Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/04/2009 G Issue 13340
الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1430   العدد  13340
إرهاب برائحة الموت!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

 

أثارت تصريحات محمد بن عتيق العوفي، أحد القادة الميدانيين السابقين لتنظيم القاعدة، وأحد أفراد قائمة الـ(85) التي أعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية، سطوراً بالغة الألم فيما يتعلق بقضايا عديدة - خلال حديثه عبر الشريط التلفازي والذي بث قبل أيام -، لعل من أهمها على الإطلاق....

.... حينما أشار إلى أن أجهزة استخبارات إقليمية وأحزاباً خفية وأناساً غير معروفين يقودون المخططات الإجرامية التي تستهدف السعودية، وتسعى إلى زعزعة استقرارها، وإشغالها بالحرب على الإرهاب لتمارس الطعن في الظهر.

وقد كشفت اعترافات العوفي تداخل وتشابك مصالح ونفوذ عديدة القوى، والمؤثرة على مجريات الساحة، ومنها: إيران، التي كانت ولا تزال تساهم وبرعاية أطراف خارجية كالحوثيين، فاختطفت القاعدة لخدمة مصالحها، هذا من جهة. ومن جهة أخرى لإلحاق الأذى والتخريب والمس بأمن الوطن واستقراره والنيل من مقدراته وجر أبنائه إلى دهاليز مظلمة. وهو ما أشار إليه - النائب الثاني ووزير الداخلية السعودي - الأمير نايف، في أحد تصريحاته، حين أكد على أن: (عمل هؤلاء الشباب عمل منظمات، وليس عمل أفراد).

من جانب آخر: فإن تفكيك الخطاب التكفيري الذي يتسم بالأحادية والانطواء ورفض الآخر وعدم قبول التعددية في إطار الثوابت الدينية والوطنية مطلب مهم ولا شك، حتى لا تغلغل تلك المصطلحات المنحرفة لقضايا التكفير والجهاد واستباحة دماء المعصومين والمستأمنين في عقول الشباب. بل المطلوب هو حلحلة هذه القناعات وتعريتها، ومحاصرة مغذياتها الفكرية التي تكمن في اعتماد هؤلاء الشباب على كتب لا يعرف منهجية مؤلفيها، وليس لهم باع في العلم، فانحرفت تلك الكتب بهم إلى تبني آراء فاسدة ومقولات شاذة وفتاوى جانحة، أدت بهم إلى مزيد من الضعف. لاسيما وأن السمات الظاهرة لفكر الغلو تتمثل في: حداثة أعمارهم وخفة عقلهم وقلة علمهم الشرعي.

ثم إن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني بمختلف أطيافه، ومن ذلك: لجان المصالحة، لمحاربة هذا الفكر الهدام أمر في غاية الأهمية. لاسيما وأن نسبة العائدين إلى اعتناق الفكر الضال بعد أن تمت مناصحتهم تبلغ نحو (10%) فقط. وحول هذا المعنى يضيف - السفير الأمريكي - (فراكر)، أثناء انعقاد المؤتمر القومي للعلاقات الأمريكية - العربية: (إن المملكة تمكنت من هزيمة القاعدة، وهي التجربة الوحيدة التي هزمت فيها القاعدة، ليس بالوسائل الأمنية وحدها، وإنما بالحوار الديني والفكري). وأضاف: (أعتقد أن تجربة السعوديين في مواجهة القاعدة، تستحق أن تدرس بعناية كنموذج على سبل مكافحة الإرهاب، لتطبيقها في دول أخرى). ونقلت مجلة (نيوزويك) عن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (مايكل هايدن)، أمام معهد فكري نهاية العام الماضي، قوله: (تولت وزارة الداخلية السعودية ما يمكن اعتباره أكثر برامج مكافحة التطرف فعالية على المستوى الدولي).

أهم ما يمكن إضافته فيما تبقى من مساحة، هي: الإشارة إلى كلمة - خادم الحرمين الشريفين - التي ألقاها - قبل أيام - أمام مجلس الشورى، إلى أن ثمة أهداف عالمية وإقليمية مشبوهة تشكل تحديات أمام الأمة، تضاف إلى التحديات الأخرى المتصلة بواقع الفرقة والانقسام الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية.



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد