يقوم تجار العملات هذه الأيام بجرد حساباتهم وتقييم استثماراتهم خصوصاً بعد الارتداد الخاطف الذي سبق أحداث قمة العشرين، في الوقت الذي يتحين المتحوطون أي فرصة جني أرباح لركوب القطار. ومع أن هذا الأسبوع كان أليفاً بعض الشيء إلا أنه لم يخلُ من البيانات الاقتصادية المحيرة والتي جمعت بين السلبية والإيجابية، أما كواليس حركة الأسعار فقد تمخض عنها تبادل للأدوار في العملات الرئيسية تحمل في ثناياها طلاسم وألغاز بحاجة إلى غوص في الأعماق وهذه سمة قيعان الأسواق التي عودتنا دائما أنها ليست سهلة المنال إلا لمن كان حصيفاً في إدارة المال.
الدولار الأمريكي
يوماً بعد يوم تتنامى الضغوط على الدولار من عملات العائد المرتفع والتي لا تزال تحظى بمعدلات فائدة بعيدة عن منطقة الصفر، وعلى الرغم من أنه لا يزال يحافظ على مستوى 84 و86 أمام سلة من العملات إلا أن هذا التماسك غير مدعوم بطلب حقيقي والدليل من الناحية الفنية هو ذلك الانحراف السلبي على معظم مؤشرات الزخم والتسارع والذي يبلغ من العمر ستة شهور حيث يستهدف منطقة 71 خلال الأسابيع القادمة.
أما من جهة الأساسيات فقد أعلن بنك (جولد مان ساكس) عن نيته ببيع حصة من أسهمه تعادل خمسة مليارات دولار عن طريق زيادة رأس ماله لتسديد ديونه ويكشف عن أرباح للربع الأول بقيمة 1.8 مليار دولار، جاء هذا الخبر معززاً لتقلص العجز التجاري لشهر فبراير الذي وصل إلى 26 مليار دولار أعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى عجز بقيمة 36 مليار دولار، ومن البيانات الهامة أيضاً مؤشر أسعار الواردات لشهر مارس الذي سجل نسبة 0.5% مرتفعاً بذلك عن القراءة السابقة التي كانت منخفضة بنسبة 0.2%، أما طلبات الإعانة لآخر أسبوع في مارس وصلت إلى 5840 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة 5728 ألف طلب مما يدل على أن أرقام البطالة المقبلة سترتفع إلا إذا أتت أرقام مشجعة لأسعار المنتجين والمستهلكين، الأمر الذي دفع بأحد المسؤولين في الاحتياطي الفدرالي بأن يبوح للمستثمرين عن نسبة جديدة لمعدل البطالة تلامس 10% وتعادل 13 مليون عاطل عن العمل. والمحصلة من هذه الأرقام تفيد بأن الدولار يعاني من سياسة ضخ النقود بهدف إحياء الأسواق وزيادة عرضه في السوق من دون تغطية.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
افتتح الثيران (المشترين) تداولات شهر مارس بصفقات شراء عنيفة تجسدت بشمعة بيضاء كبيرة والتداولات الحالية ما هي إلا عمليات جني للأرباح، حيث إن المشترين لا يزالون يمسكون بزمام الأمور والدليل قوة الدعم الذي تشكل بالقرب من مستوى 1.32، ولا ينقص هذا الزوج حقيقة إلا تجاوز مؤشر القوة النسبية خط الاتجاه الهابط لكي يتمكن من الوصول إلى مستوى 1.37 خلال الأيام المقبلة.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
لا يزال مستوى 1.57 هدف قائم ووجيه خصوصاً بعد تخطي مؤشر القوة النسبية منطقة 39 أما بالنسبة للاتجاه العام للزوج فهو صاعد على المدى الأسبوعي وعلى موعد بقاع صاعد بعد الاصطدام بالمقاومة الشرسة والتي تقبع عند مستوى 1.57 في حال استمر محمولاً بخط الاتجاه الحالي.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
جاءت هذه العطلة لتعيد بعضاً من خسائر الين أمام الدولار لا سيما بعد التهدئة التي شهدتها أسواق الأسهم اليابانية لكن سرعان ما ارتد الدولار ليس قوة فيه بل لعدم قدرته على مقارعة العملات الأخرى، وبإلقاء نظرة على الخارطة السعرية للزوج يتضح بأن خطي الاتجاه الهابط والصاعد يلتقون في مستوى 101.5 تجاوزها مشروط بتخطي مستوى 59 للقوة النسبية ويرجح ذلك والسبب أن الدولار ضعيف فنيا أمام معظم العملات إلا مع الين حيث تظهر الندية.
اليورو
أتت أسعار مبيعات الجملة في ألمانيا لشهر مارس متراجعة بنسبة 0.9% مقارنة بالقراءة السابقة عند 0.1% نتيجة تراجع مستويات الطلب والاستهلاك مما يدفع بالمنتجين نحو خفض معدلات الإنتاج استجابة لقرارات المستهلكين الشرائية والذين جاء مؤشر أسعارهم لشهر مارس في ألمانيا أيضاً متراجعاً بنسبة 0.1% مطابقاً للتوقعات بينما أقل من القراءة السابقة التي كانت متراجعة بنسبة 0.6%، وتترقب القارة العجوز لنتائج أسعار المستهلكين في فرنسا الأيام القليلة القادمة. أما بالنسبة لتعاملات أسواق الأسهم هناك خصوصاً (DAX وCAC 40) لم يكن الارتداد مقتصراً على أسواق الأسهم فحسب بل أعطى زخماً للعملة الأوروبية وقوة شرائية جيدة أمام عملات العائد المرتفع كالدولار الأسترالي والدولار الكندي.
الجنيه الإسترليني
تقلص عجز الميزان التجاري في شهر فبراير إلى نسبة 7.3% مقارنة بالنتيجة السابقة عند 7.8% حيث كان متوقعاً أن يصل العجز إلى 7.6%، ومع هذه البيانات المشجعة وتثبيت سعر الفائدة عند 0.50% بدأ الجنيه يستعيد عافيته أمام عملات العائد الصغرى، أضف إلى ذلك بوادر ولادة زوج عنيد وجديد تماماً مثلما كان يحدث في زوج الدولار مقابل الين ولكن بصورة معكوسة تصب لصالح الجنيه وتحظى بشعبية تجار المخاطر.
الين الياباني
أعلن الحزب الديمقراطي في اليابان رغبته في أن تضخ الحكومة 15.4 تريليون ين سعياً لإنعاش الاقتصاد الياباني، ومع صدور نتيجة بيانات الإنتاج الصناعي لشهر فبراير التي جاءت متراجعة بنسبة 9.4% تماماً كالقراءة السابقة، يمكن القول إن الين سيسير على خطى الدولار وسيفقد المزيد من قيمته نظراً لتشابه السياسة النقدية بين الاقتصاد الأمريكي ونظيره الياباني.
وليد العبدالهادي
waleed.alabdulhadi@gmail.co m