فوجئ الأهالي من أولئك الذين سعوا لإسعاد أطفالهم والذهاب بهم في تمام الساعة الخامسة عصرا من يوم الثلاثاء الماضي لحضور عرض برنامج (سفاري) الذي أعلنت قناة mbc3 عن إقامته في مركز غرناطة للتسوق!! فوجئ الجميع بأنهم وقعوا في مأزق كبير لم يستعدوا له جيدا؛ فالزحام شديد، شديد جداً، حتى أن طواف الوداع بمحاذاة الكعبة مباشرة في يوم التعجل أرحم منه بكثير (!!؟)
لم يكن للأمن أو للهيئة أي مجال لتفريق الزحام بشكل آمن، ولقد كان الدعاء وتلاوة القرآن هما الوسيلة التي كنت أنا وزوجي نرددها مع أطفالنا حتى ينفض الزحام بدون تدافع قد يقضي على الكثيرين، وقد كان الله قريباً مستجيباً، رحم هؤلاء الأطفال الأبرياء المتعطشين للفرح بعيداً عن المكرر في الألعاب ووجبات المطاعم السريعة.
أعلنت إدارة المركز إلغاء العرض، وكررت ذلك أربع مرات؛ لعل هذا الزحام يتفكك دون ضرر، لكن الكثيرين ظنوا أن ذلك مجرد مناورة لتخفيف الزحام، وأن العرض سيتم، وبقي الانتظار على الرغم من الإلغاء، إلى أن يئس الناس فتفكك الزحام بعد أكثر من ساعتين، شهدتا ضياعاً وفقداناً للأطفال وبكاءً وأحضاناً وعويلاً وفرحاً عند العثور عليهم.
استحضرتُ هذا في مخيلتي وأنا أستمع إلى وزير التربية والتعليم السابق في كلمته التي ألقاها في يوم تكريمه وتوديعه وقوله إن ما قامت به الوزارة في السنوات القليلة الماضية يعادل ما تم خلال عمر الوزارة(!!) ولو رأى الوزير عطش الأطفال ورضوخ الأهالي لرغبتهم في ترفيه أطفالهم لأدرك غياب الترفيه في المدارس وعدم استثمار المباني المدرسية لأنشطة مميزة متناسبة مع تفكير الصغار واهتماماتهم وليس حسب اهتمامات المرشدين الذين ينتقون حسب مواصفات خاصة لا تتبدل ولا تتعدل.
ولا أنسى أيضاً الشيخ البراك الذي أفتى يوم أمس الأول عبر موقعه كما نقلت العربية نت بتحريم الأندية النسائية, تمنيت لو رأى كيف كان الناس متزاحمين في ذلك المساء، وضعهم غياب التنظيم والارتجال وغياب التنسيق بين ما يُبثّ في الفضاء من إعلانات وبين الأجهزة المعنية بوزارة التجارة والأمن والهيئة.. وضعهم كل ذلك في موقف حرج وخطير، من السهولة على العلماء أن يحرموا ما أصله الإباحة تحت باب سد الذرائع، لكن من الصعوبة ومما يستلزم الجهد والدأب والبحث بدافع رغبة التيسير على الناس وإسعادهم وحمايتهم في نفس الوقت.. من الصعوبة الإباحة ووضع الضوابط التي تحمي ما هو حلال في أصله من أن ينقلب إلى محرم. رياضة النساء وغيرها كثير أمور مباحة في أصلها؛ حيث لم يرد نص يحرمها، وهي بحاجة إلى دراستها ووضع الضوابط لها بما يؤكد ويرسخ أن لدينا علماء يبحثون في فقه الواقع ويسعون مع الدولة إلى ترسيخ الاستقرار والرفاهية للمواطن.