Al Jazirah NewsPaper Tuesday  31/03/2009 G Issue 13333
الثلاثاء 04 ربيع الثاني 1430   العدد  13333

دفق قلم
قمة الدوحة وفسحة الأمل
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

لا تزال الأجواء العربية والإسلامية التي تعقد فيها مؤتمرات القمة العربية مفعمةً بالأحداث والقضايا القديمة والجديدة، والمسائل العالقة التي تعاني من عدم الحسم، والقرارات المحبوسة على رفوفها التي تعاني من عدم التطبيق والتنفيذ، فإذا أضفنا إلى ذلك الأوضاع العالمية المزعجة اقتصادياً وسياسياً تبيَّن لنا مدى الصعوبة التي يواجهها مؤتمر القمة العربي الذي تستضيفه الدَّوحة في هذه الفترة.

لقد لاحت في مؤتمر الكويت الاقتصادي الذي عُقد في التاسع عشر من شهر كانون الثاني 2009م، بوادر مشجعة للصلح بين بعض الدول العربية، ولاقت كلمة خادم الحرمين الملك عبدالله صدىً إيجابياً كبيراً؛ لأنها كانت صريحةً في الحديث عن الوضع العربي الإسلامي المؤلم، ولكنَّ تلك البوادر المشجعة لم تستطع عبور مضايق الخلاف التي واجهتها.

إنَّ القضية المستمرة التي تواجهها جميع مؤتمرات القمة العربية هي (المصالحة العربية الشاملة)، وهي أخطر قضية تواجهها مؤتمرات القمة؛ لأن الخلافات العربية حاجز مستمر في طريق تنفيذ القرارات، وتحقيق المصالح الإقليمية والدولية، ولو استطاع الحكام العرب أن يعالجوا هذه المشكلة، ويتخلَّصوا من هذه المعضلة في مؤتمر الدوحة لكان ذلك نجاحاً باهراً يستحق أن نحتفل به جميعاً، وإننا لنرجو وندعو أنْ يحقق الله سبحانه وتعالى لهذا الكيان العربي المشتَّت المختلف مصالحة صحيحة تقضي على داء الاختلاف العُضال الذي يعاني منه جسد الوحدة العربية.

إنَّ الأوضاع العربية في ظل الأجواء القاتمة بعد مذبحة غزَّة، وعدم قدرة المتفاوضين الفلسطينيين على تجاوز نقاط الخلاف الجوهرية، وقرار محكمة الجنايات الدَّولية (المتحامل الظالم) في شأن القبض على الرئيس السوداني عمر البشير الذي أعلنه أوكامبو، وأصبح الآن قراراً خطيراً بعد أن تخلَّت الولايات المتحدة عن تحفظاتها على المحكمة الجنائية الدولية، إنَّ ذلك كلَّه يؤكِّد أن مسؤولية مؤتمر القمة العربية في العاصمة القطرية مسؤولية كبيرة وخطيرة.

إنَّ ملفّ القبض على رئيس دولة عربية كبرى مستقلِّة يعد ملفَّاً بالغ الصعوبة؛ لما يحمله من إشارات صريحة إلى وجوب تسليم الرئيس السوداني نفسه للمحكمة، أو تفعيل موضوع القبض عليه، ومطاردته لتنفيذ حكم المحكمة، وفي هذا من الإساءة إلى الأمة الإسلامية، والإحراج للدول العربية والإسلامية ما لا قبل لمؤتمر القمة به وبنتائجه السيئة.

هكذا تلوح لنا في أفق عالمنا العربي والإسلامي غيوم كثيفة من القضايا والمشكلات والقرارات الدولية تشعرنا بالقلق على قضايانا الكبرى، واستقرار منطقتنا العربية بالذات، ومن يتابع ما يكتب ويقال في وسائل الإعلام العربية يدرك مدى القلق الكبير الذي تعاني منه الشعوب العربية تجاه هذه القضايا العالقة التي لم تستطع المؤتمرات العربية أن تتخلَّص منها على مدى سنوات طويلة يحدِّدها بعض المحللين السياسيين بالفترة ما بين 1964م حيث عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة و2009م حيث عقد مؤتمر القمة في الدوحة في قطر.

ومع كل ما نراه من هذا الركام من القضايا والمشكلات فإننا لا نفقد الأمل في أنْ يفتح الله سبحانه وتعالى لأمتنا باباً من أبواب الخلاص والنجاة، فإن الأمل يظل مشرقاً برغم قسوة الألم.

إشارة :

أعلِّل النفس بالآمال أطلبها

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد