شهدت تجربة مبكرة في عالم الصحافة الورقية، كنت في السنة الأخيرة من الثانوية العامة حين نشر لي أول موضوع صحفي، اعتقدت حينها أنها نهاية العالم!
كان التجديد في الصحافة الورقية سريعا، أو كنت أعتقد أنه كذلك حينها، مرت سنوات الجامعة بسرعة و(الإغراء الصحفي) لا يمكن إلا أن أتذكره بحب جم.
ولمرة جديدة وجدت المسار يتحول من الجانب الصحفي إلى الجانب التقني، لكن هذه المرة في شبكة الانترنت.
كان بعض الزملاء يرونه ابتعادا عن الصحافة، وكنت أجده توجها إلى صحافة أخرى، وخلال سنوات شاركت فيها في بناء مجموعة من المواقع العربية وإداراتها، ظلت التقنيات تتسارع بشكل مذهل ومغر، وطريق الصحافة الإلكترونية يتطور في تجاربه.
دخلت الإنترنت إلى قاموس لغات العالم دون ترجمة، وأصبحت البروتوكول الذي يحوي كل بروتوكولات الاتصال في العالم، وولد جيل جديد هو الإعلام الرقمي من رحم هذه الشبكة.
وفي فترة قصيرة أصبحت الإنترنت أهم مورد للأخبار والمعلومات في التاريخ، كما أصبحت محفزا على الإبداع والابتكار. واستطاعت أن تثبت أنها قوة بالغة الفعالية في توفير الحرية لنحو بليون ونصف إنسان.و لتصبح حرية الإنترنت فرع من حرية التعبير التي يصونها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حين أسست شبكة الإنترنت في نهاية الستينيات كان من اشتركوا في تصميمها يضعون في اعتبارهم شبكة خاصة أمريكية للاتصالات العسكرية تؤمن استقرار عملية القيادة والسيطرة والاتصال في حال التعرض لهجوم نووي من قبل الاتحاد السوفيتي حينذاك?..? لم يخطر ببال هؤلاء أن تتحول هذه الشبكة لتكون محور التنمية والتقدم والعلاقات والإعلام في العالم?!.
لم يخطر في بالهم أن مواقع إلكترونية اليوم تقدم لمرحلة إعلام جديد على المستوى الدولي يزاحم الإعلام التقليدي، وفي عام 1994، دشنت صحيفتا ديلي تليجراف والتايمز البريطانيتين نسختهما الإلكترونيتين على الإنترنت. وتضمن موقع التايمز ندوة نقاش تفاعلية، إلا أنها كانت خدمة نصية متواضعة.نفس الصحف توجه استثماراتها اليوم بشكل مثير لمواقعها الإلكترونية،ونفس الصحيفة نشرت قبل أيام تقريرا عن الصحافة الإلكترونية بعنوان (طويت الصحف).في إشارة إلى عصر الصحافة الإلكترونية الذي يهدد مستقبل الورق.
وخلال وقت قصير للغاية انتشرت الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت، لتصل إلى 1562 صحيفة بعد أقل من 3 سنوات،فيما تضاعف الرقم عشرات المرات مع منتصف العقد الحالي.
وفي العامين الأخيرين تحولت نحو 15 مطبوعة رائدة في الولايات المتحدة إلى نسخة إلكترونية بالكامل.
إن التطورات المتلاحقة في المشهد الصحفي وتحديدا الورقي سريعة للغاية، وفيما يتزايد الجدل بخصوص إقصاء الصحافة الإلكترونية لنظيرتها المطبوعة، إلا أن الإنترنت بالتأكيد ستبقى ضمانا لاستمرار وتطور صناعة ومستقبل الصحافة المكتوبة، بغض النظر عن وسيلة إيصال المعلومة أو المقال.
الى لقاء..