أديس أبابا - واس
أكد معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس وفد المملكة العربية السعودية المشارك في أعمال اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد البرلماني الدولي بدورتها الـ 120 التي تستضيفها حالياً العاصمة الأثيوبية (أديس أبابا) أن الحوار والتقارب بين الثقافات والحضارات يظل القيمة البالغة الأهمية في حياة الأمم والشعوب في علاقاتها مع بعضها البعض، وأن هذه القيمة الحضارية تزداد أهمية عندما يأتمر البرلمانيون ويجتمعون عبر برلماناتهم ومجالسهم الوطنية، أو عبر اجتماعاتهم ومحافلهم الدولية.
وقال معاليه مخاطباً برلمانيي دول العالم في كلمة ألقاها أمس في افتتاح أعمال عمومية البرلماني الدولي الـ 120 في مقر مركز الأمم المتحدة للمؤتمرات بأديس أبابا بحضور الرئيس جرما ولدي جيوريس رئيس أثيوبيا الديمقراطية الاتحادية: (إن البرلمانيين هم المعنيون بالحوار بين بعضهم البعض أكثر من غيرهم كونهم أساس الشعوب.. إن الحوار هو الوسيلة الحضارية الأفضل لمد جسور التواصل والتقارب والتعاون فيما بيننا وبين شعوبنا المختلفة وأن قيام هذا الحوار لابد وأن يكون على قاعدة مشتركة أساسها الاحترام المتبادل لكل القيم والمبادئ التي تقوم عليها حضاراتنا وشعوبنا).
وأبان معالي رئيس مجلس الشورى أن المملكة العربية السعودية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - قد اختارت الحوار أسلوباً ومنهجاً موفرة لهذه الوسيلة الحضارية البيئة الملائمة والمناسبة لتفاعل فئات المجتمع بينها وبين بعضها بإنشائها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أسهم في نشر حقوق الإنسان ثقافة وممارسة ومعالجة القضايا الوطنية الداخلية، موسعاً ذلك قاعدة المشاركة وحرية التعبير في إطار منظومة متكاملة تقوم على احترام الآخرين ومجتمعاتهم وشعوبهم بكل أطيافها وثقافاتها ومعتقداتها.
وقال معاليه: (تماشياً مع هذا النهج جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى اجتماع مكة المكرمة الذي ضم علماء ومفكرين مسلمين حيث أجمعوا خلاله بالتأكيد على سماحة الإسلام وأنه دين الاعتدال والوسطية والرحمة، كما دعا - حفظه الله - إلى مؤتمر عالمي للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات في مدريد وما صدر عنه من تأكيد على وحدة البشرية واحترام الكرامة الإنسانية والاهتمام بحقوق الإنسان والتحذير من خطورة الحملات الرامية إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش).
وأضاف: (إن ذلك لم يتوقف عند هذا المستوى بل حرص خادم الحرمين الشريفين على إيجاد اتفاق وإجماع دولي سعياً لما ينشده نحو إيجاد بيئة حضارية دولية مشتركة أساسها الحوار والاحترام يتحقق بها السلام والأمن والتعايش وفقاً لما صدر عن مؤتمر مدريد من توصيات، وفي ضوء ذلك عقدت بدعوة منه - حفظه الله - الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمراً دولياً حضره زعماء العالم، وأعلن أمينها العام أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين قد جاءت في وقتها المناسب نظراً لحاجة الشعوب إليها، وأن الدول المشاركة قد نبهت على ضرورة تطوير الحوار والتفاهم والتسامح والاحترام بين الشعوب وأديانها وعاداتها وتقاليدها).
وأكد معالي رئيس مجلس الشورى أن عالمنا اليوم يمر بمتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، تزداد سرعتها يوماً بعد يوم، وتتشعب وتتعقد صلاتها ومؤثراتها من حين لآخر، مما يتطلب منا جميعاً تعاوناً جاداً في سبيل إيجاد مناخات صحية فاعلة لبناء علاقات سلمية متوازنة بين الدول، تقوم أساساً على احترام الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية على النحو الذي يكفل العدل ويرسخ الثقة ويحقق الشراكة الحقيقية، وكل ذلك يستدعي منا مواجهة صادقة لتحديات المستقبل تقوم على الموضوعية في التناول والفاعلية في التنفيذ.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية بيّن معاليه أن ما تعرض له قطاع غزة في فلسطين من قتل للآمنين وتدمير للبنية وتشريد للسكان يجسد استمراراً لنهج الاحتلال الإسرائيلي القائم على العدوان الآثم على الشعوب، والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وقيم العدل ومبادئ السلام. كما أنه مؤشر خطير على ما وصلت إليه حالة المجتمع الدولي من فقدان للسلم والأمن الدولي مؤكدا أنه إذا ما استمر هذا العدوان فإنه سيؤدي إلى دفع منطقة الشرق الأوسط برمتها إلى حافة الهاوية وفي ذلك تهديد للسلام العالمي.
