صباح يوم الأربعاء 28 ربيع الأول من العام الهجري الجاري، وبعد مضي نصف ساعة تقريباً على بداية الحصص الدراسية، اتصل بي سائق الحافلة التي تقل ابني - ظهراً - من المدرسة إلى المنزل، متسائلاً: هل حضر عبد الملك إلى المدرسة اليوم؟
لأنه كان يتوقع غيابه، نظراً لسوء الأحوال الجوية المنذرة بعاصفة متوقعة بدأت مؤشراتها فجر اليوم ذاته، خاصة بعد التجربة المريرة يوم الثلاثاء 14 ربيع الأول، وحالة الارتباك التي عمت المدارس والازدحام الذي خنق المستشفيات، عندما تعرضت الرياض إلى عاصفة رملية شديدة.
تلك العاصفة الشديدة فتحت أبواب النقاش الاجتماعي والحوار الجماعي عبر وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت حول ثلاث قضايا جوهرية في تعاملنا العام مع سوء الأحوال الجوية، الأولى عمن يتحمل (المسؤولية) في تبليغ الناس بعاصفة رملية أو موجة باردة أو حالة جوية سيئة محتملة، فقد تحولت تلك المسؤولية الوطنية إلى كرة تقاذفتها ثلاث جهات حكومية (هيئة الأرصاد والدفاع المدني ووزارة التربية والتعليم)، أما القضية الثانية فترتبط بمدى وعينا الشعبي بشأن التصرف الحضاري في الأزمات الطارئة من طبيعية وغيرها، كقيادة السيارات في الشوارع والمناطق العامة، أو كيفية الإخلاء في المدارس وأماكن العمل، أو التجهيزات الإسعافية المطلوبة في المنازل والاستراحات.
تبقى القضية الثالثة وهي محور حديثي في هذا المقال، التي تتركز في تعاملنا مع التقنية الحديثة والوسائل الإعلامية، وتطوير الجهات المعنية في رصد الأحوال الجوية، وبالذات (الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة)، وحديثي لن يكون نقداً لعمل هذه الرئاسة، أو المشاركة في الزفة الإعلامية حول أخطائها وتقصيرها، إنما أود طرح فكرتي التي قد تسهم في تطوير عمل الرئاسة العامة للأرصاد، التي تنتظر منا الدعم والمؤازرة بالأفكار والمقترحات المفيدة، خاصة أن الأحوال الجوية على مستوى العالم وليس المملكة فحسب أصبحت (متغيرة) وغير معتادة قياساً بالسنوات السابقة، ما يعزز فرضية العبث بالبيئة وتدمير الطبيعة ومسائل الاحتباس الحراري.
وفكرتي تقوم على كيفية (تبليغ) المواطنين والمقيمين بالحالة الجوية المتوقعة، فرئاسة الأرصاد تقول إنها تبلغ الجهات ذات العلاقة كالدفاع المدني، كما أن لديها (موقع إلكتروني) يمكن الاطلاع على مستجدات الطقس من خلاله، إضافة إلى (رقم هاتفي) للسؤال والاستفسار، ولكن هل هذا يكفي؟ بتقديري أن (الإعلام) هو حجر الزاوية في إيصال رسالة الأرصاد بشكل واضح وسريع، بل هو الأسرع والأكثر مصداقية، فليس كل الناس يستطيعون تصفح (الإنترنت) أو التواصل معه، الذي قد يتأثر بانقطاع الاتصالات أو وقف الخدمة، كما أن هاتف الأرصاد قد لا يعطي المعلومات الكاملة أو يفسح المجال للسؤال عند الظروف الطارئة، لذا فإن الإعلام هو الأفضل، وأقصد (القناة التلفزيونية) فلا يخلو بيت من تلفزيون بل إن كثير من جهات العمل صار لديها أجهزة تلفزيونية لمواكبة الأخبار اليومية، فما المانع أن تطلق رئاسة الأرصاد قناة تلفزيونية فضائية تعمل على مدار الساعة بدعم من جهات القطاع الخاص التي تعنى بالمحافظة على البيئة وتهتم بالمسؤولية الاجتماعية، بحيث تتنوع برامجها بين (إخبارية) عن أحوال الطقس في المملكة والعالم، و(إرشادية) عن كيفية التعامل مع كل الطوارئ والكوارث الطبيعية والمتغيرات المناخية، و(وثائقية) عن برامج تخص البيئة والمحافظة عليها، إضافة إلى شريط إخباري يعمل بشكل متواصل ويتم تحديثه بالأخبار والمعلومات المهمة عن الطقس اليومي، فمجالات المناخ والطبيعة والبيئة وما يتعلق بها تعتبر مجالات ثرية بالمواد والقضايا التي يمكن أن تتحول إلى برامج تلفزيونية، بل إن القناة التي أقترح أن تسمى (طقس) أو (مناخ) أو (رصد) أو أي اسم آخر معبر، ستكون هي (مصدر موثوق) للمعلومة الصحيحة عن أجوائنا بالنسبة لمواقع الإنترنت والصحافة، وبهذا تنتشر المعلومة بشكل سريع ومتشعب وسابق بإذن الله لوقوع الطارئ المناخي أو تغير الطقس، فيكفي الفرد العادي أو رب الأسرة أن يطلع على القناة قبل خروجه للعمل أو قبل ذهاب أولاده للمدرسة، فضلا عن إمكانية استثمار القناة في توعية المجتمع بالمحافظة على البيئة وحماية الطبيعة.
Kanaan999@hotmail.com