Al Jazirah NewsPaper Tuesday  31/03/2009 G Issue 13333
الثلاثاء 04 ربيع الثاني 1430   العدد  13333
شيء من
جمعية حقوق الإنسان والتقرير الجريء
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

لا تملك وأنت تقرأ (التقرير الثاني) الذي أصدرته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة إلا أن تشعر بالفخر وأنت تعاصر هذه النقلة النوعية، والجريئة، التي خطتها البلاد في الداخل فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته تشعر أن الأفق القادم يحمل الكثير من الإرهاصات للرقي بهذه المجالات التي تحمل الكثير من بشائر التطور والتحديث في مثل هذه القضايا الإنسانية.

بدءاً لابد من القول إن الجهة التي أصدرت القرار (جمعية سعودية)، تعمل من الداخل، ومرخص لها بموجب الموافقة السامية رقم 24-2 في تاريخ 18-1-1425هـ الموافق 9-3- 2004م، أي أنها إحدى مؤسسات المجتمع المدني (النظامية) التي بدأت تتبلور في الداخل، وتقوم بمهماتها المدنية على أرض الواقع.

أما ثانياً فقد كان البيان إضافة إلى جرأته، وموضوعيته، وأمانته في الطرح، مستوفياً إلى درجة غير مسبوقة، وربما مفاجئة، كثيراً من الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في المملكة، كما يعتبر - في تقديري - تطوراً لا تُخطئهُ العين في هذا المجال الذي يعتبر (جديداً) على ثقافة الإنسان السعودي، وبالذات إذا نظرنا إليه من زاوية (اقتحامه) لكثير من القضايا الحقوقية التي كان الحديث عنها في الماضي يعتبر خطاً أحمر لا يتجرأ أحد على ملامسته، فضلاً عن تخطيه.

تطرق التقرير بالنقد الموضوعي، وأحياناً (اللاذع)، إلى أغلب الجهات الحكومية التي لها احتكاك مباشر بالإنسان، ابتداء من الجهات الأمنية، ومجلس الشورى، والجهاز القضائي، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإعلام وتحديداً هيئة الصحفيين، وديوان المراقبة العامة، وحتى مؤسسة النقد. وكانت لغته رصينة، ومتزنة، وفي الوقت ذاته حازمة ومحترفة، بالشكل الذي جعله يضاهي في الطرح والتناول والمعالجة، تقارير الجمعيات العالمية ذات الخبرة الطويلة في مجالات حماية حقوق الإنسان، التي تنتشر وتتكاثر في كل أنحاء العالم، وبالذات في المجتمعات الأكثر رقياً وتطوراً وشفافية في متابعة مثل هذه القضايا الحقوقية.

ولعل أهم النقاط التي تعتبر جريئة، وهامة، وجديدة على الواقع السعودي ما جاء في بعض التحليلات التي علقت على هذا التقرير، فقد أشارت (جريدة السياسي الإلكترونية) على الإنترنت إلى أن التقرير طالب بوضوح وبلغة مباشرة: (بتعديل نظام ديوان المراقبة العامة، ومنحه حق التحقيق مع أي مسؤول حكومي يتهم بالفساد، وتبديد المال العام، وكذلك سرعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز هيئة الرقابة والتحقيق، ومنح مجلس الشورى صلاحيات رقابية، (سابقة ولاحقة)، على كافة الأجهزة الحكومية (دون استثناء)، وتحديد إجراءات جزائية صارمة، واتخاذ (الشفافية) مبدأ في الكشف عن الفساد، وعقوبات المتورطين فيه). ولا شك أن هذه النقطة (بالذات) فيما لو تم تنفيذها بالفعل ستصبح محل ترحيب من كل الفعاليات الوطنية، وستكبح جماح الفساد، وستساعد على محاصرته في أضيق نطاق.

من جهة أخرى فإن كون هذا التقرير صادرا من جمعية سعودية في الداخل، ومرخص لها، سيسحب البساط من تحت أقدام كثير من (الأدعياء) الذين يعملون في الخارج، ويتمولون من جهات مشبوهة، ويتذرعون بحماية حقوق الإنسان، لتمرير أجندة تسعى إلى هدم أركان الوحدة الوطنية، وهذه نقطة جوهرية تحمل من الدلالات الكثير.

ورغم أن التقرير نشر في بعض وسائل الإعلام المقروءة في الداخل، وفي موقع الجمعية على الإنترنت، وصار حديث مجالس النخب في المملكة، إلا أن تجاوب الجهات الحكومية مع هذا التقرير، وما أثاره من انتقادات، كان في رأيي أقل وبكثير مما كان متوقعاً. وهذا ما سوف أتطرق إليه في مقالي القادم.. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد