د. حسن الشقطي (*)
أغلق سوق الأسهم الأسبوع الماضي عند 4717 نقطة رابحاً 74 نقطة، ليصل إجمالي مكاسبه الشهرية إلى حوالي 332 نقطة.. ولكنه لا يزال خاسرا لحوالي 86 نقطة خلال الربع الأول من هذا العام.. ومع ذلك، فإن السوق يبدو إيجابياً على المديين الأسبوعي والشهري في سياق موجة صاعدة متدرجة بشيء من الثبات.. والتي يعتقد أنها كلما تباطأت كلما ازداد المؤشر فيها ثباتا، وبالتالي كلما تمكن من اختراق مقاومات أعلى.. وقد تعزز هذا المسار الصاعد بعدة عوامل أبرزها التحرك الإيجابي لسهم سابك والذي استعاد خلاله هذا الأسبوع مستوى 42 ريالا من جديد، أيضا تعزز المسار الصاعد بالأخبار الإيجابية المتتالية عن ظهور بوادر تحسن نتيجة خطط الإنعاش الأمريكية والأوربية، والتي أثرت إيجابا على أداء البورصات العالمية.. أما ما هو أهم، فإن السوق قد امتص جزءاً كبيراً من التداعيات السلبية للأزمة العالمية على أداء المصارف المحلية وأيضا على قطاع البتر وكيماويات.. وبالتالي فقد أصبح قادراً بالفعل على تقصي الاستجابة لأي محفزات إيجابية مهما كانت ضئيلة، على سبيل المثال التصريحات الرسمية لمسؤولي شركة سابك والتي أعطت دفعة قوية للمؤشر والسوق ككل رغم أنها انطوت على أخبار ليست إيجابية ترتبط بوحدة البلاستيك.
سابك والمسار الصاعد..
ليس بجديد أن يشهد السوق انتعاشا ومسارا صاعداً جديداً مع بدء بورصة المزايدات على نتائج أعمال شركة سابك، وهذه المرة البورصة لا تسير بشكل عشوائي بل تسير مستخدمة لتصريحات رسمية من أعلى قمة الهرم القيادي للشركة، فالإعلان عن توقع تحسن أوضاع الشركة ومن ثم تحسن نتائج أعمالها خلال الربع الأول من هذا العام، يبدو مريحا وبخاصة في مثل هذه الفترة التي تزداد فيها المخاوف من نتائج أعمال الشركة.. إلا أن هذه التصريحات قد عززت عمليات المضاربة (ولن نقول الاستثمار) في سابك، فسهم سابك خلال فترة ما قبل النتائج الربعية الأربعة لعام 2008 طرأت عليه مضاربات شرسة بهدف استغلال الشائعات حول نتائج أعمال الشركة.. وفي كل مرة كان السهم يربح نسبا عالية، ثم لا يلبث أن يخسرها بمجرد الإعلان عن نتائج أعماله.. لذلك فإذا كان لسهم سابك دوراً كبيراً في المسار الصاعد الحالي، فإن الشكوك تدور بقوة حول استمرار هذا المسار عندما يتم الإعلان فعلياً عن
نتائج أعمال الشركة، وبخاصة مع توقع خسارة السهم لغالبية مكاسبه حينئذ.
سهم عذيب يثير الجدل
من الأمور التي أثيرت هذا الأسبوع هو انسحاب المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من شركة اتحاد عذيب للاتصالات حسب ما أشارت إليه قوائم كبار الملاك.. مما يعني تدني ملكية المؤسسة في الشركة عن مستوى 5%.. وهنا تثار تساؤلات مهمة..
