ظهر الأخضر كبيراً في طهران.. ظهر الكبير السعودي بأفضل حالاته ليحوّل تأخره بهدف إلى فوز مدوٍّ في القارة الآسيوية.. عاد منتخبنا الوطني قوياً وقادراً على مقارعة الكبار والفوز عليهم في عقر دارهم.. عاد الصقور الخضر للطريق الصحيح نحو المنافسة الجادة والحقيقية على إحدى بطاقات التأهل لمونديال جنوب إفريقيا.. محاولة جديدة للمنتخب السعودي وإن كانت متأخرة للوصول الخامس على التوالي..
أمام إيران تأكد لنا كل ما كنا نقوله ونطالب به.. كتبت كثيراً وتحدثت أكثر حول قيمة ومكانة الكرة السعودية وقدرتها على منافسة الكبار خارج القارة الآسيوية.. طالبت كثيراً بالأجهزة الفنية الأجنبية المتمكنة واللعب في أيام (الفيفا) مع منتخبات قوية من مختلف دول العالم.. أكَّدنا على ضرورة الإيمان بقدراتنا وإعادة تحديد أهدافنا وصياغتها من جديد.
نحن لا نريد الفوز على دول الجوار ومَن في مستواهم نحن لا نفرح بالفوز على مَن هم في مستوانا أو قريب منه نحن قادرون على التقدّم أكثر من ذلك لدينا كل الإمكانات لنقدّم منتخباً قوياً مشرّفاً في المحافل الدولية.. هكذا ننظر إلى منتخبنا، على عكس ما يراه البعض ويهلّل له ويطبل لكل الخطوات أياً كانت.. قلنا مراراً وتكراراً نريد مدرباً قديراً وبرامج منظمة وتخطيطاً سليماً لنكون في موقعنا الطبيعي..
بالأمس أكَّد الأخضر أمام إيران صحة كل ذلك، فبمدرب لم يتجاوز عمله الأسبوعين ظهر معه فريقنا مختلفاً وقوياً ومنظماً ًومشرّفاً..
بالأمس كان الأخضر في أفضل حالاته الفنية.. تخيّلوا لو أن هذا الوضع كان منذ سنتين أو منذ نهائيات كأس العالم الماضية (مثلاً) كيف سيكون المنتخب السعودي والكرة السعودية عموماً الآن... التجارب أكَّدت أن الأندية والكرة السعودية قادرة على التفوّق والانتصار على الكبار وتشريف الوطن.. في كل المحافل.. فقط يجب أن نؤمن بذلك ونعمل له ونفكر بطريقة مختلفة عن الآخرين.. نعم نحن نختلف عن كل من نفوز عليهم.. ولا يسعدنا الفوز عليهم مطلقاً رغم أهميته.. وأتحدث هنا بشكل عام وليس عن اللقاء الماضي..
فأمام إيران قدَّم بوسيرو في أيام ما لم يقدّمه غيره في سنوات.. الكرة اليوم علم قائم بذاته وليست رغبات وأهواء وعاطفة تجاه هذا أو ذاك، ولأنها كذلك فقد شاهدنا أداءً منظماً وكرة حديثة ولعباً من لمسة واحدة وانتشاراً ممتازاً وعناصر شابة وكل ما يدعو للتفاؤل والسعادة لمستقبل الأخضر.. في طهران وضعنا الخطوة الأولى الصحيحة على طريق المونديال وقد توفّق ونواصل المشوار وقد لا يحدث ذلك لا سمح الله.. لكن العمل يجب أن يستمر والطموح يجب أن لا يتوقف والمهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة..
** بوسيرو قدَّم شهادة تفوّقه في المباراة.. قبلها وأثناءها وبعدها.. فقبل المباراة اختار أفضل العناصر الجاهزة التي تتفق مع طريقته الفنية.. ففاجأ الجميع بمحمد نامي في الظهير الأيمن والزوري في الظهير الأيسر رغم وجود عبد الغني.. ثم اللعب بطريقة متوازنة وهو يلعب خارج أرضه وكذلك اللعب برأسي حربة فعَّالين كان أحدهما الشاب نايف هزازي الذي كان مفاجأة سعيدة بمستواه الكبير لكل الجماهير الرياضية... بوسيرو أيضاً تحرَّك تكتيكياً في المباراة وبشكل أكثر من رائع.. فلم ينكمش أو يدافع في ملعبه بطريقة بدائية، بل لعب كما يلعب الكبار والأقوياء الدفاع عند فقد الكرة والهجوم عند الاستحواذ عليها.. وجاءت تدخلاته في الشوط الثاني ممتازة حين أشرك تيسير الجاسم في الجناح الأيمن مكان نور الذي حوله للعب خلف المهاجمين بعد أن أشرك صالح بشير مكان الشمراني.. وبهذه الطريقة فعَّل الهجوم وزاد الضغط على الإيرانيين وأبعد الخطورة عن مرماه.. وحتى الهدف الإيراني كان من تسديدة من خارج المنطقة ما يؤكّد تكتيكه الدفاعي الجيد..
إذاً الأخضر السعودي قادر على المنافسة بقوة على التأهل لكن المشوار ما زال طويلاً وأتصور أن لقاء الغد أمام المنتخب الإماراتي الشقيق سيكون صعباً جداً مقارنة باللقاء الماضي.. فالطريقة المفتوحة التي لعب بها الإيرانيون لن تتكرر غداً ما يجعل لاعبينا مطالبين ببذل جهد أكبر في بناء الهجمات وصناعة اللعب وفك التكتلات المتوقّعة.. وإذا ما حصلنا على النقاط كاملة بحول الله وقوته فسيكون لنا كلمة أقوى أمام الكوريتين.
لمسات
** محمد نامي جاء يطل.. غلب الكل.. هكذا نال المجتهد محمد نامي جائزة أفضل لاعب أمام إيران.. نامي كان رائعاً في تحركاته وتغطيته ليؤكّد للجميع أن عمل كوزمين مع الهلال لم يذهب هباءً.. فقد أهدى للكرة السعودية ظهيرين عصريين على أحدث طراز.
** الروح العالية والإصرار الكبير اللذان كان عليهما نجومنا أمام إيران مؤشر ممتاز على الإعداد النفسي الممتاز الذي سبق المباراة وساهم في ظهورهم بهذا المستوى المتميز.
** نايف هزازي نجم كبير قادم للكرة السعودية وبشكل مختلف عن كل المهاجمين.. فهذا اللاعب يجيد التحرّك والتمركز والتسديد وضربات الرأس، باختصار مهاجم على الطريقة الأوروبية، فشكراً لمن قدَّم هذا النجم وبهذا الشكل.
** جورج ليكنز مدرب خططي أكثر من ممتاز خصوصاً إذا ما درَّب فريقاً كالهلال لديه كل الأسلحة المطلوبة لمدرب كرة القدم.. لذا أعتقد أن الهلال خسره بالفعل بسبب عدم قبوله عقداً لمدة ثلاثة أشهر..!