«الجزيرة» - فهد الشملاني
عاش المتعاملون في سوق آلات الخياطة القديمة الذي نشأ وتلاشى في أسبوع واقعاً انحصر بين وهم الثراء ومرارة الخسارة في أقل من أسبوع فالبسطاء كانوا صيداً سهلا للمحتالين ولقمة سائقة للمروجين بعد أن تكدست لديهم مئات الآلات وفر من أمامهم المشترون بعد اكتشاف الحقيقة.
تبددت أحلامهم بعد أن أصبحوا أمام الأمر الواقع وانجلت حقيقة الثراء الزائفة التي كانوا يعتقدون تحقيقها من وراء خردة آلات خياطة قديمة ظلت عشرات السنين على أرفف المخازن تعلوها الأتربة ويشوه منظرها لون الصدأ.
مفارقات كبيرة سجلتها (الجزيرة) خلال زيارتين قامت بهما إلى السوق في أول الأسبوع وآخره، كانت الأولى إبان ذروة نشاط السوق، حيث اكتظت الطرق المؤدية إلى مكان المزاد والساحات بالباعة والسماسرة وغالبيتهم من النساء والشباب وهم يحملون أعداداً كبيرة من آلات الخياطة القديمة، وبدأ مظهر السوق أشبه ما يكون بالأسواق التراثية القديمة، وتهافت عدد من المواطنين والمقيمين على السوق، وسط أصوات المنادين العالية، وكان أكثر الباعة متحفظين على البيع أملاً في ارتفاع الأسعار أكثر مع مرور الوقت، ومن الطرائف التي شهدها السوق تسجيل بعض الإصابات في أوساط المتعاملين من إبر المكائن أثناء اختبارها عن طريق الجوال، وكان في الغالب يتم تضميد الجروح بشريط الكهرباء اللازق لمحدودية الوقت.
وعند المناداة يكون صاحب السلعة أقرب الناس إلى المنادي لملاحظة حركاته خوفاً من الخداع أوالاتفاق مع بعض السماسرة لكسر سعر بضاعته. فيما يحتضن النساء البائعات آلات الخياطة الخاصة بهن وهن يمسكن بمقابض المكائن خوفاً من السرقة.
وفي جولة (الجزيرة) الثانية في السوق أواخر الأسبوع لم نجد سوى مجموعة من النساء اتخذن من أحد زوايا سوق الملابس مكاناً لهن وظللن يتجاذبن أطراف الحديث عن تلك السوق الذي أشبه ما يكون بعاصفة ضربت مكاناً وانقشعت، ولا يلقين البال لبعض المشترين لعلمهن بعدم جديتهم.
وكان مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة نفى في اتصال هاتفي مع (الجزيرة) احتواء آلات الخياطة القديمة والجديدة على أية مواد ثمينة كما يشاع حالياً في أوساط العامة وبين المصدر أن جميع البضائع والآلات التي تستوردها المملكة تخضع لاختبارات دقيقة توضح جميع محتوياتها ويتم رفض البضائع التي تخالف المقاييس أو التي يثبت ضررها على المستهلكين.
وأشار إلى أن ما يثار حول آلات الخياطة القديمة ضرب من الأوهام هدفه استغفال الناس واستنزاف جيوبهم من خلال صفقات وهمية تجرهم في النهاية إلى خسائر كبيرة. وحذر المواطنين من الانسياق والوقوع في مصيدة الإشاعة المضللة التي يطلقها بعض المحتالين
فيما استبعد مدير المختبرات بهيئة المواصفات والمقاييس خالد الحربي في اتصال مع (الجزيرة) أن يكون من ضمن مكونات آلات الخياطة مواد ذات قيمة فعاله، مؤكداً أنه من الاستحالة إضافة مواد ثمينة في بضائع تباع في السوق بأسعار قليلة، وقال إن الشركات المصنعة وخاصة الشهيرة منها تهتم بشكل كبيرة في تنمية مسيرة سمعتها في الأسواق العالمية وكسب ثقة المستهلكين لفترة طويلة ولا يمكن أن تضع ضمن محتوياتها مواد غير التي صنعت من أجله.
وأوضح أن مختبرات هيئة المواصفات والمقاييس تمتلك تقنية عالية قادرة على تحليل وفرز مكونات أية مادة في السوق، مؤكداً استعداد مختبرات الهيئة لاستقبال عينات من آلات الخياطة وتحليل مكوناتها لمن أراد ذلك.