين مختلف الأعضاء ما يضمن عملية الدعم للشركات المبتدئة على الصعيد العالمي من خلال اللقاءات العلمية والدورات التدريبية، وأضاف كل ذلك يصب في قناة التطوير الذي رسمت خطته الإستراتيجية جامعة الملك سعود لتحقيق الرؤية الرامية إلى جعل السعودية مجتمعاً معرفياً، مشيراً إلى أن أهمية المشروع تنبع من كونه يعد بمثابة إنجاز آخر من إنجازات الجامعة ضمن خطتها الإستراتيجية والحيوية في تنمية مجتمع المعرفة والتنمية الاقتصادية مع تأكيد الجوانب التكنولوجية والبحث العلمي والابتكار، لافتاً إلى أنه من شأن الحاضنة أن تؤدي دوراً مهماً في تسويق المنتجات التكنولوجية للجامعة ومن ثم الإسهام في زيادة نسبة التوظيف المرتفع والنماء الاقتصادي وبالتالي تعزيز مجالات الاستثمارات المتنوعة.
أوضح الدكتور مزيد بن مشهور التركاوي المدير التنفيذي للحاضنة أن جامعة الملك سعود عندما فكرت في إنشاء الحاضنة في قلب وادي الرياض للتقنية كانت تهدف أولاً إلى تسهيل عملية تسويق الأفكار الإبداعية والتكنولوجية عبر إنشاء شركات ابتكارية وتوفير العديد من الموارد وخلق بيئة تشجيع على الريادة والإبداع وتوفير التسهيلات اللازمة في مجال الأعمال وتسويق الملكية الفكرية وجلب الشركات الداعمة والممولة للمشاريع التي تتبناها الحاضنة وكيفية جذب المستثمر الأجنبي ودراسة احتياج السوق العالمية والدخول بقوة إلى حلبة المنافسة، مشيراً إلى أنه من شأن الحاضنة توفير التسهيلات اللازمة لكل من يرغب ولديه فكرة إبداعية وإحضارها لمرحلة التسويق، وذلك عن طريق إنشاء شركات ابتكارية تكنولوجية من خلال استحداث بيئة علمية دافئة تعزز روح الريادة والإبداع في مجالات التقنية والأعمال وكذلك تسويق الملكية الفكرية لها وتمويلها خلال مرحلة البدء، لافتاً إلى أن الحاضنة جزء من مشروع وادي الرياض للتقنية الذي يهدف إلى تقديم جامعة الملك سعود كجهة تعليمية وبحثية متميزة تلبي احتياجات السوق في مجالات البحث والتطوير وتكون أداة لتلبية ما يطلبه القطاع الخاص في مجال البحث والتطوير، مشيراً إلى أن الحاضنة ومنذ إنشائها حظيت بعددٍ من الزيارات من عدد الحاضنات وبيوت الخبرة العالمية مشيراً في إشارة إلى زيارة حديقة برشلونة للعلوم وهي الواحة العلمية التي وضعت دولة إسبانيا على خريطة التقدم في مجالات واحات العلوم، كذلك زيارة وفد من جامعة نيو كسيل البريطانية وجامعة ايسكس البريطانية.
محدد كحاضنات التقنية الحيوية أو عامة تدعم أي شركة صناعية بل تعد الأساس العلمي والتقني لمراكز توليد المعرفة. وهي عبارة عن تقديم فرص لمشاريع ناشئة لزيادة فرص نجاحها، وهناك من يرى أنها منشأة تحتضن شركات التقنية الصغيرة، وما يزيد من أهمية حاضنة الرياض أنها تعد فكرة فريدة في المنطقة عطفاً على أن أغلب الدول العربية تفتقر تماماً إلى خطط لإنشاء حاضنات الأعمال، على الرغم من أنها تأتي في مقدمة المناطق التي تحتاج إلى مثل هذه المشاريع نظراً لأنها مجتمعات ناشئة وصغيرة في السن يتضاعف فيها عدد الخريجين كل يوم وتكثر فيها الفرص والأفكار التي تصطدم عادة بقلة الموارد المادية بشكل أساس.