أولاً: من المعروف أن المؤسسة ليست مستثمراً عادياً بالسوق بل مستثمر استراتيجي، فلماذا لم تكن من المؤسسين؟
ثانياً: ما دوافع ظهورها في قوائم كبار الملاك ثم اختفائها رغم أن السهم لم يتم يومه العاشر بالسوق؟
ثالثاً: هل يمكن القول بأن التغير في نسبة ملكية المؤسسة في سهم عذيب قد لعب دورا في التغير في سعر السهم خلال أيامه الأولى بالسوق؟
هل السوق فعليا في حاجة لإعلان قوائم كبار الملاك فوق مستوى ال2%؟
أما ما هو أهم فإن ظهور مؤسسة التأمينات ثم اختفائها من قائمة كبار الملاك لشركة عذيب أثار بقوة من جديد الجدل حول مدى كفاية نسبة ال5% كشرط لإدراج اسم المستثمر ضمن قائمة كبار الملاك، فمثلا لو انخفضت ملكية المستثمر من 5% إلى 4.5% فهل سيحذف اسمه من قائمة كبار الملاك.. وماذا لو كان كافة كبار الملاك في شركة معينة يمتلكون نسبا في حدود 4.5% في هذه الشركة؟، فإن أسماءهم
جميعا لن تظهر على قائمة كبار الملاك.. وعلى هذا، فإننا يمكن أن نقرر أنه رغم الإنجاز الكبير في الإفصاح عن قوائم كبار الملاك، إلا إن هذا الإفصاح لم يعد مكتملاً، بل فتح شهية المتداولين وتطلعهم لما هو أكبر.. فكثير من المستثمرين يتطلعون الآن إلى تقليص سقف نسبة الملكية ليكون عند 2 أو 3%.. كما يتطلعون إلى نشر كافة قوائم كبار الملاك سواء الذين تزيد نسب ملكيتهم عن هذه النسبة أو على الأقل نشر أعلى خمسة ملاك طالما نسب ملكيتهم تزيد على 1% ولا تقل عن 10 ملايين ريال مثلا.
لأول مرة.. الشركات تشتري والأفراد يبيعون:
يشير تقرير التداول حسب تصنيف الجنسية ونوع المستثمر لشهر مارس الماضي إلى مفارقة غريبة بالنسبة لمتغير قيمة التداول، حيث يوضح أن نسبة شراء الشركات وصلت إلى 3.7%، في حين أن نسبة بيعها وصلت إلى 2.2%.. على النقيض فإن الأفراد باعوا ما نسبته 92.4%، في حين اشتروا ما نسبته 90% فقط.. أي أن الشركات اشترت أكثر مما باعت.. في حين أن الأفراد باعوا أكثر مما اشتروا، وهو ما يعطي انطباعا إلى أن هناك شراء استثماريا من جانب الشركات في السوق.
عدم الانخداع باستمرارية المسار الصاعد على الدوام:
استغلال المسار الصاعد الحالي مطلوب ولكن ينبغي عدم الانخداع وراء المروجين لمسار صاعد دائم ومستمر.. فالسيولة المتداولة لا تزال دون المستوى الذي يدعم القول إن هناك دخولا أو تجميعا طويلا في الأسهم القيادية كما يروج البعض الآن فكل هذا الكلام يبدو استمرارا لسياسة التغرير بصغار المستثمرين وقليلي الوعي بالسوق.. فحتى دخول الشركات الآن فإنما هو دخول استثماري في شركات منتقاة ولا يؤثر كثيرا نظرا لصغر قيمته.. إن الدخول الاستراتيجي المؤثر في السوق إنما هو دخول الأفراد الذين يمثلون أكثر من 90% من حركة التداول.. فعلى سبيل المثال عندما صعد مؤشر السوق بنسبة 1.5 % يوم الثلاثاء الماضي لم تزد السيولة المتداولة في هذا اليوم عن مستوى 3.4 مليار ريال، وهو مستوى متدن وضعيف ولا يمكن تصديق أن مثل هذه السيولة المتدنية قد تخللها دخول استراتيجي أو طويل للسوق. لذلك فإن من يروجون لمستويات الـ9000 نقطة فإنهم يخدعون أنفسهم أولاً.. لأن مثل هذا المستوى إن وصل إليه المؤشر الآن فإنه سيكون على وشك التسبب في خسائر أشد قسوة لمئات الآلاف من صغار المستثمرين من جديد.. فمؤشر 2009 قد أسس قاعه عند مستوى 4130 نقطة، وبالتالي فإنه مهما صعد خلال هذا العام فإنه سيكون قريباً منه.. ولنا عبرة عندما صعد المؤشر من 6767 إلى ما فوق الـ11000 نقطة، فقد عاد إليها وإن طال أمده، إن الأمر أصبح تاريخا يعيد نفسه.. لذلك، ينبغي الاستفادة من المسار الصاعد وعدم الانخداع به.
(*) محلل اقتصادي