وقال معالي الدكتور عبدالله آل الشيخً: (إن المعاناة الإنسانية التي تواجهها بعض المجتمعات نتيجة الفقر والجوع، وسوء التغذية وانتشار الأوبئة، والكوارث الطبيعية، تحتم علينا جميعاً أن نضطلع بمسؤولياتنا أمام المجتمع الدولي في أن تتضافر جهودنا، وتتسق إمكانياتنا في مكافحة تلك الآفات، ليزول شبحها عن مجتمعاتنا)، مستطرداً: (إن المملكة مستمرة في دفع عجلة التنمية في الدول النامية والدول الأقل نمواً على وجه الخصوص، وتعتبر من الدول السباقة لمد يد العون للشعوب الصديقة بالعالم، ودعمت في هذا المجال إنشاء صندوق معالجة مشكلات الفقر والتخفيف من وطأته وتبرعت له بمبلغ بليون دولار أمريكي مساهمة منها في هذا الصندوق، كما قدمت عبر قنوات التعاون الإنمائي مع الدول النامية المستفيدة وكذلك عن طريق المؤسسات وهيئات التمويل الدولية المتعددة الأطراف الإقليمية و الدولية والمنظمات المتخصصة مبالغ مالية عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بما يقدر بستة آلاف وستمائة وخمسة عشر مليون دولار (6615) من أجل تمويل ثلاثمائة وتسعة وستين (369) مشروعاً إنمائياً وبرنامجاً اقتصادياً في ثمانٍ وستين (68) دولة).
وأبرز معالي رئيس مجلس الشورى مبادرات المملكة لخدمة الإنسانية وتعاونها مبينا أن المملكة دأبت على المساهمة سنوياً للبرامج الإنمائية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ووكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وصندوق الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، ومنظمة الصحة العالمية، واليونسكو، ومنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الغذاء العالمي، حيث تبرع خادم الحرمين الشريفين لهذا البرنامج بمبلغ 500 مليون دولار، والصندوق العالمي لمكافحة مرض الإيدز والسل والملاريا وقد أعلنت عن مساهمتها في هذا الصندوق بمبلغ (18) مليون دولار، ودعمت مادياً ومعنوياً بأكثر من (24) بليون دولار لما يزيد عن أربع عشرة (14) مؤسسة ومنظمة تنموية متعددة الأطراف كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومختلف البنوك والمصارف الإنمائية إقليميا ودولياً.
وأشار معاليه على الصعيد الاقتصادي والمالي إلى ما يشهده العالم في الآونة الأخيرة من أزمة مالية حادة أعقبها صدمات اقتصادية عنيفة عانى منها الجميع وقال: (قد كشفت هذه الأزمة عن بعض الجوانب السلبية، وعن الخلل في الرقابة على القطاعات المالية مما أدى إلى الانتشار السريع للأزمة وتفشي آثارها، مما أوجد حاجة ماسة لتطوير مؤسسات وأنظمة للرقابة على القطاعات المالية العالمية، فقد انتهت مرحلة من مراحل النظام الاقتصادي والمالي العالمي وبدأت مرحلة جديدة تتشكل، ونأمل أن تتسم هذه المرحلة بالموضوعية المحققة للاستقرار المالي والأمن الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي لشعوب العالم).
وأضاف: (مما يبعث على التفاؤل في الخروج من الأزمة توفر الإرادة السياسية لقادة دول العالم - خصوصاً الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي - لاحتوائها والحد من آثارها، وقد ركزت المملكة في رؤيتها للأزمة المالية على أهمية أن تقوم الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية بمسؤولياتها الخاصة تجاه الدول النامية وخاصة الفقيرة منها والتي عانت أكثر من غيرها من آثار الأزمة).