كنا في طريق العودة من الرياض إلى حائل، وعندما جاوزنا دائري القصيم، طفقنا نبحث عن مسجد نؤدي فيه صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، كان البعض منا حريصاً على أن نقف عند مسجد تكون دورات المياه فيه نظيفة، وبعد اجتهاد وتداول وقفنا عند مسجد جديد نعتقد أنّ دورات المياه التي بجواره هي الأفضل، ومع ذلك لم تكن كما كنا نأمل، وفي الطريق المقابل .. الحال لا يختلف كثيراً وربما يكن أسوأ، فهذا أحد الزملاء من الرياض يقول ( لقد قضينا أربعة أيام رائعة في حائل وفي طريق العودة توقفنا عند أول محطة وقود لنصلي العصر وللأسف الشديد لم تكن دورات المياه صالحة للاستخدام الآدمي)، وقد تكون هذه الصورة المقيتة لدورات المياه العامة - أعزكم الله - صورة كربونية من بعضها البعض نراها على الطرق الطويلة وربما داخل المدن، سواء التي بجوار بيوت الله أو في الحدائق أو حتى في بعض المدارس والدوائر والمؤسسات الخاصة والعامة، وربما أنّ غالبيتنا دخل في يوم ما دورة مياه وتضايق مما رأى، أو أنه تحدث في جلسة ما مع غيره حول إشكالية صيانة المرافق العامة في هذه المدينة أو تلك، أو في هذا المسجد أو ذاك،، وأصدقكم القول إنّ كثيراً من المؤسسات التي يوكل لها أمر صيانة ونظافة المرافق العامة، لا تقوم بما وكل إليها على وجه الصحيح، وبالصورة المتفق عليها في العقد والحجج حاضرة، والتهاون وارد والمسؤول بين نارين إمّا الصبر على الواقع المر أو البحث عن البديل طبعاً بعد أخذ ورد وانذار وخصم، والنتيجة لا شيء يعود بالنفع على صيانة ونظافة المرافق العامة، علاوة على أننا نحن لا نكترث في كيفية استخدام المرافق العامة وربما لا نعبأ بها ولا يهمنا أمرها، فاستخدامنا لها ليس كما هو الحال فيما نملك، والغريب أنّ هناك صنفاً من البشر لا يجد المكان الملائم لإبراز مواهبه الفنية وقدراته التعبيرية إلاّ في دورات المياه العامة، والخلاصة التي أعتقدها هنا أننا أمام مشكلة، وهذه المشكلة ليست وليدة اليوم ولا حتى الأمس القريب وهي عامة وشاملة، إلاّ ما شذ وندر ممن قام هو سواء أكان إماماً للمسجد أو قائماً عليه أو ... باستقدام عامل له وكلفه بمتابعة ونظافة دورات مياه المسجد الذي تحت يده، فشركات ومؤسسات الصيانة والنظافة التي ترسي عليها كثير من المناقصات في عدد من مناطق المملكة، تشتكي قلّة الفيز التي تمنحها لها وزارة العمل، أو أنها مؤسسة متعددة المناشط، إذ أنها مؤسسة للمقاولات أو متعهد للنقل أو ... والنظافة تبع، والنتيجة ما نراه اليوم في كثير من المرافق العامة، والمشكلة سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، لا بد أن يبحث لها عن حل وتدرس من جميع جوانبها وفرضيتها وما إلى ذلك - كما يعرف الباحثون وأهل الاختصاص - ، إنني لست أهلاً للفتوى ولا أستطيع أن أكون موقعاً عن الله، ولكنني أعرف أنّ هناك من قال بأنّ من الجائز أخذ الفائدة البنكية وصرفها على المستقذر من الأعمال والمشين من الحاجات، مثل صيانة المرافق العامة ودورات المياه والحمامات - أعزكم الله - التي داخل المدينة أو على الطرق السريعة والمنتجعات، وليس لمن يدفع هذه الفائدة أجر في هذا، ولا تعتبر صدقة ولا تدخل في رأس ماله الحقيقي، والمقترح إزاء هذا الواقع، هو إنشاء جمعية متخصصة بالصيانة والنظافة للمرافق العامة رأس مالها يتكوّن من شقين ( التبرعات الخيرية في حساب خاص وفي حساب آخر الفوائد البنكية - طبعاً المحرمة -)، تمنح هذه الجمعية ذات النفع العام الحق الكامل في تأسيس شركة متعددة الفروع تستقدم العمال والعاملات المتخصصين في النظافة والصيانة لدورات المياه والمرافق العامة، وتصرف رواتبهم من حساب التبرعات الخيرية والإعانات السنوية، ويصرف على مستلزمات الصيانة والإصلاح وأدوات التنظيف من الفوائد البنكية التي سبب عدم أخذها من قبل المواطن السعودي - وذلك لكونها محرمة - زيادة رأس المال لدى هذه البنوك بغير وجه حق،، وحتى لا أفهم خطأ أنا لا ادعو لأخذ الفوائد، ولكن أطرح السبيل الأمثل للتخلص منها في حل مشكلة قائمة، والباب واسع للحوار والأخذ والرد حيال هذه الفكرة التي جاءت وليدة عصف ذهني عاجل سببه ما مرّ بي، وربما أنه مرّ بكم مثله أو أشد، وقد يكون البعض حديث عهد به أو أنه سيمر به عمّا قريب.